اتحاد أقطار شبه الجزيرة العربية 

حسن اللوزي


حسن اللوزي

حسن اللوزي
 لا شك أن بناء العلاقات من أصعب المهام التي يمكن أن يضطلع بها الإنسان وهي تكون أكثر صعوبة عندما تتوجه نحو بناء العلاقات بين الأقطار والدول لأنها تحتاج إلى جهود كبيرة وأعمال نوعية تبرز مدى الصدق الذي تحظى به النوايا المخلصة والفعالة التي تتصف بها التوجهات الجادة والحاسمة ليس بحثا عن المنافع المتبادلة وإن كانت هي الركيزة الواضحة في الغالب الأعم وإنما في الأساس خدمة للقيم والأهداف المشتركة التي تربط بين الطرفين ورعاية للقواسم التي تنبني عليها مكوناتهما.
وما يزال هذا الحديث مرتبطا بالأفكار العامة حول إقامة العلاقات وبنائها بشكل نظري وقد لا يحتاج إليها أي طرف طالما وأن للعلاقات مكونات قائمة وراسخة من أساسها ولها جذورها التاريخية والجغرافية قبل أن تكون لها المكونات الذاتية والاجتماعية أو الروابط العقيدية والثقافية فضلا عن الأرومة الواحدة وبالتالي فإن النظر إلى التكوين الجغرافي العظيم لشبه الجزيرة العربية وإلى المحتوى الوجودي للإنسان فوق ربوع هذه الأرض التي صارت تضم عشرة أقطار عربية تستدعي العديد من الأسئلة حول إقامة وبناء علاقات التعاون في ما بينها فضلا عن إقامة اتحاد يجمع أوصالها وهي تمثل عناصر الروح في الجسد الجغرافي الواحد وبما يذهب بالخيال إلى تصور إقامة اتحاد أقطار شبه الجزيرة العربية وذلك في نظري أقرب التصورات عندما ننظر إلى الاحتمالات التي يمكن أن يتطور إليها مجلس التعاون لدول الخليج العربية خروجا من عقدة الأنظمة المتماثلة وتقدما جريئا وحاسما نحو مصير الأقطار العربية المتكاملة في الإطار الذي سبق وأن أشرنا إليه.
وقد شجعني على تناول هذا الموضوع وأنا أكتب حول العلاقات الأخوية الحميمة التي تربط بلادنا والمملكة العربية السعودية التصريحات المهمة التي أدلى بها الأسبوع الماضي صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن فيصل والتي دعا فيها إلى ضرورة العمل عاجلا من أجل تعزيز قوة بناء مجلس التعاون لدول الخليج العربية والسير في اتجاه توحيدها وإدماج الجمهورية اليمنية فيها كخطوة أساسية أولى نحو تحقيق حماية وجود الجميع على هذه الرقعة المباركة والخيرة من الأرض العربية وبحيث يكون لها شأنها ومكانتها ودورها في ميزان الشراكة الإنسانية والإسهام في صنع التطور المنشود وفي عمق خارطة العالم خاصة وأن هذه الأقطار الشقيقة تمتلك بنية الماهية الواحدة والأرومة المتماسكة التي ترفض الشوفينية والعنصرية والشعوبية كما هو حال الأمة العربية جمعاء.
ولا شك أننا نتفاءل اليوم إلى أبعد الحدود بمثل هذه الأطروحات لأن بين يدينا الأنموذج العربي الأمثل في العلاقات الثنائية المتطورة التي تربط اليمن والمملكة العربية السعودية والتي بلغت ذروتها في ظل القيادة الحكيمة والمقتدرة لفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وتبينت في أفضل تجلياتها بالمواقف المبدئية والأخوية الثابتة للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا مع بلادنا في مواجهة المحنة القاسية والأزمة السياسية الضارية التي نعاني منها وهي المواقف التي لم تنحصر في الجهود السياسية الحكيمة والراقية لقيادة المملكة العربية السعودية فحسب بما في ذلك الجهود الأخوية البناءة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإنما قبل ذلك في تقديم كل سبل الدعم المادي والمالي لبلادنا في المراحل المختلفة والذي تأكد مجددا بالتوجيهات القيادية العليا الكريمة التي بلغ بها سيادة الأخ الفريق الركن عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية من قبل صاحب المعالي سعود الفيصل وزير الخارجية في الاتصال التلفوني الذي أجراه معه يوم أمس الأول والتي تقضي بتوفير الاحتياجات الماسة لبلادنا بما فيها المشتقات النفطية للتغلب على الصعوبات العديدة الماثلة أمام أنظار الجميع وفي معاناة الشعب بصورة خاصة وعظمة مثل هذه المواقف التاريخية تتجلى دائما في الثمار المباركة للأعمال التي لا تلبث أن تتحول إلى حقائق معاشة في عمق حياة الشعب والدولة وسد الحاجات الماسة وجدية السعي الكريم والحميد في جلب المصالح وتعزيز المنافع ودفع الأضرار والمفاسد ولذلك نقول ونكرر بأن المستوى الرفيع والحالة الإيجابية الرائعة التي وصلت إليها العلاقات اليمنية السعودية متانة وقوة وفعالية ستبقى الأنموذج الذي يحتذى به والطريق الواضح المستقيم الذي يعزز عناصر البناء والتكامل ويبني الجسور القوية في مسيرة الوحدة الأعم والأشمل التي لا بد لها أن تجمع في بوتقة واحدة كل شعوب هذا الإقليم الاستراتيجي الخطير لينهض من جديد بذلكم الدور المنشود وللمكانة التاريخية والجغرافية وللرسالة الحضارية والإنسانية في عالم قدره المحتوم التعارف والتكامل والتنافس والتدافع في إطار عظيم من التعدد فنحن قا

قد يعجبك ايضا