قشة مبالاة قبل الغرق بالقمامة
رشاد الشرعبي
رشاد الشرعبي –
مابين فترة وأخرى, يصر عمال النظافة على تذكيرنا بأننا ومدننا بدونهم, مجرد شوارع وأحياء وأزقة -وربما منازل- متخمة قذارة وعفن وأكوام قمامة, لنرى وجها آخر من حياتنا, لعلنا نعترف بأخطاءنا السابقة ونراجع نظرتنا غير السوية تجاه هذه الشريحة المهمة كأفراد ومجتمع ودولة.
تكررت وعود الحكومة والمحليات بتثبيتهم والتعامل معهم كمواطنين, سواءا كانت بشرتهم سوداء أو سمراء أو حتى بيضاء, لكن لا ندري سببا لإستمرار المشكلة, خاصة في العاصمة صنعاء التي رغم أجواء المطر الرائعة المسيطرة على سماءها, صار من المستحيل التجول في ارضها وشوارعها وأحياءها دون تذمر وأسف وصراع مرير مع الغثيان والاكياس البلاستيكية المتطايرة.
أشك بأن عمال النظافة وصل بهم الوعي حد المطالبة بحقوق أخرى غير التثبيت والمرتب الوظيفي الزهيد, ولم اسمع انهم يطالبون بتأمين صحي وبدل مخاطر وماشابه ذلك, بإعتبارهم, بحكم عملهم المهم والخطير بيئيا وصحيا, عرضة يوميا للأمراض المختلفة والأوبئة.
تكاد بلادنا تحتفل بعد أشهر قليلة بمرور نصف قرن على ثورة 26 سبتمبر, فيما كل الحكومات والأنظمة المتعاقبة لم تعترف بمواطنة عمال النظافة و من يعملون في وظيفة جمع القمامة وتصريفها, والتعامل معهم كمواطنين درجة أدنى رغم ما نلمس يوميا من أهمية لهم كعمال و للوظيفة نفسها.
في المقابل ظل الإهتمام نصف قرن من الزمان بشرائح ووظائف نجد على الدوام ان لا أهمية لها تذكر في حياتنا كأهمية هؤلاء ووظيفتهم, بل ونعاني غالبا مما ينفق لأجل أولئك من خزينة الدولة ومشاكلهم التي لا تنقطع.
ننتظر حلا سريعا للمشكلة وتنفيذا جادا للوعود وإستجابة فورية للتوجيهات رئيس الوزراء الاخيرة بالتثبيت الفوري, قبل ان نغرق وعاصمتنا وقبل ان تغطي أكوام القمامة على جمال صنعاء وتتحول إلى متاريس من القذارة والعفن بعد ان نجحت اللجنة العسكرية بإزالة بقايا متاريس الصراع المؤسف.
وأثق ان وزيرا المالية والخدمة المدنية الأستاذين صخر الوجيه ونبيل شمسان لديهما إهتمام كبير للحسم سريعا وإنتشال صنعاء من الغرق بين أكوام القمامة ووحل العفن والقذارة, قبل ان نبكي على مدينة تفاخرنا طويلا بتاريخها الممتد آلاف السنين تغرق بين ليلة وضحاها ويندثر جمالها ويذهب ريحها وعبقها بسبب العجز عن حل مشكلة تثبيت عمال النظافة.
Rashadali888@gmail.com