المارينز.. والحرب النفسية

اسكندر المريسي

مقال


 -  خلال الأسبوعين الماضيين أظهر التناول الإعلامي لدى بعض الصحف المحلية في بلادنا قدرا عاليا من المبالغة والتهويل لوجود ما يسمى بقوات المارينز بالعاصمة صنعاء وكأن التناول بالتأكيد انسجام واضح واتساق متكامل مع الدعاية الأمريكية المحيطة بذلك المارينز منذ فترة طويلة حيث دائما ما تضفي عليه تلك الدعاية هالة من المبالغة الفارغة.
اسكندر المريسي –

مقال

< خلال الأسبوعين الماضيين أظهر التناول الإعلامي لدى بعض الصحف المحلية في بلادنا قدرا عاليا من المبالغة والتهويل لوجود ما يسمى بقوات المارينز بالعاصمة صنعاء وكأن التناول بالتأكيد انسجام واضح واتساق متكامل مع الدعاية الأمريكية المحيطة بذلك المارينز منذ فترة طويلة حيث دائما ما تضفي عليه تلك الدعاية هالة من المبالغة الفارغة.
ويرجع سبب ذلك إلى دواع مباشرة وحيثيات غير مباشرة على صلة وثيقة بمفهوم الحرب النفسية وما تستدعيه من تضليل بهدف الإثارة ليس إلا وما يثير الدهشة والاستغراب أن تلك الصحف أعادت بخصوص ذلك المارينز شرح مقاطع من فيديو نشرته وكالة أمريكية قبل وصول جنودها إلى بلادنا بحسب معلومات بهذا الشأن حيث يصور ذلك الفيديو الذي أعادت تلك الصحف شرحه من جديد كيف أن المارينز شرسون إلى أبعد حدود الشراسة ويظهرهم ذلك الفيديو وهم يجرون تدريبات بحضور الكلاب البوليسية ولو كانوا كذلك لما احتاجوا إلى فيديو قبل وصولهم إلا من باب تسويق الدعاية الإعلامية في طابعها النفسي لبث حالة من الذعر والخوف فضلا عن تصعيد الاستفزازات جراء تلك المبالغة.
وإن كان ذلك بالتأكيد لا يخدم اليمن ولا يعزز من الجهود المبذولة لإجراء الحوار الوطني بقدر ما يعكس آثارا سلبية تكرس التناقضات بين مختلف فرقاء العملية السياسية دونما استثناء بيد أن المبالغة بأولئك المارينز تنطوي كما أشرنا على أشكال استفزازية ذات صلة كما قلنا بالحروب النفسية وإن كان ذلك المارينز فيما يخص الدعاية المحيطة به لا يختلف شكلا ومضمونا عن لواء جولاني المحسوب على الكيان الصهيوني والذي تعتبره العسكرية الإسرائيلية الحربية لواء النخبة أو الصفوة.
لكنه في التقدير الواقعي بعيد عن تلك المبالغة لم ينجح لواء معسكر النخبة في حربه مع المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان برغم ما أحيط به من مبالغة وتهويل على غرار ما كررته بعض صحف محلية كما أشرنا في نشر إثارتها الدعائية والإعلامية معنونة تلك الإثارة وكأنها مسرورة بخبر (المارينز بيننا) وكأنها تريد وإن كانت لم تكمل أن تقول لنا ما دام والمارينز بيننا فعلى اليمنيين أن يرحلوا من بلادهم هكذا هي صحف الإثارة المتسكعة على عتبة السفارات الغربية تفهم انتماءها الوطني لليمن وتعبر به على ذلك النحو.
علما بأن المارينز وفقا لمفهوم عسكري عالمي أكدته معظم الدراسات العسكرية بأنه جيش دعائي أكثر مما هو حقيقي وذلك بحسب الموسوعة العسكرية العراقية التي وصفت ذلك المارينز بأنه أشبه بنمر من ورق صنعته المكنة الإعلامية أكثر مما صنعته الحروب الحقيقية بدليل أن وزارة الدفاع الأمريكية اعترفت عام 2004م بأن مئات الجنود من المارينز أصيبوا بحالات نفسية قبل أن تبدأ المعارك المحيطة ببغداد وتم نقل أولئك الجنود إلى تركيا لتلقي العلاج.
ولأننا أبعد ما نكون عن المبالغة والتهويل فإن ذلك الاعتراف بإصابة جنود المارينز بحالات نفسية قبل بدء بعض المعارك في بغداد هو بالتأكيد اعتراف من قبل وزارة الدفاع الأمريكية التي كررت اعترافها أيضا عام 2008م بعد توقيع الاتفاقية الأمنية بأن قوات مشاة البحرية الأمريكية خسروا في العراق أكثر من القوات الأمريكية التي لم تكن محاطة بالدعاية الإعلامية والمبالغة في أدائها العسكري لأن تلك المبالغة تنم كما أوضحنا عن جوانب نفسية أشبه بأفلام الرعب والإثارة التي تبثها السينما الأمريكية ليس في الفلم المسيء لنبي الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام فحسب ولكن في أفلام هوليوود التي دائما ما تكون مادة التثقيف لذلك المارينز عندما غامر في الصومال لم ينكر خبراء العسكرية العالمية بما في ذلك العسكريين الأمريكيين أنفسهم أن قوات الجنرال محمد فرح عيديد حصدت من قوات المارينز خلال الأسبوع الأول من دخولها الصومال 800 جندي بأسلحة تقليدية.
ومعنى ذلك أن ما سبق وأن قلنا به بخصوص تلك المبالغة من قبل بعض الصحف الأهلية ليست إلا مبالغة واقعية عند تقييم ذلك من ناحية واقعية فإن المارينز ليس ذلك البعبع الذي يجب تخويف اليمن به.

قد يعجبك ايضا