اعتراض القضاة واضرابهم عمل غير مشروع
أحمد محمد الأبيض ـ المحامي

الأصل في عمل القضاة هو موافقته للقانون ومطابقته له وذلك لأن المهمة المناطة بالقضاء وهي سامية ونبيلة هي تطبيق القانون على المنازعات المطروحة عليه فمهمتهم محددة بالقانون لا يتجاوزه أو غض الطرف عنه ولذلك فإننا نقول أن ما خالف القانون من عمل القضاة كان مصيره النقض والبطلان .
ذلك من الناحية الرسمية المهنية أما من ناحية السلوك الاجتماعي العام فإن المفترض في سلوكهم الاجتماعي أن يكون سلوك القدوة حيث يفترض فيهم الالتزام بالقوانين التي تنظم النشاط الإنساني الاجتماعي والحياتي اليومي لا مخالفتها بأي حال من الأحوال وسلوك أي منهم بالمخالفة لتلك القوانين الاجتماعية ينزل المخالف من مرتبة القدوة إلى أقل من مرتبة العوام .
وسواء أكان الأمر من الناحية المهنية الرسمية أو من الناحية الاجتماعية فإن المفترض في السلوك الاجتماعي والمهني لأفراد المجتمع الواحد هو التزام جانب القانون وعدم الحيدة عنه وذلك هو المفترض في سلوك القضاة من باب أولى .
وفي هذا الصدد فإننا نتساءل عن مدى موافقة اعتراض بعض القضاة الشباب واحتجاجهم على تعيين نسبة من المحامين وأساتذة القانون في مجلس القضاء وهو الإقتراح الذي تبناه فريق بناء الدولة في الحوار الوطني وهو اقتراح راق يؤدي بالضرورة إلى المساهمة بإصلاح القضاء ومدى موافقته للصواب أو مجانبته له ومدى مشروعية إضرابهم عن القيام بأنبل عمل وهو إقامة العدل وما إذا كان ذلك الاعتراض والإضراب لائقا بهم في المكانة الرفيعة التي بوئوها فإننا ومهما تلمسنا العذر لذوي الفضيلة القضاة فإننا وبمعيار موافقة اعمالهم للقانون سواء في مسلكهم المهني أو في سلوكهم الاجتماعي لا نجد لهم عذرا لا في اعتراضهم على تعيين بعض المحامين وأساتذة القانون في مجلس القضاء الأعلى ولا في قيامهم بالأضراب والامتناع عن تحقيق العدالة .
وطالما أن اعتراضهم واضرابهم عن العمل مخالف “” لقانون ومناف للصواب ومجاف للعقل ومجانب للعدل فإنه منكر لم يسبقهم إليه أحد من أسلافهم القضاة العلماء المجتهدون ولا من أمثالهم في العالم العربي والإسلامي وبالتالي فإن اعتراضهم واضرابهم عمل غير مشروع ليس له سند من القانون ولا من الحق .
أما قولهم وتبريرهم بأن في تعيين المحامين وأساتذة القانون انتهاك لاستقلال القضاء فإن ذلك القول مردود عليه بأن معالي وزير العدل وكذلك الأستاذ النائب العام وهما من السلطة التنفيذية هما في ذات الوقت عضوين في مجلس القضاء الأعلى ولا يرى قضاتنا الأفاضل ذلك انتهاكا من السلطة التنفيذية لاستقلال السلطة القضائية .
كذلك لا يرى القضاة الكرام في إضفاء صفة القضاة على الأخوة الأساتذه وكلاء النائب العام ( أعضاء النيابة العامة ) رغم أنهم يعلمون حق العلم أن من يقوم بمباشرة الدعوى نيابة عن الغير أيا كان لا يمكن أن يكون قاضيا وإنما محاميا عاما يدعي باسم الدولة والمجتمع مع أنه يتعذر على ذي العقل السليم أن يتصور قضاة يدعون أمام قضاة آخرين . ولو قبلنا ذلك التصور لمال قضاء الحكم إلى القضاة المدعين .
ولو جاز لنا أن نساير إشاعة أن وكلاء النائب العام قضاء واقف لجاز ذلك القول على المحامين بأنهم هم القضاة الواقف حقا .
إن المحامين ليسوا أعضاء في السلطة التنفيذية وإنما فرسان العدالة والشركاء في تحقيقها وبالتالي لا يشكل تعيينهم انتهاكا لاستقلال القضاء .
فلماذا يقاوم قضاتنا الأفاضل التطور ويؤثرون الجمود والتخشب في القضاء ¿ أليس في وجود المحامين وأساتذة القانون في مجلس القضاء رديفا نوعيا وجديدا متمرسا في الرقابة والتقييم .
ألا يعلم قضاتنا الكرام ماذا في العالم من حولهم ¿
ألم يعلموا أن من بين قضاة المحكمة العليا والمحكمة الدستورية في جمهورية مصر العربية عدد من المحامين والمستشارين ¿
كذلك ألم يقرأوا أن من بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى في جمهورية السودان إثنان من المحامين تنتخبهم الجمعية العامة للمحامين لذلك الغرض .
أليس في ثقافة قضاتنا الفضلاء معلومة واحدة عن القضاء في الولايات المتحدة الأميركية وأن الشرط الوحيد لتعيين القضاة هو أن يكون قد أمضى الشخص ست سنوات متصلة في ممارسة مهنة المحاماة ¿.
وأن نقابة المحامين في الولايات المتحدة الأميركية تشترك مع كليات القانون في الجامعات في وضع وتعديل مناهج دراسة القانون في تلك الكليات بما يتواكب مع التطور التشريعي .
أليس قضاة اليوم هم زملاء الدراسة والثقافة القانونية للمحامين في الجامعة ¿ أم أن ما يميزهم عن المحامين هو شهادة المعهد العالي للقضاء ¿
إن شهادة المعهد ال
