مبروك الاقتراع

معين النجري


 - معين النجري
معين النجري –

بنجاح انتخابات يوم أمس وتوافد الناس على مراكز الاقتراع بكثافة لم يكن يتوقعها أكثر المتفائلين وبإصرار المواطن البسيط على الوقوف في طوابير طويلة ليمارس حقه الديمقراطي رغم الكثير من العوائق التي وقفت في طريقه سواء العوائق النفسية أو المادية يكون قد أوصل رسالة واضحة المضمون جلية المعاني إلى عدد من الجهات والأطراف الأساسية الفعالة في الميدان السياسي اليمني وأيضا الإقليمي. وعلى هذه القوى أن تدرك إن المواطن اليمني لم يعد ذلك الشخص الذي يسهل التحكم بأفكاره وقناعاته ومن ثم مواقفه وتصرفاته.
لقد أصبح اليوم أكثر وعيا بما يدور حوله من اتفاقات وتوافقات ومنافسة وصراع تشعلها وتطفئها قوى سياسية لكل طرف فيها مبتغاه المشروع واللامشروع.
لذا اعتقد أن على المشاريع السياسية القديمة والحديثة أن تكون أكثر حذرا وذكاء في التعامل مع المواطن لأن التاريخ بعد الـ21 من فبراير لن يكون شبيها بالتاريخ قبل هذا اليوم. فالأحداث التي شهدها اليمن منذ يناير 2011م حتى يوم أمس خلقت إنسانا جديدا ولد من رحم تلك الشهور المعبأة بالمعاناة وقد أعاد النظر في جميع مسلماته التي كان يعتقدها ثوابت وأصبح من الصعب جدا على أي طرف إقناعه بأمر ما إلا بعد أن يمرره عبر غربال دقيق نسج خيوطه من أوجاع كثيرة داهمته خلال هذه الفترة.
إن الإقبال الذي شاهدته في عدد من المراكز الانتخابية التي زرتها في أمانة العاصمة وكذلك ما بثته بعض القنوات الفضائية العربية من تقارير إخبارية عن مستوى إقبال الناس على مراكز الاقتراع رغم معرفتهم سلفا بأنها انتخابات محسومة رسخت عندي هذه القناعة. وستكون الأحزاب والجماعات السياسية أمام تحد جديد يختبر قدرتها في إعادة صياغة خطابها وقبله أفكارها وممارساتها على ارض الواقع بما سيتناسب ويخدم إنسان اليوم المعجون بتناقضاتها ومواقفها منه منذ أن كانت.
إنهم ملزمون على التعامل بشفافية وجدية مع شريعة اليوم ساطعة وعناوينها التي لا تتحدث عن احتياج اليمن إلى رئيس جديد فحسب ولكن إلى أحزاب جديدة أو متجددة قادرة على تطوير نهجها وتجاوز ما كانت تعتقده مقدسات تنظيمية لتصل إلى المساحات المفتوحة التي تستطيع من خلالها تنفس الهواء من كل الاتجاهات.
إن المرحلة التي دشناها يوم أمس بحاجة إلى مشاريع نهضوية قادرة على تحريك الواقع بالاتجاه الإيجابي لا إلى أفكار ومبادئ تعفنت وملتها الكتب والرفوف التي تحملها.
تحتاج إلى أيديولوجيات مرنة وأكثر انفتاحا مع الآخر ولا تمانع في التعامل مع الخصم السياسي إذا كان الهدف مصلحة الوطن المرتبطة كليا بمصلحة المواطن الذي ينظر إلى النجاح والفشل والى التطور والتدهور من خلال توفير أهم متطلبات حياته اليومية لذا ذهب إلى صناديق الاقتراع يوم أمس لينتخب مرشح التوافق الوطني وهو يحمل في وجدانه الكثير من الآمال والأماني والرغبة الصادقة في إخراج اليمن من أزمته والمساهمة في بناء وطن آمن ومستقر. يمن يمتلك القدرة على الانطلاق إلى المستقبل بروح جديدة محمول على عوامل النهضة والبناء لمساعدته على الاستمرار في التقدم إلى الأمام … فلا تخيبوا ظن المواطن وتعرقلوا طموحاته المشروعة بصراعاتكم التافهة ومبروك على الانتخابات.

قد يعجبك ايضا