مدينة سيئون.. توأم مدينة صنعاء القديمة في العادات والتقاليد الجميلة
محمد محمد العرشي

محمد محمد العرشي –
اليمن غنية بآثارها وتراثها العلمي والفني والاقتصادي والزراعي وتنوع أزيائها وفنونها ولهجتها وتنوع إبداعها في الأدب والشعر وتعدد مدارسها الإسلامية التاريخية وكثرة هجرها العلمية على مستوى المحافظات والمديريات والعزل والقرى. وهذا التنوع يختلف من محافظة إلى محافظة ومن مديرية إلى مديرية ومن عزلة إلى أخرى ولا يوجد هذا الثراء والتنوع والتعدد في أي دولة من الدول إلا نادرا وهذا التنوع والثراء في جميع الثروات لا يمكن أن يوجد إلا في قارة.
وها هي مدينة سيئون من محافظة حضرموت والتي تعتبر توأم مدينة صنعاء القديمة وما يجري فيها من مآسي هي شبيهة بما يجري في صنعاء ونؤكد للانفصاليين أن اليمن جسم واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى وينطبق على ما يجري في اليمن قول جدنا المرحوم القاضي حسين بن أحمد العرشي المتوفي (1276 – 1329هـ/1859-1911م):
وما ألم بصنعا الأم من رمد
يصيöر اليمنö الميمون في عور
وها نحن نقدمها للقارئ الكريم لتأكيد صدق ما ذهبنا إليه وما علينا نحن اليمنيون إلا أن نحافظ على وحدتنا ونسعى إلى استغلال هذه الثروات بروح الفريق الواحد. فقد أثبتت شواهد التاريخ أن اليمن كيان موحدا عبر تاريخه الطويل وأن الذين ينادون بالانفصال هم مدفوعون من الجهات التي كانت وراء انفصال جنوب السودان عن شماله فهل تأملنا ما هو وضع جنوب السودان وشماله حاليا¿. كما أن جغرافية اليمن تؤكد أيضا أن موارد مياهها تنبع من مصدر واحد وأن الذين يسعون إلى إعادة التشطير ربما لا يفهمون التاريخ اليمني ولا جغرافية اليمن الموحد ونحن مع من ينادي بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات.
أخي القارئ الكريم …
مديرية سيئون: إحدى المديريات التي في محافظة حضرموت إلى الشرق من العاصمة صنعاء على بعد 609كم وشرق مدينة شبام بحوالي 18كم وعن مديرية تريم بحوالي 34كم. يحدها من الشمال مديرية قف العوامر ومن الجنوب مديرية ساه ومن الشرق مديرية تريم ومن الغرب مديرية شبام. وتبلغ مساحة مديرية سيئون 805 كم2. وتضم المديرية 140 قرية تشكل مركزا سكانيا واحدا هو عزلة سيئون.
ومدينة سيئون هي عاصمة وادي حضرموت تقع في الجانب الغربي للوادي وهي مدينة المجتمع المدني وعاداتها وتقاليدها شبيهة بعادات وتقاليد مدينة صنعاء القديمة وأهم ما تتميز به مدينة سيئون عن مدن محافظة حضرموت عذوبة مائها حتى أن المثل السيئوني يقول(ماء سيئون ولا سمن بقر شبام) واعتدال هوائها لا سيما في ليالي الصيف الحارة ولين طباع أهلها وسلامة صدورهم وتذوقهم للأدب والشعر وصلتهم لأرحامهم وعدم ميلهم للعنف.
وكان لأهل سيئون في الماضي مناطق يذهبون فيها للخريف كما كانت عادة أهل صنعاء ومن مخارفهم منطقة تسمى منطقة القرن وكانت أيام خريفهم تشبه الأعراس وكانوا يستخدمون الطبول والأغاني ويتبادلون الأشعار والقصائد الأدبية حتى أن أحد السياح قال: إني لأرثى لمن يفارق هذه الديار وأتصور أن حنينه سيطول وبكاءه سيدوم. وللأسف فإن ذهاب الناس إلى المخارف قد اختفى من جميع مدن اليمن لأن العمران قد زحف على معظم مزارع المخارف والتي كانت في ضواحي المدن مثل صنعاء وسيئون والروضة وسائر المدن اليمنية والتي كانت تزرع فيها الفواكه من الأعناب والرمان والبلح غيرها من الفواكه الأخرى كما أن هناك تشابه بين فنون الغناء والإنشاد بين مدينتي صنعاء وسيئون بالإضافة إلى التشابه في الكثير من العادات والتقاليد في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والأعياد واستقبال رمضان والختان وتشييع الجنائز ولا شك أن تشابه هذه العادات والتقاليد بحاجة إلى قيام الجامعات اليمنية ومراكز البحث العلمي بتوجيه العديد من أبناءها للقيام بالبحث العلمي والميداني للعادات والتقاليد في المناسبات الاجتماعية وإبراز أوجه التشابه والتكامل بينهما بما يهدف إلى تعزيز روابط الوحدة الوطنية والإخاء بين جميع أبناء اليمن. وفي نفس الوقت تنبيه الغافلين الذين يجهلون تاريخ اليمن ويبحثون عن هوية أخرى أن كل محافظات الجمهورية اليمنية وحدة متكاملة وكلنا ننادي في نفس الوقت بالمواطنة المتساوية والمساواة في الحقوق والواجبات وندين ونستنكر الابتزاز السياسي سواء باسم الوحدة أو باسم التشطير.
ومدينة سيئون هي من المدن التاريخية في وادي حضرموت وقد أجمعت المراجع التي رجعنا إليها أن أقدم ذكر لها في النقش الموسوم (37إرياني) والذي يعود إلى الملك ذمار علي والذي حكم في القرن الرابع الميلادي وقد ذكر النقش أن قوات سبئية اجتاحت مدينة سيئون وهدمت ستون ألف عمود فيها كانت تحمل العنب وما ذكر في النقش يدل على أن وادي حضرموت ومدينة سيئون كان يعمهما الرخاء وتنتشر فيهما مزارع العنب والتي كان فيهما ستون ألف عمود تشرع عليها ال