اليمن… نحو أفق جديد
فراج العقلا
فراج العقلا –
بالتوافق على انتخاب الرئيس اليمني الجديد عبدربه منصور هادي بنسبة تجاوزت أكثر من 95٪ يدخل اليمن مرحلة جديدة من تاريخه السياسي.
وإذ تأتي هذه المرحلة الجديدة كمخاض سياسي عسير للثورة اليمنية فإنها من ناحية أخرى تعتبر إنجازا مشتركا بين الطرفين المتصارعين أدى إلى توافق عقلاني غلب مصلحة الدولة والمجتمع على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة.
وعلى رغم انتصار الثورة بنسبة كبيرة نتيجة لوضوح رؤية الثوار من ناحية وإجماعهم على تنحي الرئيس علي عبدالله صالح من ناحية ثانية إلا أن الجوار الخليجي لليمن لعب دورا كبيرا في تحقيق ذلك الإنجاز الذي تم تتويجه في الرياض قبل أشهر.
وبرحيل علي عبدالله صالح عبر الضغوط التي مارستها الأسرة الدولية لا سيما مندوب الأمم المتحدة جمال بن عمر ساعد ذلك كثيرا في تهيئة الأجواء لمناخ الانتقال الديمقراطي الذي اختتم بانتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا توافقيا للبلاد.
لقد تمكن الشعب اليمني من تجاوز الأزمة بنسبة كبيرة من النجاح وهو تجاوز اختلف عن نماذج الانتقال الثوري التي شملت كلا من تونس ومصر وليبيا فقد كان التوافق واضحا بين مكونات السلطة الجديدة في اليمن. وهذا التوافق سيسمح بتفهم وإدراك الطرفين لبعضهما البعض ومحاولة التقدم معا لإرساء معالم النظام الجديد الذي يرغب فيه الشعب.
ففي اليمن عبر هذا النموذج التوافقي ربما لا نرى ارتدادات ثورية مثل التي حدثت في مصر وكشفت عن بعض وجوه النظام القديم لحسني مبارك عبر بعض ممارسات المجلس العسكري وسياساته طوال العام الماضي.
فالانتقال الذي تم في اليمن كان في الأصل بين مكونات حزبية معروفة في الساحة السياسية من قبل فهنا لا نجد أنفسنا أمام مفاجآت ظهور الإسلاميين كما في تونس ومصر بل الجديد في اليمن هو انصياع القوى الحزبية بما فيها المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك إلى إرادة الشعب فيما الذي ساعد في إقرار ذلك الوضع الجديد / القديم في اليمن هو إسهام مجلس التعاون الخليجي لاسيما الدور السعودي الفعال ومن ثم المجتمع الدولي على إرادة الخروج من نفق الأزمة بصيغة توافقية بين الطرفين.
ولئن ظل الشعب اليمني فاعلا في خلفية المشهد السياسي فإن حضوره الأكبر تمثل في العملية الانتخابية التي خاضها بكل حرية وشفافية من أجل إرساء النظام الجديد بقيادة عبدربه منصور هادي.
بطبيعة الحال سيكون هذا التوافق هو بداية الحل للأزمة اليمنية فيما ستشهد الأعوام المقبلة حراكا سياسيا معبرا عن خيارات الشعب.
ذلك أن من أهم منجزات الثورة اليمنية: قدرتها على تحديد مساراتها عبر الحراك الشعبي فأصبحت لها خبرة ودراية بخياراتها السياسية بعد أن تجاوزت هذه الثورة بنجاح احتمالات خطرة كان يمكن أن تؤدي إلى نسف مكتسباتها.
فقد قدم اليمنيون من خلال هذه الثورة نموذجا حضاريا حين رفضوا تسليح الثورة والانخراط في صراع مسلح مع نظام علي عبدالله صالح على رغم محاولات الانجرار التي قصدتها أطراف عدة في نظام صالح.
في الجانب الآخر كان لعلي