الفساد العابر للحكومات
عارف الصرمي

عارف الصرمي –
استطاعت ثورة الشباب في اليمن أن تزلزل عرش النظام السابق وتهد أركانه في الداخل وتقضي على تحالفاته الإقليمية والدولية جملة وتفصيلا! لكن لم تستطع حكومة ودولة ما بعد الثورة أن تقتلع الفساد الذي كان ولا يزال يعشعش في كل مفاصل الحكم والحكومة!
أخطر ما في الموضوع أن الفساد كان موجودا بإرادة النظام وتحت رعايته! ولذلك استفحل في جسد البلاد كفيروس تم السماح له بالتخلق في بيئة الدولة وحين كبر واشتد عوده خرج عن السيطرة حتى بات النظام عاجزا عن إيقافه ولو مؤقتا عند حد معين! لأن الفساد قد أصبح أكبر من النظام! بل لدرجة أن الفساد أمسى قادرا تماما على الإطاحة بهذا النظام.. حين يأتي الوقت المناسب!
ولأن فيروس الفساد المالي بفريقه الإداري كان -كالأرضة- التي تأكل البنيان القائم على الخشب والورق والكرتون! فقد جاء طوفان الثورة على منزل متهالك قد أكلته الأرضة! إلا من أهل البيت القادرين على العيش بمنزل آخر!.
كانت كل مؤسسات الدولة إما عاطلة أو معطلة أو صورية الاسم والأداء وبخاصة منها المرتبطة بمكافحة الفساد كالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد-التي لم تكافحه حتى اليوم- والجهاز المركزي للرقابة والمسامحة- الذي لم يحاسب أحدا- والبرلمان الذي شرع كثيرا- ولم يراقب أبدا-.
وحدها مؤسسة الفساد هي التي كانت تعمل بكل طاقتها وبكامل فريقها فضلا عن المتطوعين والموجودين على قائمة الانتظار من صغار الموظفين والمسؤولين الذين يتم توظيفهم وتعيينهم بالوساطة والمحسوبية وتلفونات آخر الليل لتتاح لهم فرصة الالتحاق والمشاركة بالعمل المؤسسي للفساد!!
ببساطة.. كانت البلاد تمضي بلا مشروع وكان الأمر يدار من غير أهله! فيما كان فريق الكفاءات والمحترفين التكنوقراط المقتدرين في كل مجال تحتاجه مؤسسة الرئاسة وأجهزة الحكومة يرفعون أصواتهم وتكتب أقلامهم ثم يتفرجون بحسرة من لا حول له ولا قوة.. حتى يأتي الوقت المناسب!
فهبت اليمن بوثبة واحدة من كل أبنائها العاطلين والمظلومين والفقراء والمشايخ والقبائل والنساء ترافقهم جميعا الكفاءات والمحترفون والمثقفون وأساتذة الجامعة وطلابهم الحالمون بفرصتهم في الحياة التي انعدمت في عهد صالح!!
الفساد كان هو الوقود الذي أشعل الثورة ضد النظام الذي تجاهل كفاءات البلد المحترفين وتركهم لمصير الهجرة -إن استطاعوا- أو متفرجين من الداخل بحسرة! حتى كادت أبواب الأمل تغلق في وجه المحترفين والكفاءات والخبراء داخل اليمن -إلا باب الأمل بالله- أما النظام الذي بدأ سنواته الأولى غير راغب في التغيير ولا مستوعب له فقد كانت سنواته العشر الأخيرة على الأقل تجزم بشكل مطلق بعجزه الكامل عن القيام بهذا التغيير حتى لو أراد!!
وهو بالضبط ما دفع بالكفاءات والمحترفين -كل من موقعه وبطريقته وعلى أسلوبه الذي يجيده-في كل مجال ليتقدموا الصفوف ويرشدوا الخطى ويهدوا السبيل لنجاح الثورة التي أوصلت وزراء حكومة الوفاق إلى مواقعهم التي يشغلونها اليوم!
وإذا… وبجردة حساب عاجلة ع
