عندما تختلف المرايا
علي أحمد بارجاء

علي أحمد بارجاء –
الوضع السياسي في اليمن قد بلغ مداه وكلما تقدم خطوات باتجاه الحل يتعرض لنكسة تعيده خطوات إلى الوراء وتؤدي إلى تأجيل أي إنجاز يمكن أن يتحقق وينعكس ذلك على المواطن الصابر الحالم بالاستقرار والعيش بأمان فهو المتضرر الأول من استمرار الأزمة إذ ليس طرفا في الصراع بين الفرقاء وليس له في ما يدور بينهم ناقة ولا جمل. ولكنه مع ذلك يظل عرضة للخيبة والإحباط. فالأزمة كما تبدو له معقدة وحلولها متعسرة وأصبح يشك في وجود أطراف خفية غير من تم الإعلان عنها تريد بقاء الوضع على ما هو عليه وتعرقل كل الخطوات الجادة لحله من جذوره. هكذا ينظر المواطنون الصامتون على اختلاف مستوياتهم العلمية و الثقافية, وهم متابعون و معايشون حريصون لما يدور على الساحة الوطنية, ويمثلون نسبة كبيرة من السكان والغالبية العظمى منهم.
من استعراض ومتابعة الوضع السياسي خلال السنوات الماضية يستطيع المراقب استنتاج أن كل مظاهر الحياة وركودها في جوانبها المختلفة أصبح نتيجة من نتائج اللعبة السياسية التي يلعبها الفرقاء من القوى السياسية المختلفة فانشغال تلك القوى عن أداء دورها السياسي المنوط بها كما رسمته في برامجها السياسية وأدبياتها التي تعد عقدا به جمعوا ما جمعوا من الأعضاء أثر سلبا على حياة المواطن وزاد من معاناته.
إن المشكلة تتلخص في تعدد واختلاف نظر القوى السياسية إلى ما يحدث منذ قيام الجمهورية اليمنية في مايو 1990م إلى اليوم . فهي حينا تنظر إلى ما يحدث من خلال مرآة محدبة , فترى كل ما يجري مهما بدا كبيرا أم صغيرا فتضخمه ليتحول إلى مشكلة, وعوضا عن المسارعة إلى إيجاد الحلول, تتجه بقصد إلى صب الزيت على النار, سعيا منها وقصدا في أن تتخذ منه ذريعة للكسب السياسي .
وحينا تنظر إلى ما يجري من خلال مرآة مقعرة فتبدو لها القضايا الكبيرة صغيرة لا تستحق النظر والمعالجة السريعة إذ لا تتجاهلها وحسب بل تصم آذانها عن الاستماع إليها وتغمض أعينها عن رؤية أبعادها وعواقبها وتتمادى فتدير لها ظهورها حتى تتفاقم وتستفحل وحتى يتسع الخرق على الراقع .
وحينا ثالثا تنظر إلى ما يجري من خلال مرآة سوداء فتنكر كل ما يتحقق وتقلل من أثره وجدواه, إمعانا في ممارسة دور المعارض المعرقل لكل ما من شأنه الرقي بالوطن والمواطن .
هذا الاختلاف في النظر إلى المجريات على الواقع يؤكد أن القوى السياسية فرقاء حقا, بل هم أعداء وليسوا إخوة, ويمارس كل منهم سياسة الكيد للآخر والتربص به, ويفكر كل منهم في ما يحققه من نصر مقابل تفادي الهزيمة أمام الآخر, ولا يهمهم بعد ذلك وطنهم الغارق في المشكلات, وتتهدده الصراعات الدائرة بينهم أكان منتصرا أم خاسرا .
إضاءة :
عشقتك منذ أن صادقت بيت الطينö
والأيام تصفعني
شربتك كوب ماء
في هجير الصيفö
محمولا على زمني
وقد أفنيت عمري فيك
روحي ترتدي بدني
فلا أبغيك لي وثنا
ولست بعابد الوثنö
ولا أبغيك شبرا
من تراب فاقدö الإحساسö يا وطني !
ولا وطنا لكذاب ومحتال
إذا نابتك نائبة
وقد أغرته أطماع الهوى
ألقاك تاريخا بلا ثمن !
الشاعر سعود الصاعدي
