2- نجيب محفوظ
محمد المساح
نهاية الضحك
“جمعتنا الصداقة والنساءة وتواعدنا في تلك الحارات وذيول الليل تهبط ولا هدف لنا إلا الانشراح للمزاح الضحك باللقاء والاستسلام على طريقة القافية وتبادلنا النكات وأخذنا نتحول إلى أشباح في الظلام وتعارفنا بأصواتنا ولم نكف عن المزاح والقافية وانطلقت قهقهتنا ترج الجدران وتوقظ النيام.
الحارة متعرجة ونحن نتقارب حتى لا نذوب في الظلمة وكلما تمادينا في الحيرة غالينا في الضحك وبدأنا نتساءل حتى نجد خلاصنا في ميدان أو شارع كبير وذكرنا أحدنا بأن الملكة الفرعونية التي أرادت الانتقام من الكهنة الذين قتلوا زوجها دعتهم إلى مكان يشبه الذي يغبطونا فيها وسلطت عليهم المياه.. وما كدا يفرغ من حكايته حتى هطلت السماء علينا بقوة غير معهودة وأسكتنا الرعد ومضت المياه ترتفع حتى غطت أقدامنا وزحفت على سيقاننا وشعرنا بأننا نغرق تحت المطر في ظلام الليل ونسينا نكاتنا وضحكاتنا ولم يعد لنا من أمل في الخلاص نطير في الفضاء.
السجن
أخيرا حضر الوزير الجديد فقدمت له نفسي باعتباري سكرتيره البرلماني ولكنه لما نهرني بحده وأمر بنقلي من وظيفتي وهكذا بدأت المعاناة في حياتي ثم شاء القدر أن يجمع بيني وبين الوزير في مكان خير موقع وهو السجن وبعد أن أفقت من ذهولي أخذت أذكره بلقائنا الأول وما جرى فيه حتى تذكر وتأسف واعتذر وانتهزت وجودنا في مكان واحد كي أشرح له عمل السكرتير البرلماني.
مالكه فؤادي
من موقفي على الطوار أرسلت بصري إلى الحديقة من خلال قضبان السور الحديدية وهناك رأيت مالكة فؤادي وهي توزع الشكولاتة على المحبين فاندفعت جهة باب السور حتى بلغت مدخل الحديقة وأنا ألهث وواصلت الجري في الداخل ولكني لم أعثر للمحبوبة على أثر فهتفت بحدة لاعنا الحب.. وحانت مني إلتفاته إلى الخارج فرأيت الفتاة في الموضع الذي كنت فيه وهي تتأبط ذراع شاب بدأ أنه خطيبها وهممت بالرجوع من حيث أتيت ولكن أقعدني الإرهاق وطول المسألة وفوات الفرصة. ” من كتاب أحلام فترة النقاهة”