محافظة إب ..دور بارز في‮ ‬النضال الوطني


‬تحقيق‮/ ‬فايز البخاري –

‬نصف سجناء اليمن في عهد الأمام من أبناء إب
‬ثوار48م خرجوا في‮ ‬إب محفوفين بالدعوات وفي‮ ‬صنعاء باللِعِنِات
‬توزع شباب إب بين مناصرين للبدر وآخرين للحسن لتوسيع الشْقة
‬ركزِ‮ ‬الشباب على توزيع المنشورات والقيام بالتفجيرات المرعبة
‬إب أكثر المحافظات تضحيةٍ‮ ‬وأقلْها حظاٍ‮ ‬وقت الغنيمة والتوثيق

‬تحقيق‮/ ‬فايز البخاري

لم تْظلِم محافظة في‮ ‬توثيق تاريخها النضالي‮ ‬ودورها التنويري‮ ‬في‮ ‬مسيرة الكفاح الوطني‮ ‬كما ظْلمِتú‮ ‬محافظة إب التي‮ ‬كانت صاحبة الريادة في‮ ‬العمل الوطني‮ ‬على مِر‮ ‬التاريخ‮ ‬ورغم ذلك كانت الأقل توثيقاٍ‮ ‬وكتابةٍ‮ ‬عن أدوارها وما قام به أبناؤها من نضالُ‮ ‬وكفاحُ‮ ‬في‮ ‬مختلف الحقب الزمنية‮. ‬وهذا مايعزوه الدكتور فؤاد البنا إلى إرثها الحضاري‮ ‬وطبيعة أبنائها الذين أخذوا واشتقوا لأنفسهم‮ (‬الإباء‮) ‬من اسمها(إب‮).‬
ولتسليط الضوء على بعضُ‮ ‬من جوانب وأدوار محافظة إب في‮ ‬مسيرة الكفاح والنضال الوطني‮ ‬كان لنا هذا التحقيق المطول الذي‮ ‬استقيناهْ‮ ‬من أفواه‮ ‬مِن التقيناهم في‮ ‬زياراتنا الميدانيةº ومن بطون الكتب التي‮ ‬أرختú‮ ‬للثورة اليمنية‮. ‬إضافة إلى بعض الكتابات التي‮ ‬استشهدنا بها من خلال بعض الحوارات الصحفية لبعض مناضلي‮ ‬الثورة‮..‬
‮> ‬وقد بدأنا مع الوالد المناضل الشيخ سنان أبو لحوم الذي‮ ‬أشاد بدور محافظة إب البطولي‮ ‬في‮ ‬حركة النضال الوطني‮ ‬من خلال كتابه‮ (‬اليمن‮.. ‬حقائق ووثائق عشتها‮) ‬الجزء الأول صفحة48‮: «( ‬في‮ ‬سنة‮ ‬44‮ ‬ارتفع عدد المحابيس من لواء إب ليساوي‮ ‬نصف المحابيس في‮ ‬أنحاء اليمن كلها‮….‬أما إب فقد كان نصيبها أكبر في‮ ‬عدد المحابيس من وجهاء البلاد وعلمائها ومشائخها‮ ‬وهذه بعض أسمائهم وأعتذر مقدماٍ‮ ‬إنú‮ ‬لم تسعفني‮ ‬الذاكرة في‮ ‬ذكر كل الأسماء فقد كان في‮ ‬مقدمة محابيس إب الشيخ حسن محمد الدعيس‮ ‬لسان اليمن‮ ‬والقاضي‮ ‬أحمد بن علي‮ ‬العنسي‮ ‬والنقيب عبداللطيف قائد بن راجح‮ ‬والشيخ حسن محمد البعداني‮ ‬والشيخ منصور بن نصر البعداني‮ ‬والشيخ نعمان البعداني‮ ‬والشيخ محمد حزام خالد‮ ‬وابن عمه‮ ‬والشيخ محمد منصور الصنعاني‮ ‬والشيخ محمد عبدالقوي‮ ‬الشعيبي‮ ‬والقاضي‮ ‬عبدالرحمن بن محمد الحدادوالقاضي‮ ‬محمد بن أحمد صبرة‮ ‬والقاضي‮ ‬عبدالرحمن بن‮ ‬يحيى الإرياني‮ ‬والنقيب عبدالحميد أبو أصبع‮ ‬والقاضي‮ ‬أحمد عبدالرحمن المعلمي‮ ‬والشيخ عبدالعزيز منصور بن نصر‮ ‬والنقيب مرشد بن حسن أبو راس‮ ‬والنقيب قاسم عبدالله دماج‮ ‬وقايد عبدالله دماج‮ ‬وعلي‮ ‬مطلق دماج‮ ‬وناجي‮ ‬بن علي‮ ‬دماج‮ ‬والنقيب عبدالله بن حسن خرصانوالشيخ عبدالرحمن بن محمد باسلامة‮ ‬والنقباء عبدالعزيز الصلاحي‮ ‬وآل أبو راس وآل دماج‮ ‬ومحمد بن حسن أبو راس والنقيب عبدالله بن حسن أبو راس وقاسم بن حسن أبو راس‮ ‬والشيخ صالح مرشد المقالح‮ ‬والقاضي‮ ‬أحمد الجنيد‮ ‬والقاضي‮ ‬عبدالرحمن بن عبدالله الجنيد‮ ‬وعبدالوهاب محمد الجنيد‮ ‬والقاضي‮ ‬محمد بن علي‮ ‬الأكوع‮ ‬والقاضي‮ ‬عبدالكريم العنسي‮ ‬والشيخ عبدالعزيز بن صادق باشا‮ ‬وأحمد محمد باشا‮ ‬والسيد محسن بن قاسم باعلوي‮ )».‬

