وداعا رمز العطاء والوفاء

وليد المشيرعي


 - عندما نسمع اسم الاقتصادي‮ ‬العملاق الحاج أحمد هايل سعيد أنعم رحمه الله وأسكنه فسيح جناته لا‮ ‬يخطر في‮ ‬بالك أن رجلا بثرائه ومكانته الاجتماعية‮ ‬يمكن أن تلتقي‮ ‬به بالصدفة بعد منتصف الليل في‮ ‬أحد شوارع المجلية بتعز حيث‮ ‬يقطن متجها إلى المسجد
وليد المشيرعي –

عندما نسمع اسم الاقتصادي‮ ‬العملاق الحاج أحمد هايل سعيد أنعم رحمه الله وأسكنه فسيح جناته لا‮ ‬يخطر في‮ ‬بالك أن رجلا بثرائه ومكانته الاجتماعية‮ ‬يمكن أن تلتقي‮ ‬به بالصدفة بعد منتصف الليل في‮ ‬أحد شوارع المجلية بتعز حيث‮ ‬يقطن متجها إلى المسجد على قدميه لأداء صلاة القيام أو أنك ذات‮ ‬يوم ستراه واقفا في‮ ‬طابور الموظفين لقبض راتبه الشهري‮ ‬من أمين صندوق المجموعة لكن هذه هي‮ ‬الحقيقة التي‮ ‬يعرفها كل أبناء الحالمة والتي‮ ‬أكسبت الفقيد حب الناس وأسكنته في‮ ‬قلوبهم حتى أولئك الذين لم تصل إليهم هباته وعطاياه‮ »‬وهم قلة قليلة‮«.‬
نعم لقد كان الفقيد رحمه الله كالريح المرسلة ولم‮ ‬يرد سؤال أحد وحتى حين تأسست إحدى الجمعيات الخيرية بمحافظة تعز لهدف وقف سيل الحوالات والهبات المالية التي‮ ‬كانت تتدفق من تحت‮ ‬يديه وتحويلها إلى مشاريع خيرية عامة كان رحمه الله من كبار الداعمين لتلك الجمعية ورغم ذلك لم‮ ‬يتوقف عن عطاء السائلين‮ »‬وما أكثرهم‮« ‬مؤمنا في‮ ‬ذلك بصدقية ما قاله الأولون بأن الصدقة تجوز لكل سائل حتى لو كان‮ »‬راكب فرس‮«.‬
ولئن كان هذا الخلق الكريم‮ ‬غير بعيد عن أخلاق عامة أبناء وأحفاد السعيد وعلى نبراس جدهم ومؤسس مجدهم المرحوم الحاج هائل سعيد أنعم وكبير الأسرة الحاج علي‮ ‬محمد سعيد أنعم أطال الله عمره‮.‬
فإن الفقيد أحمد هايل كان نسيجا وحده وعلامة فارقة في‮ ‬تاريخ بيت هايل فعطاؤه لم‮ ‬يكن بانتظار سؤال ذوي‮ ‬الحاجات من كل درجات السلم الاجتماعي‮ ‬والسياسي‮ ‬والثقافي‮ ‬ولا‮ ‬ينكر ذلك إلا جاحد وكم هو منكر وقبيح ذلك الجحود الذي‮ ‬نراه اليوم في‮ ‬وجوه المستائين من مواقف الفقيد في‮ ‬الأزمة الأخيرة وصمتهم المروع‮ ‬غداة رحيله أتذكر وكيف لي‮ ‬أن أنسى‮ ‬يوم وصلتني‮ ‬رسالة شفوية من الفقيد عبر الإعلامي‮ ‬والشاعر المعروف أحمد محسن الزواحي‮ ‬تحمل دعوة منه لزيارة مكتبه بالمجموعة في‮ ‬أقرب وقت‮.. ‬يومها كنت في‮ ‬العشرين من عمري‮ ‬حدثا‮ ‬يحبو في‮ ‬بلاط صاحبة الجلالة وكانت صحيفة الجمهورية الصادرة من تعز نشرت لي‮ ‬مقالا بعنوان‮ »‬صناعتنا الوطنية‮.. ‬ياسين عليها‮« ‬انتقدت فيها بسخرية لاذعة دعوات حماية المنتج المحلي‮ ‬مطالبا بتحسينه ومكافحة التهريب‮.. ‬لذلك لم أندهش بقدر ما كانت دهشة الجيران والأقارب ودموع والدتي‮ ‬رحمها الله تعالى التي‮ ‬امتد بها العمر حتى ترى ابنها مدعوا إلى مكتب أكبر شخصية اقتصادية في‮ ‬البلاد‮.‬
تفاصيل اللقاء كانت كثيرة منها أن الفقيد رحمه الله سألني‮ ‬عن عملي‮ ‬فاستحييت اخباره أنني‮ ‬عاطل وكذبت مدعيا أني‮ ‬صحفي‮ ‬بالجمهورية وعن حالتي‮ ‬الاجتماعية‮ »‬عازب‮« ‬ومنطقتي‮ ‬ودراستي‮ ‬إلى آخر‮ »‬المجبر‮« ‬الذي‮ ‬لم تثقله الرسميات ولا أجواء الرهبة‮.. ‬فبساطة الفقيد وعفويته ولهجته القروية خفيفة الظل كانت تملأ المكان ولم تترك منفذا لغير الطمأنينة والارتياح‮.‬
ودعني‮ ‬الفقيد مهديا لي‮ ‬حقيبة مملوءة بإصدارات أدبية وعلمية دعمتها المجموعة وقال بكل جدية‮ »‬أشتيك هكذا تكتب بصدق‮ .. ‬أنت قلم‮« ‬ورغم مرور ما‮ ‬يقارب العقدين من الزمان على ذلك اللقاء لا أزال متأثرا بشخصية الفقيد وكل ما وقعت عيني‮ ‬على متعجرف أجوف‮ &#823

قد يعجبك ايضا