وقفة رمضانية مع الصحة الإنجابية

د. يسرى محمد مريط


د. يسرى محمد مريط –
نستلهم من رمضان حلول لمشاكل صحية كثيرة وليس غريبا تناول جملة منها ضمن مكونات الصحة الإنجابية بما لها من حضور تفرض على المجتمع- لأهميتها- التزود بالمعلومات والمعرفة الكافية.
كما ليس الشهر الكريم بمنأى عن تجلياها ففي روحانيته وأجواءه الإيمانية تنبري معالجات للكثير من المعوقات المؤثرة سلبا- صحيا ونفسيا واجتماعيا- ليس على الزوجة أو الزوجين معا بل حتى على أطفالهم الذين يحرمون- غالبا بسبب الإنجاب المتكرر- ما يتعين حصولهم عليه من اهتمام ورعاية..
سوف تضعنا الدكتورة/ يسرى محمد مريط – اختصاصية أمراض النساء والتوليد على حيثيات هذه القضية موردة الكثير من الحلول الصحية العملية:
موضوع الصحة الإنجابية في شهر رمضان فيه أهمية بالغة يستشعر معها الزوجين مسؤوليتهما حول تنظيم الإنجاب بما لا يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية من أجل بناء الأسرة على أسس ومعايير صحية قويمة بعيدا عن المنغصات والأعباء والمتاعب المثقلة كاهل الزوجين.
فالصحة الإنجابية تحمل من الدلالات الواسعة ومفهومها يشمل الاهتمام بجميع أفراد المجتمع من كل الأعمار- ذكورا وإناثا- باتجاه السعي إلى تحسين نوعية الحياة أي أنها ليست تقتصر على تقديم المشورة والرعاية الصحية وإنما مفردة من مفردات التنمية الصحية وإحدى أسسها لبناء أجيال واعدة تجعل من أفراد المجتمع- من الجنسين مستقبلا- أعضاء فاعلين في تنمية المجتمع ورقيه.
ويتخذ تعريف الصحة الإنجابية كما ورد في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد بالقاهرة عام 1994م المعنى ذاته الذي بيناه مع شيء من الخصوصية ومفاد هذا التعريف أن الصحة الإنجابية: “حالة السلامة الكاملة بدنيا وعقليا واجتماعيا وليس مجرد انعدام العجز والمرض في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته”.
وهذا-لاشك- يلزمه حزمة من التدخلات العملية للوصول إلى تأمين رعاية متكاملة للنساء في الحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة مع التنظيم المناسب للإنجاب بما يضمن بقاء الولادة حدثا مبهجا لا محزنا يساهم في الحفاظ على صحة الأم وجنينها ومن ثم وليدها- بعد أن تلد- ونشأته في بيئة أسرية ملائمة محفوفا برعاية سليمة وعناية من كلا الوالدين فالاهتمام بالصحة الإنجابية- في هذا الإطار- له فوائد متعددة ولعل أبرزها:-
تخفيض وفيات الأمهات فهي لا تزال تشكل نسبة عالية في اليمن تصل سنويا إلى(365) وفاة لكل(100ألف)مولود حي.
تحسين صحة الطفل وتوفير فرص رعاية جيدة له يحصل من خلالها على كامل حقه في الرضاعة الطبيعية مدة عامين كاملين عبر المباعدة بين الولادات واستخدام الأمهات- بشكل مناسب- لوسائل تنظيمية للإنجاب تفي بالغرض.
تحسين السلوك الإنجابي الذي لا يزال في اليمن تشوبه الكثير من الأخطاء كالحمل المبكر بما يترتب عليه من ولادة مبكرة تأتي بمشاكل ومتاعب خطيرة على الأم والوليد وفيها من الاتساع لتنعكس سلبا على الأسرة وحتى المجتمع مع بقاء أو تنامي هذه المعضلة.
الاهتمام بالتوعية الصحية للمجتمع بالأضرار المترتبة على الأحمال المتكررة والمتقاربة حيث لا تزال بمستوى عالي في اليمن والتوعية الصحية هنا لابد أن تتركز على عرض المزايا والفوائد الكامنة في المباعدة بين الولادات وأنها ليست عائدة على الأم وحسب بل للمواليد والأطفال عموما بما فيهم والزوج نصيب من تلك الفوائد.
ومن واقع الدراسات- علاوة على تجاربي المهنية- تبين أن للأحمال المتكررة مردود سيء وخطير على صحة الأم ومواليدها ومنهك لجسد الأم – بما يصعب عليها تعويضه- مما يجعلها عرضة لأمراض ذات ارتباط بتكرر وتقارب الأحمال والولادات وأيضا يعجل من ظهور تقاسيم الشيخوخة ومشكلاتها المحتملة على المرأة بشكل مبكر قبل الأوان.
كذلك الحمل بعد سن(35)عاما فيه من الـتأثير الخطير على صحة الأم من احتمال تسببه بتعسر الولادة أو الإجهاض أو التسبب بتشوهات خلقية للجنين.
وليس من باب التهويل وصف وفاة الأم بكارثة تحل على الأسرة لاسيما على أولادها الصغار الذين يفقدون بوفاتها الحنان والرعاية في سن مبكرة فينشئون على الحرمان ويتعرضون لكثير من العوامل المؤثرة سلبا على صحتهم النفسية والجسدية وواقعهم الاجتماعي.
هي كارثة -أيضا- على المجتمع الذي يفقد امرأة في ريعان العمر كان يتوقع أن تستمر في العطاء ردحا طويلا من الزمن.
وهنا نصل إلى نتيجة-على المحك- تتطلب نسقا متسلسلا من الرعاية والعناية يحفظ للأم صحتها بدء بتهيئتها للزواج في سن ملائم وليس قبل الأوان بحيث لا يقل عمرها عند زواجها عن (18)عاما يليه أن تتهيأ للحمل ووجوب أن تحظى خلال حملها بالرعاية الصحية والمشورة وبالعناية المنزلية والتغذي

قد يعجبك ايضا