نشكر لكم كل هذا العناء
جميل مفرح
جميل مفرح –
جميل مفرح
شهر ونصف تقريبا وصحيفة الثورة تواصل الإصدار والتماسك بفضل من الله تعالى وعزيمة لا تنثني من كوكبة أو عصبة من العاملين المبدعين الذين
عاهدوا الله وأنفسهم ومبادئهم على أن يدافعوا عن هذه المؤسسة وهذه الصحيفة التي تمثل بادئ ذي بدء واحدا من أبرز وأهم الرموز الوطنية الجليلة إلى
جانب كونها تعتبر بالنسبة لهم ولكافة زملائهم العائل الأول أو الأوحد لهم ولأسرهم ولأطفالهم.
أكثر من أربعين يوما مضت منذ حمل هؤلاء هم وعب استمرار الصحيفة وإدارة عجلتها متحدين كل العوائق والصعاب ومتحملين ضراوة ما شن عليهم من
حملات شرسة لم تبق ولم تذر من الود والتقدير شيئا تجاههم أو تجاه ما يقومون به من جهود وما يقاسونه من عناء من أجل استمرار النبض وما أمكن من
الحيوية وإثبات الوجود والانتصار على عامل الفناء الذي استحدث واستجلب للقضاء عليها عنوة لأسباب قد تكون سياسية وقد تكون شخصية وقد تكون….
وقد تكون…. إلا أنها في الأول والأخير وأيا كان من وما تخدمه تستهدف في الأساس أمان واستمرارية حياة عدد كبير من العاملين فيها قد يصل إلى ألف
وأربعمائة موظف وعامل يعول كل منهم عددا من البشر الأحياء على رزق هذه المؤسسة بما يتطلب معادلة حسابية تقريبية لو أردنا النقصي والدقة وإنما
في المجمل هي مؤسسة أو صحيفة تعول بضعة آلاف من البشر الذين يتمتعون بحق العيش والحياة وإن يكن في أدنى المستويات التي تقرها اللوائح
والدساتير والنظم العالمية.
أكثر من أربعين يوما أي أكثر من أربعين عددا من الصحيفة استطاع هؤلاء الزملاء الرائعون أن يتحدوا الصعوبات والعوائق لإصدارها ولتحقيق أهدافهم
الإنسانية النبيلة أو حتى أهدافهم الحاجاتية الجماعية الملحة لهم ولكل زملائهم ممن ينتسبون إلى هذه المؤسسة ويعملون فيها ويقتاتون هم ومن إليهم مما تتيحه
من رزق أو بالأصح مما تتحيه ظروفها وكيفية قيادتها وإدارتها من رزق يسير.
أكثر من أربعين يوما وهؤلاء يربطون على بطونهم من جوع وعلى قلوبهم من خوف وعلى عقولهم وأجسادهم من إعياء وإنهاك لتستمر الحياة في أوصال
هذه المؤسسة الرائدة ويصدون عن شرايينها كل نصال القسوة والغدر والخيانة والنكران التي تستهدفها وتحاول بتر أسباب الحياة النابتة في جذورها وردم
طرقات الأمل والتفاؤل والاطمئنان التي تشقها ما استطاعت أو ما يسر لها القدر لا يمكن الاستهانة به من الخلق الذين يجب الاعتراف بانتمائهم إلى البشر
على الأقل وإن شاء أن يصفهم عدد من المنتفعين والمتقربين والمزايدين والمتعصبين سياسيا ومناطقيا ومصالحيا على أنهم مجموعة من المرتزقة والبلاطجة
والمسيرين إلا أنهم يظلون بشرا لهم حق الدفاع عن أنفسهم وعن أرزاقهم وعن ولاءاتهم التي تنحصر في استقامة المبدأ والهدف وتغليب صوت المنطق
والعقل وتمكين الحقيقة والواقعية.
< أخيرا .. هي أكثر من أربعين يوما نعم ولكنها أكثر من أربعين عاما من التجربة الفريدة وإن شابها ما شابها من الصعوبات والمشكلات إلا أنها لقنتنا
وتلقننا دروسا مهمة وثمينة في الصبر والعزيمة وقوة الإرادة وأذاقتنا وتذيقنا حلاوة النجاح والانتصار حين يكون لغاية نبيلة شريفة لا تلوثها لوائث السياسة
والمنفعة السيئة ولا تخالطها روائح المحسوبية والأنانية والإقصائية الكريهة.. تجربة فذة رائعة .. لن نشكو منها وإن لزمتنا الشكوى ولن نستطيع أن ننكر
روعتها وإن خلط تلك الروعة قدر من الألم والحزن والمتاعب .. ولن نستطيع إن كانت لحظاتها الأخيرة تدعو إما لانفراج أو لاحتضار إلا أن نقول شكرا
لكل من افتعل لنا كل هذا العناء ولكل من راقبنا نتلوى ونجاهد في ثنايا هذا العناء وشكرا لنا لأننا بما شح وعز وبما كرم وغمر ما نزال كل صباح على هذه
الصفحات نهندس بسمتنا ونصلح من هندامنا وننسى كل هذا العناء.