بين اليأس والأمل (2)
ناجي عبدالله الحرازي
ناجي عبدالله الحرازي –
سأبدأ من حيث انتهيت في مقالي السابق عندما أشرت إلى أن أسباب التفاؤل بمستقبل اليمن تبدو أكثر قوة من دواعي الشعور بالإحباط واليأس التي تقض مضاجع الكثير ممن يتابعون بدقة تطورات المشهد اليمني سواء أكانوا في الداخل أو الخارج.
فالمؤكد أن إرادة الداعين للتغيير ولصفحة جديدة في تاريخ اليمن تتغلب بمسافات على من يعتقدون أن بإمكانهم التشبث بالماضي أو التغني بإنجازاته الوهمية أو حتى تلك الحقيقة التي كانت وليدة زمنها ومضى زمن الاحتفال بها بلا رجعة.
وهذا يعني أن هناك حاجة ماسة لأن يقتنع الجميع بأهمية المضي قدما بخطوات الحوار الوطني وما سيتبعها من إجراءات للوصول إلى مرحلة الاستقرار السياسي المنشود أو المخطط له وفقا للمبادرة الخليجية.
ليس فقط لأن الحوار بات مهمة وطنية تقع على عاتق الجميع ولا تقبل التأجيل أو المماطلة بل لأن الحوار لم يعد كما كان عليه الحال منذ حرب صيف عام 1994م بين النظام الحاكم – أو بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة – وأطراف المعارضة التي أرادت أن تنتزع منه ما أمكن من جهة أخرى أي بين طرف كان يحتكر السلطة والمال والسلاح وأطراف لم يكن لديها سوى الكلام وأصبح حوارا بين الجميع من أجل مصلحة الجميع بدون استثناء بين شركاء في السلطة والمال والسلاح يفترض أن يعوا حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم وأن لا يهدروا المزيد من الوقت والإمكانيات بدلا من إلقاء اللوم على بعضهم البعض.
وهذه القناعة التي يجب أن تتوفر لدى جميع الأطراف المعنية بمستقبل اليمن تعني أن يتوقف المشككون عن التشكيك في أداء الرئيس عبدربه منصور هادي أو في أداء حكومة الوفاق (الإنقاذ) بما فيهم أولئك الذين يتصرفون أو يطلقون تصريحات غير مشجعة كأنهم غير معنيين بما يحدث أو كأنهم أطراف معارضة لا تريد الخير حتى لنفسها هذه القناعة يجب أن تدفع الجميع لتهيئة الظروف الملائمة لضمان نجاح الحوار الوطني خلال الفترة الزمنية المحددة له بدلا من عرقلته والتحجج بمبررات واهية لن تؤدي سوى إلى تعطيل مسيرة التغيير المنشود في البلاد فأصحاب الرؤى والأحكام المسبقة يجب أن يحتفظوا برؤاهم وأحكامهم لأنفسهم ويكونوا طرفا مرنا في الحوار يستمعون إلى ما يطرحهم غيرهم ويطرحون وجهات نظرهم دون تعصب أو إصرار على ما قد يعتبرونه شرطا لازما لإنجاح الحوار .
وحملة السلاح وذوي النفوذ يجب أن يتخلوا عن سلاحهم أو ينحوه جانبا ويتركوا نفوذهم لوقت الانتخابات ولصندوق الاقتراع بحيث يلتحقوا بالحوار كطرف مساو لبقية الأطراف لا فرق بينهم وبين غيرهم إلا بتقوى الله.
إذا ما توفرت هذه القناعات وتهيأت الظروف الملائمة ليس فقط لبدء الحوار بل لضمان نجاحه وشعر الجميع أنهم سواسية تجمعهم وحدة الهدف ولا يفرق بينهم السلاح أو استعراض العضلات فحينئذ سنثبت للعالم أننا تلك الأمة التي قيل عنها أنها مصدر الإيمان والحكمة وقد ننجح في إقناع العالم بمساعدتنا وقد أفلحنا في مساعدة أنفسنا .. وللحديث بقية .