حديقـــة بـلا عنـــــــوان…¿!

جمال الظاهري


 - بعيدا عن الارتهان لهذا أو ذاك من الاطراف السياسية في الساحة اليمنية ورغم علمي المسبق بأن الحياد في هذا الزمن بالنسبة للكاتب أو الصحفي كمن يدعى للجلوس في صدر الديوان فيفضل القرفصاء في إحدى النوافذ فلا هو من أولئك الذين نفضوا أيديهم عن كل شيء ولا هو من الحضور الذين يديرون الاحداث كهدهد
جمال الظاهري –

بعيدا عن الارتهان لهذا أو ذاك من الاطراف السياسية في الساحة اليمنية ورغم علمي المسبق بأن الحياد في هذا الزمن بالنسبة للكاتب أو الصحفي كمن يدعى للجلوس في صدر الديوان فيفضل القرفصاء في إحدى النوافذ فلا هو من أولئك الذين نفضوا أيديهم عن كل شيء ولا هو من الحضور الذين يديرون الاحداث كهدهد سليمان يلقي ما عنده دون أن ينتظر التعليق أو الجزاء يقبل بالعيش في الهامش في حين أن صدر الصفحات الحزبية والأهلية مبسوطة أمامه يتجرع مرارة الحاجة وشظف العيش في الوقت الذي يرفل غيره من أصحاب المواقف والرأي الذين يوظفون ارائهم وقناعاتهم لمن يدفع أكثر في نعيم وبحبوحة مادية ومكانه عالية مسنودة بـ(الوسيط) الذي يفتح له كل الأبواب المغلقة فيا ترى هل من رفض أن يبيع قناعاته وقلمه على صواب أم أولئك الذين قدموا المكسب على الموقف¿
ومع ما تمر به البلاد هذه الأيام من أزمات جعلت الاغلب يقع تحت ذل الحاجة وأمام عجزه عن تلبية متطلبات العيش الكريم له ولأسرته فإن الكثير من ممتهني العمل الاعلامي والكتاب قد تنازلوا أو باعوا أو نسوا الأمانة التي في اعناقهم ومسئولياتهم الاخلاقية ومواثيق الشرف المهنية في طرح القضايا .. بل ورموا بقناعاتهم ومثلهم وماتعلموه من قيم العمل والمهنية في مكب النفايات هذا لا يعني أن ليس هناك من رفض عرض بضاعته على من يشتريها فهناك أخرون يفضلون مكابدة العوز على أن تهتز أفئدتهم أمام الريال أو أي عملة آخرى.
استقطاب تلك الاطراف لهؤلاء الاعلاميين والكتاب ليس لأنهم يقدرون الحرف والكلمة أو لأنهم يهتمون بأصحاب الاقلام وممتهني العمل الاعلامي أو لأنهم متميزون في إنتاجهم وما يقدمونه من مواد اعلامية أو لأن أقلامهم تعطر المجالس وتخط رؤى وحلولا للقضايا التي يعاني منها الناس ولكن لأن هذه الأقلام قبلت أن تقتات من جراح الغلابى وزرائب الساسة.
صحيح أن ضغوط العيش هذه الايام كبيرة وقد تجبر البعض للتنازل عن قيمه ومبادئه غير أن هناك أشياء لا يمكن المساومة عليها ولا يمكن التفريط بهاأيا كانت المبررات ومهما كانت الضغوط والكن الحياة ليست سوى تكرار دائم للاحداث والشخوص وكما في كل عصور واحداث الماضي التي حفظها لنا التاريخ من أمثال هؤلاء هاهي الأيام تبرهن لنا من جديد أن الانسان العصر مهما بلغ من العلم والمعرفة ليس سوى نسخة لأسلافه في الأزمنة السحيقة فمثلما كان هناك اصحاب قيم وخلق رفيع هناك أيضا من هو على استعداد دائم لبيع ما لا يجوز بيعه ولهذا فلا غرابة أن نجد هذا القلم ذا النفس المناطقي المتمترس خلف المكان أو الاقليم أو المنطقة لدى البعض والمتستر بالمعتقد والآخر المسلط بإسفاف على الاشخاص أو الجماعات التي تختلف معه في النهج أو الاسلوب أو الرؤية حتى وصل الأمر بالبعض إلى تخريب العلاقات الأنسانية والأخوية والنيل من الاعراض والقيم الربانية.
وكنتيجة منطقية لهذه الحالة المقيته اصبح حملة الاقلام واصحاب الرأي من الاعلاميين خصماء لبعضهم البعض ليس بسبب اختلافهم في الرأي وإنما نتيجة لبيع الكلمة والموقف هذه الخلجات ليست تعبيرا عن حالة نادرة أو للتنبيه عن شيء غير مدرك وإنما ترجمة لواقع نعيشه فقد وجدت نفسي وغيري مثلي كثير في لحظة معينة ورغم الحرص على أن أبقى على مسافة واحدة من الجميع مطالبا بأن أكون مع أو ضد كي يتسنى لي تحسين وضعي الوظيفي أو المادي.
لحظة لطالما افلت منها هذه اللحظة لم تترك لي الخيار لتصبح المحصلة إما أن تكون معنا وإلا فأنت ضدنا لحظة صعبة خاصة عندما يتعلق الأمر بأناس عشت معهم جل ساعات يومك ولكم أن تتخيلوا كم كانت هذه اللحظة صعبة حيث يصل بك الحال للشك في صوابية ما أملته عليك أخلاقك ومبادئك فيكون الابتعاد أو (الهروب) من الجميع هو أسهل المخارج ما يعني للآخرين أنك ضد أي أنك وحدك لا يواسيك غير القلم والورق الذي لا يطالبك بأن يكون لك عنوان عريض أو انتماء لجماعة بعينها فيصير القلم هو لسانك الذي رفض أن يسمعه أصحاب الولاءات والأوراق حديقتك التي لا تطلب منك توصية من نافذ أو شهادة براءة من تنظيم أو تزكية من نافذ أو حزب لهذا أردت التوضيح فلربما يفهم من التبس عليه الأمر ولم يعر موقف من بقوا على الحياد ويدرك مدى ما وصلت إليه الأوضاع والعلاقات الإنسانية في مجتمعه ووطنه من سوء..
نعرف جميعا أن هذا الموقف ( المحايد) خاسر بالحسابات السياسية والنفعية الآنية وأن تبعاته لها أثر قاسي

قد يعجبك ايضا