النص التفاعلي.. موت المؤلف

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - مع كل مرحلة انتقاليه تاريخية تنشأ بالضرورة حالة فنية انتقالية تعبر عن لحظتها وتكون هي الحامل لعناصر بديلة ومتغايرة والقارئ للتطور الفني للفنون يجد المرجعيات الفلسفية للفنون كانت تأتي كمتواليات فرضتها عوامل النهضة وأسباب
عبدالرحمن مراد –

مقالة

مع كل مرحلة انتقاليه تاريخية تنشأ بالضرورة حالة فنية انتقالية تعبر عن لحظتها وتكون هي الحامل لعناصر بديلة ومتغايرة والقارئ للتطور الفني للفنون يجد المرجعيات الفلسفية للفنون كانت تأتي كمتواليات فرضتها عوامل النهضة وأسباب التطور والانتقال في المجتمعات الإنسانية وحين حط رحل الفنون عند الحداثة بالضرورة تناسلت عنها ما بعد الحداثة وهي مرحلة فلسفية نعيش تجلياتها الفنية في مظاهر شتى من حيث جماهيرية التفاعل وتثوير الرمزية الشعبية في إطار متسع من الفوضى واللانظام والليبرالية التي تعيد تركيز مركزية الكون في الذات لخلق حالة من التشققات اللامتناهية في جدار النص الإبداعي حتى يكون عصيا على التجنيس فالعصر الذي نعيش يمتلك قدرات خارقة في إشاعة الفوضى والخروج على القواعد المقننة المكونة للبنية العامة للنص فالفضاء الرقمي تكمن في عوالمه نصوص رقمية لها محددات كمية تحدد بنيته وهيكلته وشكله كما هي في رسائل الهاتف النقال القديم التي تشترط عددا محددا للحروف المتاحة للنص حتى تكون فاعلة في البيئة الرقمية وبمثل ذلك التحديد الرقمي نكون أمام ظاهرة فنية جديدة مستحدثه فرضتها التقنية وضرورتها التفاعلية مع المستخدم “المتلقي /المرسل” لها تقاليدها وأدواتها التي يشترطها ذلك الفضاء الرقمي بكل تموجاته وأدواته ومحمولاته وهنا ينبغي الاعتراف بوجود نص جديد وفن مستحدث ما يزال حتى اللحظة عصيا على التصنيف والتنميط لأنه ينتمي إلى عصر تماثله ويشاكله من حيث تكوينه التلقائي وعفويه ورفضه للتصنيف والتنميط في لحظاته التحولية والانتقالية التي حدثت في 2011م في مناخات الربيع العربي وما تزال تفاعلاته تختمر في الشارع العربي كون تلك التفاعلات التي حدثت ترتبط بعلاقة جدلية مع النص الجديد “النص الرقمي” فالربيع العربي كان صناعة نصية رقمية حدثت تفاعلاتها على صفحات التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” أو “تويتر” فالتشابه كان تفاعليا إذ ظل الحدث بدون إيديولوجيا أو مركز وكانت الجماهير بكل تموجاتها وتفاعلاتها هي الفكرة وهي الحامل الموضوعي وظل الحدث عصيا على التصنيف والتنميط كالنص الجديد الذي ما يزال يبحث عن تجاعيده في ملامح المستقبل فالحركة المتسارعة للتقنية الرقمية تتبعها حركة مماثلة للنص قبل أن تتمكن كل مرحلة من التنميط والتقعيد والتصنيف فالنص التفاعلي القائم على عملية الانتقال من رابط إلى آخر كنوع من التداعي والانتقال الفني أصبح نصا تقليديا قد تجاوزته التقنية المتطورة وتواشجت معه نصوص فرضها التطور التقني فالهاتف النقال الذي كان محدودا ومقيدا نصيا أصبح الآن نصا مفتوحا قد يتداع ويتشارك مع الآخر ومثل هذه التقنية ضربت المركزية في عمقها وقالت بموت المؤلف ليصبح النص جماعيا لا يمكن لمؤلف واحد أن يدعيه أو يدعي ابتكاريته له كما أن شبكة التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قد خلقت مجتمعا افتراضيا ليتشارك فيه الكل ويعمل هذا الكل على إنتاج النصوص التفاعلية وبمثل ذلك أصبح الهامش متنا وذابت المركزية النصية في النصية التشاركية التفاعلية وكانت الصورة هي القيمة الفنية فحضور البصري الحسي مع البصري المعنوي الذهني لم يكن إلا امتدادا متطورا وتقنيا رقميا للقيمة البلاغية النصية التقليدية القائمة على العلائق الذهنية المحضة ومع كل هذا التطور التقني الذي يتواشج مع الحاجات الفنية للإنسان ويحقق قدرا من المتعة وقدرا كافيا من التفاعل والتحقق والوجود قد تصبح حاجة الإنسان إلى الانماط الفنية القديمة والتقليدية ترفا ذهنيا وترفا فنيا فالحاجة إليه يمكن تعويضها من خلال التقنية الرقمية التفاعلية ومع كل ذلك تصبح الحاجة إلى تنميط علاقات الإنتاج ضرورة وإلا تعطلت القدرات الإبداعية والابتكارية عند نقطة بعينها فالمبدع الذي أفقدته التقنية قدرته على الاستمرار وأصبح كائنا فائضا عن الحاجة لا يمكنه أن يتجرد لعمل يشعر أن تفانيه فيه هو الطريق الأمثل إلى الفناء.
ومثل ذلك قد يفضي إلى فناء الخاصية الإبداعية كقيمة في جوهرها وفي ذاتها لتصبح قيمة فائضة وأثر مثل ذلك على البنى الاجتماعية وعلى المنظومة القيمية سيكون بالغا من حيث التشظي والانقسام ومن حيث التماهي والشعور بالشلل والتعطيل والتيه.
فالذات التي سوف تصبح مركزا وهي تعيش فراغا في كونها النفسي وكونها المعرفي وعلاقتها بالماضي علاقة تقاطع انفصامية بالضرورة ستكون عاجزة عن تحقيق شعورها بالوجود ويصبح بالضرورة التيه والغموض هما من السمات الأبرز في تجليات الراهن الذي سوف تعيش.
وحين نقول بالتعطيل والشلل فمثل

قد يعجبك ايضا