ساعة صفر خريف الفوضى!¿
عادل حمودة
عادل حمودة –
إن جهاز الأمن السياسي ضروري في الدول الديمقراطية قبل الدول الديكتاتورية.. وإن كانت الدول الديمقراطية تضع قواعد وضوابط قانونية صارمة تضمن عدم التجاوزات التي عانينا منها.. وفجرت كل كراهيتنا
الذين نالوا من هيبة المؤسسة العسكرية باغتيال السادات يتربصون لها في أكتوبر القادم.
سامحوني إذا قدمت لكم سلة من خبز الحزن والألم والخوف من مجهول أسود مظلم.
كان بودي أن أغير قائمة الطعام.. فأضع على المائدة فطائر محشوة بنشوة الثورة.. وعصير فاكهة مضروبا في خلاط التحرير.. وقطع جاتوه عجنها الشعب بدموع فرحته بإسقاط نظام فاسد.. فاشي.. شوه كل شيء حولنا.
كان بودي أن أغير موسيقى الناي المحرضة على الشجن التي غطت غرفة الطعام بجو رمادي مقبض كئيب.
لكن.. من أين أشتري خبز الفرح وكل مخابز مصر لا تبيع إلا خبز الأحزان¿.
لقد هبطت علينا الثورة بجرعات مذهلة من التفاؤل.. فأطلقنا الرصاص ابتهاجا.. ورقصنا في الشوارع سعادة.. وبعد طول ليل خرج الفجر مضيئا.. مشرقا.. لكنه.. كان فجرا قصيرا.. خاطفا.. ساد الظلام بعده من جديد.. في حالة من الكسوف السياسي شعرنا معها بأن شمس الثورة قد توارت خلفها واختفت.
عنف.. بلطجة.. بطالة.. شغب.. تمرد.. توتر.. قلق.. سطو.. ضباب.. استفزاز.. اعتصام.. فشل.. يأس.. غضب.. تربص.. كلمات سلبية.. تنفجر أنانية.. انتهت بنا إلى شحنات من المتاعب الجماعية النفسية.
قررت مثل غيري تناول حبة في اليوم.. كي أحاول أن أنام.. كي ألغي بطريقة كيميائية حواسي الخمس.. كي أختم على أبواب ذاكرتي بالشمع الأحمر.. كي أهرب من هجمات طيور الفوضى الشرسة التي تهاجمنا بمناقيرها الحديدية القاتلة المجرمة.. لكنني.. أدركت أن حبة الفاليوم لن تنقذ بلادي مما ينتظرها.. وأن ما نحن فيه يحتاج إلى يقظة مضاعفة.. فالفاليوم وغيرها من الأقراص المنومة والمهدئة والمطمئنة هي رشوة للعقل كي يغفو في وقت نحتاج فيه إلى شدة الانتباه واليقظة.
إن هناك شعورا غالبا لدي مساحات متزايدة من حكام ومحكومين بأن هناك مؤامرة خفية تنفذ خطوة خطوة لتفجير الفوضى في الخريف الذي يطرق أبوابنا بقوة هذه الأيام.. وتتستر الفوضى وراء طهارة الثورة.. وحيوية شبابها.. وكأننا أمام قصة الذئب الذي تخفى في زي الجدة الطيبة العجوز- في قصة ذات الرداء الأحمر -ليلتهم طفلة بريئة تمثل في حالتنا الثورة.
لقد كان الثوار مشغولين بإسقاط النظام في وقت هاجمت فيه جماعات مجهولة أقسام الشرطة والسجون والمحاكم وإدارات الأحوال الجنائية وراحت تحرقها دون أن تنسي إخراج مساجينها وتهريب بعضهم خارج البلاد في نفس الليلة -كما حدث مع مسجوني حماس وحزب الله- وبشهادة عمر سليمان فإنه قد قبض على أفراد ينتمون للتنظيم الدولي للإخوان كانوا يعبثون بأمن الوطن مستغلين حالة الكراهية للشرطة ورغبة الثوار في الإجهاز عليها.
وبعد انهيار الشرطة الجنائية جاء الدور على الش