دعاة التغيير .. أصحاب قيم!!
أ.د. عبد الله الذيفاني
أ.د. عبد الله الذيفاني –
نتوقع على نحو لا يقبل الشك أن الداعية للتغيير هو داعية لقيم جديدة ويعمل على نحو دائب لإحلالها محل قيم يراها بالية وسلبية ولا تحقق الطموح في بناء مجتمع آمن ومتماسك ومتحاب ومنتج ومنافس عن طريق التقدم وصناعة الجديد في ظل دولة تقوم على المؤسسية والنظام والقانون والمواطنة المتساوية.
الداعية بهذه القيم النبيلة التي يحملها لإحداث التحول النوعي لا نتوقع أن يبني قراراته ويشكل مواقفه تحت تأثير الشائعات وبمعلومات سماعية لا تمثل مصداقية بأي درجة ولا يحرص على الوثوق من مصداقيتها والتحري من موثوقية مصادرها والعودة إلى المستهدف بالمعلومات والجمع بينه وبين من يستهدفه لتحقيق المصداقية لتنجلي الصورة وتظهر أمامه الحقيقة التي يستطيع في ضوئها اتخاذ الموقف السليم الذي يطمئن إليه ويتجنب فتح أبواب الخصومات وتوسيع قاعدة الخصوم والإساءة إلى أناس ربما لا يحملون له إلا الخير والمحبة.
إن هذا الموضوع يقع تحت طائلته سلبا الثائر والمسئول والناشط الاجتماعي وكل ذي شأن يتصل بمحيط اجتماعي وسياسي وإداري واسع يستدعي وجود احتكاك مع أفراد وجماعات.. فنجد ثوارا يشنون حملة ظالمة على شخصية ما أو جماعة ما أو حزب ما بمجرد شيوع خبر لا يتحرون من مدى دقته ومصداقيته ويتسرعون في كيل التهم تحت سقف واسع من الإساءة والتجريح والنسف القيمي والأخلاقي وهم في الأخير يهرفون بما لا يعرفون.
وبالمقابل نجد أيضا أن مسئولين بمستوى المسئولية وفي مواقع اتخاذ القرار يقعون تحت تأثير التقارير الكيدية ويسيرون الشئون المتصلة بمهامهم بالسماع وتقارير المقايل وخبابير الخبرة وليست الخöبرة وبما يدخله في مسالك ودروب ضيقة وحرجة ونحن في غنى عن التورط فيها والدخول إليها.. فيجد نفسه في مواجهة مع أشخاص جماعات أحزاب لم يكن ليواجههم لو لجأ إلى الموضوعية والمنهجية في عمله وقام باستقاء معلوماته من مصادرها وأتخذ المؤسسية قناة أساسية بقراراته وأعمل الحكمة والشراكة مدخلا لفعله المجتمعي ونشاطه العام وعمله الإداري وعلاقاته بالمحيط والبيئة المؤثرة والفاعلة في حركة المجتمع والتنمية.
إن الوقوع في حبائل الوشاية والدس هو وقوع في حبائل ” الزور” ومن ثم الإضرار بالآخرين وبمصالح المجتمع وإحداث الشروخ والفجوات في بنية الإدارة ونسيج العلاقات التي تربطها بالدوائر من حولها ومنها دائرة المواطنين والمؤسسات المجتمعية.
من أبجديات الإدارة المؤسسية عدم اتخاذ قرارات سريعة وفق معلومات سماعية بل تخضع المعلومات للتحليل والتعرف على النتائج المتوقعة ومن المستفيد منها ومدى تأثيرها على مسار الفعل الإداري التنموي قبل القبول بالمعلومات والعمل بها بمعنى أن التعرف على المستفيد من القرار هو الأصل في اتخاذ القرار من عدمه وعليه أن يعود إلى مصدر المعلومات وتبين نواياه ولا بأس من إجراء مواجهة بين المصدر والمستهدف لإجلاء الحقيقة وحماية القرار وبيئة القرار وبنفس الدرجة والمستوى على الثوار والسياسية قبل أن يتخذوا مواقف من أي أحد كان سواء المسئول الإداري المحلي أو الوطن أو رفاق الثورة وزملاء العمل السياسي عليهم أن لا يسيروا معها وأن يتوقفوا ويبحثوا عن مصدر المعلومات ويتبنوا حسن نواياه ولعلهم يصلون إلى حقيقة أخرى تكون النتيجة حماية الثورة والفعل الثوري والسياسي على حد سواء.
وفي المحصلة نقول أن التغيير سواء بالفعل الثوري أو السياسي أو بالقرار الإداري لا يمكن أن يتحقق على النحو المأمول ما لم يؤسس على رؤية رصينة وموضوعية وعمق في التناول والإجراء وفق مصالح الثورة والعملية السياسية والتنموية بأي حال من الأحوال لأنها الهدف والغاية وهي الأصل والنتيجة ولا أعتقد أن العشوائية والشطحات والمغالاة والقرارات بالسماع والوشاية والمناكفة والمماحكات والفورة الآنية والتضحية برفاق الإدارة والقرار والمسيرة يمكن أن يوصلنا إلى اليمن الذي نريد فهل نعي ذلك ونعمل لليمن الجديد بمعلومات حقيقية ومنهجية دقيقة وإدارة موضوعية لا خصومة فيها إلا مع الفساد وأعداء التنمية.