العولمة وإملاء الإصلاحات في الو طن العربي

حسن أحمد اللوزي

 - إن الحقيقة التي صار يمليها التاريخ الراهن للبشرية تتمثل أولا في انهيار الحواجز والسدود والمسافات في ما بين الشعوب والأمم التي لم تعد تقولبها الدويلات كبرت أو صغرت!!
حسن أحمد اللوزي –

إن الحقيقة التي صار يمليها التاريخ الراهن للبشرية تتمثل أولا في انهيار الحواجز والسدود والمسافات في ما بين الشعوب والأمم التي لم تعد تقولبها الدويلات كبرت أو صغرت!!
وصارت جملة أن العالم أضحى بيتا صغيرا تتردد بعفوية يقينية وبساطة كاملة كواقع معاش ملء الوجود.
والحقيقة الثانية أن هذه الأسرة الإنسانية الواحدة وهي تتشكل من شعوب وأمم متعددة الديانات والثقافات والمعتقدات والتقاليد صارت ترتبط بمصلحة واحدة تتشكل أيضا من جوهر المصالح المشتركة حيث بدا أن لا غنى لأمة أو شعب عن التعارف والتفاعل والاحتكاك بالشعوب والأمم الأخرى!!
فليست غاية التعايش السلمي وحدها المطلوبة اليوم أو المفروضة اليوم وإنما التفاعل والتعاون والشراكة إذا تيسرت السبل وقامت الأركان والأسباب المطلوبة لذلك أو القواسم المشتركة الداعية والمحفزة والموجبة له في كل المجالات والميادين.
الحقيقة الثالثة أن الكوكب الإنساني هذا وهو يتعارف ويتعاون ويتشارك صار بحاجة لمنظومة توفر الحماية له ككل ولكل جزء فيه في أية قارة أو اتحاد أو وطن!! وبالتالي فإن الوجود الإنساني وجهود المقتدرين في كوكب الإنسانية الواحدة وبخاصة من الدول المؤثرة والقادرة والغنية يتعين أن تتوجه لمساعدة الدول الأخرى الأضعف والأفقر والأكثر حاجة للنجدة والمساعدة في أية جهة أو قارة من قاراته لتحقيق الاستقرار والأمن وفرض التعايش السلمي في واحدة من الصور المقبولة بالنسبة للكيانات التابعة.
الحقيقة الرابعة أن الرؤية العادلة تتطلب اهتماما إنسانيا بكل ما يتوجه إلى كل جهات هذا الكوكب وقاراته وإذا كان الأساس لا يبدأ إلا من قاعدة محددة ومعينة فإن الأساس في الإصلاح يجب أن يقوم على تحديدات واضحة للزمن وموضوعاته والمساحات الجغرافية التي سوف يتم العمل فيها ومن خلال اجتياز التواؤم الثقافي والتكويني ومواجهة التحديات الواضحة لطبيعة البلاد وموقعها الاستراتيجي والحالة المعيشية فيها لتكون رهينة مساعي وجهود الإنجاز الأممي والإقليمي والوطني إذا صدق التوجه للوفاء بواجبات إملاء الإصلاحات العولمية!! ومع ذلك هل هذه الاستنتاجات حقيقة أم ان كاتب هذه السطور يحلم!! أو يتوقع¿! وبرغم أن التوقع أشد من الوقوع فإن ثمة حقائق أخرى معلومة توضح الإجابة في الدعوات والأفكار الإصلاحية العالمية سواء بإغراءات الاستقطاب أو بقوة الاقتصاد وقوة العسكرة والتأثيرات الجبارة للميديا الحديثة والإعلام الداهم!! والضغوط الخارجية المتعددة كما ظهر بارزا مع بداية الألفية الثالثة أو العقد الأخير من القرن المنصرم وتجلى أكثر من تزاوج بين أطروحة الشرق الأوسط الجديد ونظرية الفوضى البناءة.
وقد جاء هذا النسق وكما يظن الكثيرون مفصحا بجلاء الوقائع مع ما يسمى في الدوائر الإعلامية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية والاستخباراتية العالمية “الربيع العربي” وقد تحول في بعض الأقطار إلى نوع من الحريق والخراب والفوضى والتدمير وقد عجزت المراكز الاستخباراتية الخارجية عن السيطرة عليه أو الذهاب به إلى حيث كانت تشاء كما هو بالنسبة للحالة المتفاقمة في القطر السوري الشقيق كما عجزت الأمم المتحدة والجامعة العربية لأسباب أهمها دروس التدخل الخارجي العسكري الخطر الذي تجرعه العالم في ليبيا!!
ويبقى الهاجس الأخطر في هذا المضمار الحربي هو الذهاب نحو توسيع دوائر الموجهات الطائفية إلى حرب أهلية شامله في صورة حلقات هنا و هناك!!
ونعود هنا لموضوعنا لنقول: أن تطرح دولة ما كبيرة أو صغيرة فكرة للإصلاح ليس حدثا جديدا إنه أمر تكرر وهو أمر قد لا نتجنب وقوع مثله في المستقبل.. فمثل الماضي والحاضر فإن الغد يعد بأفكار إصلاحية على كل المستويات طالما كانت هناك حياة مستمرة وكانت نظرة هذه الحياة هو أن تتطور إلى الأفضل وأن تتقدم إلى الأمام وأن تقوم فكرة الإصلاح على رؤية جامعة يتداول الناس حولها بالآراء والأفكار واستعراض التجارب كما تفعل المنظمات والمؤسسات والدول وهو الدليل المهم على نضج العقل الإنساني والتطور الكبير الذي بلغته الإنسانية وهو في حد ذاته الذي يعطي مفهوم العولمة تلك الصورة الإنسانية الباعثة على التفاؤل لدى البعض و الرهبة و الخوف لدى الآخرين و خاصة و أنها تعمل تحت ما يشبه “طاقية الإخفاء” و بأيد أكثر مما يملك الاخطبوط و ما زال ظاهرها الفوضى و باطنها الله أعلم به¿! و هذا الموضوع لا يستهدف التنبيه فحسب وإنما يشير لسبل النجاة و الاستفادة من عولمة اليوم قبل الغد في ضوء ما يتم التداول حوله في مؤتمر الحوار الوطني الشامل .

صنع المستحيل:

قد يعجبك ايضا