رفد الهيئة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب بنخبة من أبرز المثقفين والمفكرين والأكاديميين..
العربية المتميزة في رفد الجائزة بالكفاءات التي بوسعها أن تسهم بشكل إيجابي وشفاف في اختيار المحكمين ممن يسند إليهم مهمة تحديد المرشحين المحتملين لنيل الجائزة.
من بين هؤلاء الأعضاء يأتي اختيار الدكتور سعيد توفيق تعبيرا عن هذا المسعى لما يتمتع به من مكانة علمية وإبداعية في العالم العربي.
ويرى سعيد توفيق أستاذ الفلسفة المعاصرة وعلم الجمال ورئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة أن ضمه عضوا في اللجنة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب هو تكريم رفيع القدر وتشريف بالغ له بحيث يضع على عاتقه المساهمة الفاعلة في الحفاظ على المكانة العلمية لتلك الهيئة المرموقة.
لقد شغل توفيق وظائف أكاديمية في جامعات عربية مختلفة. غير أن توصيف مسيرته العلمية وتطورها وبيان دورها في المجال الثقافي ربما يكون هو الأمر الأهم في التعريف به.
وقد بدأت هذه المسيرة برسالته للماجستير عن «ميتافيزيقا الفن عند شوبنهاور» التي أنجزها سنة 1982 وتم نشرها في العام التالي في بيروت. وقد فتحت هذه الدراسة آفاق الباحث الناشىء آنذاك على الصلة الوثيقة بين الفن والوجود وبين الفلسفة والحياة في عمومها وتعلم من شوبنهاور- الفيلسوف الموسوعي الأصيل الذي كان أعظم الفلاسفة تأثيرا خارج نطاق الفلسفة- أن الفلسفة توجد في الحياة وفي الخبرة بالعالم والناس والأشياء أكثر مما توجد في الكتب الأكاديمية الضيقة. ولهذا فقد ظل الحلم يراوده في أن يترجم إلى العربية يوما ما عمل شوبنهاور الرئيس الخالد «»العالم إرادة وتمثلا « ولم يبدأ هذا الحلم في التحقق إلا بعد مرور ربع قرن بصدور الجزء الأول من هذا العمل الذي سيتوالى ظهور بقية أجزائه تباعا ضمن إصدارات المشروع القومي للترجمة بمصر.
ولقد جاءت النقلة الثانية في التكوين العلمي لسعيد توفيق من خلال رسالته للدكتوراة عن «الاتجاه الفينومينولوي في تفسير الخبرة الجمالية»التي أنجزها سنة 1987 ونشرت في بيروت بعنوان «الخبرة الجمالية: دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية» والتي تعد أول دراسة عربية في مجالها وفتحث أفاقا واسعة للباحثين والدارسين في كثير من بلدان العالم العربي. وقد كتب سعيد توفيق دراسة باللغة الإنجليزية عن «الأسس المنهجية للإستطيقا الفينومينولوية» في أكبر دورية فلسفية عالمية في مجالها وهي الكتاب السنوي الهوسرلي الذي كان هوسرل نفسه- مؤسس الفينومينولويا- أول محرريه. وهو في هذه الدراسة يطلعنا على الثوابت المنهجية الأساسية في دراسة الظواهر الفنية والجمالية والتي شكلت نقطة انطلاق لكثير من التيارات الراهنة في نظريات التأويل والتلقي الجمالي.
وقد جاءت النقلة الثالثة في تكوينه العلمي بتتبعه لامتدات الاتجاه الفينومينولوي (أو الظاهراتي) في مجال فلسفة التأويل كما نجدها عند فلاسفة كبار من أمثال جادامر وريكور وغيرهم. فتعرف على التأويل الفلسفي وانعكاساته في مجال دراسة الأدب عند هيدجر وجادامر بوجه خاص وكتب عنه دراسة باللغة الإنجليزية في الدورية المرموقة سابقة الذكر. بل إنه قام- بعد أن قدم العديد من الدراسات الأخرى عن جادامر- بترجمة كتاب له بعنوان « تجلي الجميل» فقدم بذلك لأول مرة للقارئ العربي تيار التأويل الفلسفي لدى جادامر وتجلياته في تناول اللغة وفنون الشعر والمسرح التصوير والأسطورة والحقيقة بمعناها الفلسفي والديني.
وأتاح التفاعل بين كل هذه التيارات في عقل سعيد توفيق وتكوينه العلمي أن يستلهم روحها وتوجهاتها في رؤيته الفلسفية على مستوى التنظير والتطبيق في مجال الفلسفة العام وفي مجال فلسفة الفن والنقد الأدبي وفي غير ذلك من مجالات العلوم الإنسانية: فقد قدم هذه الرؤية على مستوى التنظير في كتابه « في ماهية اللغة وفلسفة التأويل» وفي العديد من الدراسات التي قدمها في المؤتمرات الدولية عن التأويل الأدبي والفلسفي بوجه عام. أما على مستوى التطبيق فقدم هذه الرؤية في دراساته النقدية التطبيقية المتعلقة بالكشف عن معاني الظواهر الثقافية السائدة في واقعنا وفي دراساته في مجال النقد الأدبي التطبيقي (وتجلى ذلك في كتبه ودراساته التي أنجزها عن أدباء وشعراء معاصرين من أمثال: جمال الغيطاني وأحمد عبد المعطي حجازي وحسن طöلöب وفاروق شوشة وغيرهم كثير). وهذا هو الطابع الغالب على توجهه الفكري الذي تشكل على مهل والذي يمكن أن نصفه بأنه طابع تسوده «روح التأويل الفينومينولوي أو الظاهراتي» أي روح التفسير الذي يسعى إلى كشف معاني الظواهر الإنسانية ووصفها كما تتبدى للوعي أو في الخبرة العيانية دون أن تضعها في إطر نظرية مسبقة أو قوالب مجردة.
وفي خضم هذا التفاعل الفكري كله لم ينشغل سعيد توفيق عن الانخراط في كشف واستجلاء معاني المفاهيم والمشكلات التي يحفل بها واقعنا الثقافي فيما يتعلق بالوعي العلمي والأخلاقي والفني والديني والسياسي. وقد تناول ذلك بالتفصيل في كثير من كتبه ودراساته التي تتناول قض