انفلات أخلاقي
معين النجري
معين النجري –
يجب أن نسب الذات الإلهية لنقضي على التقديس وننهض بالبلد) قالها احدهم أثناء نقاش عابر نصادفه في كل مكان نذهب اليه هذه الأيام.
شاب يقدم نفسه ببذلة الرجل الحضاري المتحرر من عقد الماضي والفاتح ذراعيه للحياة, رابطا قدرة المجتمع على النهوض وتحقيق الانجاز بالتخلص من المقدسات وأولها الذات الإلهية, ليس بتجاهلها ولا بإنكار وجودها بل بتوجيه السب المباشر حتى يكسر القيود النفسية والمعنوية التي تمنعه من الانطلاق إلى عالم اليوم.
هذه مجرد حالة , وفي الواقع الفعلي والواقع الافتراضي الكثير من الشباب ممن استعذبوا توجيه الإساءات إلى مقدسات الناس والتطاول عليها أو تسفيه المعتقدات والسخرية منها, مستغلين الانفتاح الكبير الذي وفرته وسائل الاتصال الحديثة وحالة الحرية المنفلتة التي يعيشها مجتمع ما بعد 2011م.
حتى أصبحت السخرية من الأنبياء والرسل أو من احدهم أو من الكتب السماوية أو من إحداها أو حتى من الذات الإلهية _كما فعل هذا الكائن_ شي يتكرر في صفحات الفيس بوك والمدونات والمنتديات وقد نجده في كتابات تنشرها صحف اعتاد الناس على قرأتها أسبوعيا أو يوميا.
صحيح أن ردة فعل المجتمع تأتي عنيفة ضد أصحاب هذا التوجه, ولكن تكرارها بشكل منتظم أو غير منتظم سيعمل على تطبيعها وهذا ما لا يريده أصحابها بكل تأكيد لأن حدوث ذلك يعني فقدان الهدف الأساسي من إطلاقها.
أنا لا اعتقد أن هؤلاء الأشخاص يؤمنون بكل ما يقولونه _أو معظمهم_ فبعضهم يؤدون الشعائر الدينية بشكل اعتيادي وهذا يتنافى من ما يقولونه شكلا ومضمونا. ولكنهم أناس أصابتهم لعنة حب الشهرة ولفت أنظار الناس, وعندما فشلوا في تحقيقها من خلال الأعمال الإبداعية أو تقديم خدمات متميزة لمجتمعاتهم, قادتهم شهوة الشهرة وأنفسهم الشريرة إلى النقيض تماما فقفزوا إلى أكثر الأشياء قدسية في حياة الشعوب وهو الدين والمعتقد و بدأوا بالتطاول وتوجيه الإساءات و السب والسخرية فقط ليقولوا للعالم هيييييييي نحن هنا.
وقد تأتي الإساءة للدين كردة فعل أحمق لتصرف ما قام به أشخاص يدعون الوصاية على الناس من خلال ممارساتهم وكأنهم نواب الرب في الأرض.
أيضا قد تصدر مثل هذه المواقف البشعة وغير السوية ضد معتقدات و مقدسات المجتمعات من باب التحدي لرجال الدين وأصحاب الفتاوى التكفيرية.
أنا هنا لا ابرر مثل هذه الأعمال بل أدينها و أتبرأ منها واعتبرها إجرامية في حق المجتمع , أما الله سبحانه وتعالى وكتبه ورسله فلن يصله شي من كل هذه التفاهات, لكنها تجرح المجتمع في أقدس معتقداته وتعمل على خلخلة تكوينه وتضرب البنية التركيبية التي على أساسها يمارس الناس حياتهم الطبيعية.
إضافة إلى أن ما يقومون به يعتبر ضد الحرية والمساواة والعدالة التي شغلوا العالم بالحديث عنها وضرورة تطبيقها, وتجرمه كل الدساتير و القوانين العالمية في كل دول العالم المتحضر وغير المتحضر.
لذا يجب علينا تجاهل تلك الكائنات ما لم يكن هناك قانون تحاسبهم به الدولة على هذه الأعمال, حتى لا يتحولوا إلى أبطال باسم الحرية.