تعز.. كاتب وكتاب
هشام عبد الله ورو
هشام عبد الله ورو –
حقيقة كم أكون سعيدا عندما أسمع عن كتاب يتحدث عن تاريخ زبيد أو حاضرها أو أي شيء يتعلق بها وأجد نفسي في شوق لاقتنائه ومعرفة ما بين السطور , لكن هذه المرة ما شدني هو كتاب عن مدينة أخرى حين سمعت عنه عبر وسائل الإعلام في معرض تعز الدولي للكتاب 2012م أو عبر تناولات متناثرة هنا وهناك ما جعلني أتمنى الحصول عليه ذلك الكتاب هو تعز فرادة المكان وعظمة التاريخ وذلك الكاتب هو فيصل سعيد فارع , وأقف هنا حائرا بين الكتاب والكاتب هل أقدم الكتاب الذي يعد إيجازا معجزا لتاريخ مدينة وحاضرة يمنية وعربية كشف لنا الكتاب سرها المكنون وطبيعتها الساحرة وتاريخها المفعم بالعلم والسياسة والحرب والنضال في آن واحد , فقد مثلت صفحات الكتاب الثلاثمائة والثمانون خلاصة مهمة لبلد غاب عنا ردحا من الوقت إذ أن الجيل التسعيني لم يتشرب بعد تاريخ حواضره التي غيبها الإعلام ردحا من الزمن وساهم المنتج الثقافي الرديء في الفترات السابقة في محاولة طمس كنوزنا الثمينة مثل تعز وزبيد والجند وتريم وغيرها من حواضر اليمن التي ساهمت في صناعة الفكر الإنساني منذ عقود من الزمن , أعترف أني لست متخصصا في الكتابة التاريخية أو النقد التاريخي لكني أجزم أن مادة كهذه تستحق الوقوف أمامها بكل جدية ذلك أن تجارب رائدة مثل هذه يجب أن تعمم على كل مكتبات اليمن ومراكزها الثقافية بل ومدارسها أيضا كي تقرأ الأجيال المتعاقبة تاريخ بلدهم الذي يجب أن نتكئ عليه كي نمضي لمواكبة المكانة العلمية والثقافية لحواضرنا التي يحق لنا أن نفاخر بها بين الأمم.
اعتقد أن الكتاب يعد جهدا مؤسسيا منظما استطاع كاتب بحجم فيصل سعيد فارع أن يلبسه صيغة المؤلف وأقول ذلك ليس ضربا من الوصف بل التنوع والإلمام لكافة جوانب الحياة في تعز وكافة مراحل التاريخ تجعلني أتساءل كيف استطاع المؤلف أن يجمع التنوع التاريخي والجغرافي والعلمي في هذا الكتاب وأجزم أني اطلعت على مجلدات تعز عاصمة الثقافة اليمنية على مر العصور الصادر عن المؤسسة وجامعة تعز على الرغم من قيمتها الكبيرة إلا أن هذا الإصدار جعلني أخرج بحصيلة هامة هي مدى تاريخ هذه المدينة وكنت أقرأه وكأني بين يدي كتاب بغية المستفيد في تاريخ مدينة زبيد لا بن الديبع أو كتب زبيد للحضرمي أو الدر النضيد في تاريخ مدينة زبيد لعبده علي هارون هذه الكتب تحدثت كما تحدث فيصل , لكن فيصل استطاع أن يضيف لغته الخاصة كي يتميز الكتاب بالسرد التاريخي ليس الجاف بل السرد التاريخي الذي يحكي قصة تاريخية لمدينة غاب عنا تاريخها منذ وقت طويل, وألحظ ذلك أولا من خلال عناوين الفصول فالفصل الأول تعز وفرادة المكان, والفصل الثاني تعز عبق التاريخ,هل نحن أمام سرد تاريخي¿ أم نصوص إبداعية¿ اعتقد أن الاسلوب القصصي لسرد التاريخ المعاصر في هذا الكتاب كان يحمل لغة قريبة من الوجدان قريبة من المجتمع حيث أني أستطيع أن أطلق على بعض فصول هذا الكتاب بالتاريخ الروائي حيث يشدك نحوها بتلقائية مفرطة , تساءلت كثيرا هل أنا أمام كاتب من تعز¿ أم أمام رحالة مر من هذه البلد وكتب مشاهداته عبر العصور فلأول مرة أقرأ عن بداية دخول المذياع والتلغراف والتلفون وتاريخ التقنية الحديثة في هذه المدينة التي تمثل خلاصة وطن بأكمله .
حقيقة لا أردي هل أنا أمام عرض لكتاب صدر حديثا أو أمام حديث انطباعي فكلما أتجه صوب صفحاته كي أعرض موجزا لها أجد نفسي أكتب بتلقائية مفرطة عن رأيي الشخصي في الكتاب والكاتب إذن أنهما أصبحا يمثلان اسما واحدا, فعندما تذكر تعز الثقافية يذكر فيصل سعيد فارع يذكر جبل صبر وقلعة القاهرة هكذا حدثني الكاتب داوود بازي ذات يوم وأنا في حديث معه عن هذه المدينة التي جذبتني نحوها دون سابق إنذار.
أخيرا اعتذر للقارئ الكريم أني لم استطع الكتابة عن فصول الكتاب أو كنهه فهذا اتركه للمؤرخين أولا واعترف أن الحنين يقودني شوقا للحديث عن بهاء المدينة وألقها وحاضرها المشرق العامر بالنضال والثقافة والثورة والحب .