حتى لا يخسر المجتمع أجمل ما فيه

عبدالله السالمي


 - ما منا إلا ويبدي أسفا على حال هذه البلدة التي ليست على ما يرام غير أن إبداء الأسف لوحده لا يكفي وبدلا من إدمان التشكي والعويل ثمة ما يمكن القيام به للمساهمة في ال
عبدالله السالمي –

ما منا إلا ويبدي أسفا على حال هذه البلدة التي ليست على ما يرام غير أن إبداء الأسف لوحده لا يكفي وبدلا من إدمان التشكي والعويل ثمة ما يمكن القيام به للمساهمة في التخفيف من حدة المعاناة المجتمعية الشاملة.
يشير إدمان التشكي من مرارة هذا الواقع إلى مدى سيطرة الروح الانهزامية على المجتمع. أما بالنسبة للذين يفترض أنهم رموز المجتمع وقياداته من سياسيين ومثقفين وإعلاميين وفقهاء ووجهاء فإن إمعانهم في الإدمان على التشكي من الوضع الذي يمر به الوطن وبقدر ما يشي بمدى استحكام الروح الانهزامية على الكثيرين منهم فإنه لا يخلو أيضا من الدلالة على امتهان البعض منهم التشكي بما يشبöه التسول بالأزمات أو هو التسول بعينه.
إن الولع بالتشكي مسلك ذميم على أية حال لكنه مذموم أكثر وأكثر في حال صدوره مöن القادر على فعل شيء في مواجهة ما يشكو منه.
تتجه مجتمعاتنا يوما بعد آخر إلى التخلي عن أجمل ما كانت تتميز به وذلك هو التضامن. لقد كان التضامن الاجتماعي في إطار القبيلة أو العشيرة أو القرية أو الحي واحدا من أهم عوامل تماسك المجتمع عند انفراط عقد سلطة الدولة التي لطالما انفرطتú عقودها في اليمن وكان على المجتمع أن يتعود على تسيير شئونه بدونها.
والتضامن الاجتماعي أشمل من كونه اشتراك أفراد المجتمع في إعانة بعضهم البعض ماديا فهو يعني أيضا العمل بتشاركية على ضمان توفير القدر الضروري من الأمن الاجتماعي بمفهومه الواسع.
وحتى في ظل وجود الدولة الحقيقية تبقى الحاجة إلى التضامن الاجتماعي قائمة مع فارق أنه في حضورها العادöل والمنصöف لا ينشط إلا في المجالات التي لا تغطيها فاعلية المؤسسات الرسمية للدولة فالدولة وإنú بلغتú الغاية في أداء واجباتها تجاه مواطنيها تظل هنالك ميادين عديدة لا يلعب فيها إلا التضامن الاجتماعي. فكيف إذا كان أداء الدولة في أدنى مستوياته¿ لا شك أن الحاجة إلى أنماط واسعة من التضامن الاجتماعي على أشد ما يكن إلحاحا وأهمية.
بدلا من إدمان التشكي إذنú يستطيع أفراد هذا المجتمع أن يفعلوا شيئا إيجابيا لأنفسهم ولبعضهم البعض عبر أكثر من صورة من صور التضامن الاجتماعي والمناشط الإنسانية.
قطعا ليس التذمر من آلام الوجود هو أقصى ما يمكن للإنسان أن يفعله في مواجهة أعباء المعيشة وضغوط الحياة والمؤكد أن جانبا مهما من شروط الانتصار على المحن يتمثل في الوعي بقدرتنا على مجابهتها والتغلب عليها.

قد يعجبك ايضا