البحث عن وظيفة البحث العلمي

د غيلان الشرجبي

 - لقد حاول الكثيرون بحث الخصوصية العربية كإشكالية تثير تساؤلات محيرة جديرة بالدراسة وكتقليد أكاديمي يمكن تلخيص تعريف مصطلح البحث العلمي بأنه: جهد منهجي لدراسة ظاهرة
د/ غيلان الشرجبي –

لقد حاول الكثيرون بحث الخصوصية العربية كإشكالية تثير تساؤلات محيرة جديرة بالدراسة وكتقليد أكاديمي يمكن تلخيص تعريف مصطلح البحث العلمي بأنه: جهد منهجي لدراسة ظاهرة أو مشكلة تثير تساؤلات تستوقف الباحث وبإلحاح يدفعه لتفسيرها وبحدود التوقعات المحتملة لهذه الإشكالية بالنظر إلى حيثياتها وكيف ولماذا ومتى ومن أين نشأت¿¿
وبالتالي وضع قائمة من الفرضيات للوصول إلى (فرض الفروض) أي الافتراض الأكثر احتمالا ونلاحظ- هنا- أهمية الاعتراف بأن كافة الجهود البحثية مجرد استنتاجات تتحرى المصداقية النسبية ولا تدعي (الثبات المطلق) فهي ليست أكثر من فرضيات اجتهادية وبهذا التعريف العلمي تبرز دلالات القاعدة الفقهية (لكل مجتهد نصيب فمن اجتهد فأصاب فله حسنتان ومن اجتهد فأخطأ فله حسنة) على أن يراعي الباحث ضرورة استنفاذ كافة شروط (الأمانة العلمية من حيث استقلالية التفكير للتعامل بحيادية مع الخطوات الإجرائية الهادفة) لإثبات أو نفي فرضيات- كليا أو جزئيا وبخلاف الشواهد السائدة -غالبا حيث تعتسف المادة العلمية لفرض قناعات خاصة وبصورة انتقائية تفقد البحث مصداقيته – كليا وليس جزئيا فحسب- (التحيز الثقافي) صفة تضع خطا فاصلا بين احتمالات الصواب والخطأ للاجتهادات المنهجية وبين الانتقائية التعسفية التي يتعمد صاحبها إخضاع المادة العلمية لوجهة نظره المعبرة عن الجماعة التي ينتمي إليها- حزبيا أو مذهبيا أو عشائريا- وما في حكمها من ولاءات عصبوية..
والفرق شاسع بين منهجية بحثية تفتح الباب على مصراعيه لتراكم جهود علمية يضيف كل مجتهد فيها (لبنة أو يسد فجوة أو يجيب على تساؤل) لإثراء الحضارة الإنسانية عبر الزمان والمكان وعن قناعة راسخة بأن القدرات الذاتية تظل جزئية أو منقوصة وأن هذه الجزئيات تتكامل كلما اتسعت دائرة القبول بالتنوع واستحالة امتلاك الحقيقة المطلقة لأي من البشر مهما كانت عبقريته وبين مزاعم هؤلاء الذين ينفون عن أنفسهم صفة المحدودية الاجتهادية بكل ما ينتج عن مزاعم لهذه من انسداد آفاق التفكير وإغلاق باب الاجتهاد وتعطيل مشروعية (لكل مجتهد نصيب) فما الذي نتوقعه من بيئة ثفافية تفرغ كل جهد من مضامينه وتستشرى فيها حاكمية الإرهاب الفكري والنفسي والجسدي والمعيشي الذي يجعل المفكر يعيد النظر ألف مرة قبل أن ينبس ببنت شفة أو يسطر حرفا¿ فإن فعلها فهو مغامر وعليه أن يتوقع كل الاحتمالات.
لهذا سادت ظاهرة تردي البحوث الأكاديمية ومنطق التوقف عند الشكليات -طوعا أو كرها- أما لأن القوى المتنفذة دخلت في سباق الاستحواذ على كوادر المؤسسات الجامعية لإعداد مخرجات يغلب عليها المذهب والتحزب ونعرات التعصب التي إن لم تجاريها فإنت (خارج عن الطاعة ومفارق للجماعة) وكل ما يصدر عنك فهو محض افتراء وتحت طائلة التكفير والتخوين فلا تملك سوى أن تترحم على ذلك المجتهد الجليل الباحث عن الحقيقة أبي حامد الغزالي الذي يشخص هذا الإسفاف الفكري بقوله: قد تعجبك مقولة فإذا عرفت أنها (لمن يخالفك الرأي) ضربت بها عرض الحائط مع أن الحكمة ضالة المؤمن إن وجدها أخذ بها).
أما هؤلاء الذين اضطروا القبول بالأمر الواقع فلسان حالهم يقول: (لا أريد أكثر من أن أعيش أو أعد بحثا للحصول على درجة) ويكفي أن نلاحظ أن طلبة الدراسات العليا (ماجستير/ دكتوراه) قد استوعبوا ضرورات الواقع فراوحوا في نطاق خيارين لا ثالث لهما فأما الأخذ بنماذج خارجية جاهزة كالاختبارات والمقاييس على سبيل اليمننة المكررة إلى حد لا يطاق أو قراءة الأفكار لاستنباط الهوية الفئوية للمشرفين عليهم ثم للجنة المناقشة لبحوثهم للتكيف مع العصبوية الواقعية بهدف تقبل موضوع البحث وإقراره للحصول على الدرجة العلمية فحسب.
ولا غرابة أن نشهد موجة الدراسة بالمراسلة للكثير من المحظوظين حزبيا الذين تنسق لهم بعض الجامعات المحسوبين على قياداتها الحزبية للتواصل مع جامعات تحمل نفس الهوية المتطرفة أو أن تقع بين يديك أطروحات تم إقراراها في تلك الجامعات وبتقدير (امتياز) على موضوع لو سألنا رجل الشارع عنه لتوصل إلى نفس الاستنتاجات دون بحث أو عناء- وحسب الإشارة إلى أحد عناوينها وهو أثر استخدام الوسائل التعليمية مقارنة بالأساليب التقليدية في العملية التربوية (التعليمية) أي: أيهما أجدى لاستيعاب الدارسين للمادة الدراسية بالمقارنة بين (المحاضرة النظرية) أم استخدام الخرائط والرسوم الإيضاحية والتقنيات التكنولوجية كالأجهزة الحديثة أثناء الشرح.
وبالمقابل فقد قمت- أنا شخصيا – بعرض بحث على أحد الزملاء و

قد يعجبك ايضا