‮‬جمعية الإصلاح
‮> ‬وحين نتابع مجريات أحداث النضال ضد حكم الإمامة نجد أن‮ ‬عام‮ ‬1944م‮ ‬يْعتِبر من أخصب الأعوام التي‮ ‬نضجتú‮ ‬فيها الحركة الوطنية وتبلورت أفكارْها وساد الوعي‮ ‬الوطني‮ ‬تجاه ظلم وعنصرية وكهنوت الحكم الإمامي‮ ‬الطائفي‮ ‬معظم أرجاء اليمن‮ ‬إلا أن‮ ‬محافظة إب وبشهادة المؤرخ الكبير محمد بن علي‮ ‬الأكوع الحوالي‮ ‬كانتú‮ ‬الأكثر وعياٍ‮ ‬وإدراكاٍ‮ ‬لما تعانيه اليمن في‮ ‬ظل ذلك الحكم السْلالي‮ ‬المقيت‮ ‬وبالتالي‮ ‬فقد كان أبناؤها من أول من ناهضوا الإمامة ووقفوا بشجاعة في‮ ‬وجوه عْتاتها‮. ‬ومن مدينة إب انطلقتú‮ ‬أولى بشائر العمل النضالي‮ ‬التي‮ ‬تمثلت بـ(جمعية الإصلاح‮) ‬لمناهضة الإمامة برئاسة القاضي‮ ‬محمد علي‮ ‬الأكوع الحوالي‮ ‬وعضوية العديد من الشخصيات الوطنية بمحافظة إب والذين كان لهم أدوار بارزة في‮ ‬مسيرة النضال الوطني‮ ‬لعقودُ‮ ‬عديدة ومنهم القاضي‮ ‬عبدالرحمن بن‮ ‬يحيى الإرياني‮ ‬والشيخ الجسور حسن محمد الدعيس الذي‮ ‬يْلقب بفيلسوف الثورة والشيخ حسن محمد البعداني‮ ‬والنقيب عبداللطيف قائد بن راجح والشيخ محمد حزام خالد والشيخ صالح مرشد المقالح والد الدكتور الشاعر عبدالعزيز المقالح والشاعر محمد أحمد صبرة ومحمد منصور الصنعاني‮ ‬وعبده محمد باسلامة والقاضي‮ ‬عبدالكريم العنسي‮..‬
وعن هذه الجمعية‮((‬جمعية الإصلاح‮)) ‬للأمر بالمعروف والنهي‮ ‬عن المنكر التي‮ ‬تأسست في‮ ‬إب عام1944م الموافق‮ ‬1363هـ‮ ‬يقول القاضي‮ ‬عبدالرحمن الإرياني‮ ‬رئيس الجمهورية الأسبق في‮ ‬كتاب(وثائق أولى عن الثورة اليمنية‮) ‬الصادر عن مركز الدراسات والبحوث اليمني‮ ‬صفحة‮ ‬108‮-‬109‮: ‬
‮»‬في‮ ‬أوائل عام1363هـ ومن وحي‮ ‬المآسي‮ ‬التي‮ ‬كنا نراها كل‮ ‬يوم أمام أعيننا‮ ‬وبباعث الرغبة في‮ ‬التغيير إلى الأفضل والنزوع إلى تحقيق العدل وإلى التطور‮ ‬والذي‮ ‬كنا نسمع به ولا نراه‮ ‬أنشأنا في‮ ‬إب أول جمعية سياسية اسميناها‮ (‬جمعية الإصلاح‮) ‬واعتبرناها رافداٍ‮ ‬من روافد الحركة الوطنية في‮ ‬عدن بقيادة الشهيد الزبيري‮ ‬والزعيم النعمان‮. ‬وكان رأينا أن‮ ‬العمل من الداخل أجدى وأنفع مهما كان محفوفاٍ‮ ‬بالمخاطر‮. ‬وقد اطلع القاضي‮ ‬الشهيد‮ ‬يحيى بن أحمد السياغي‮ ‬والسيد محمد أحمد المطاع على برنامج جمعيتنا وحضرا بعض جلساتها ووافقا على البرنامج وشجعا على المْضي‮ ‬الحذر في‮ ‬العمل‮. ‬كما أن الجمعية اتصلتú‮ ‬بمِن في‮ ‬عدن وبعثوا لها ببطاقات عضوية وسندات مطبوعة للتبرْعات‮» .. ‬ويضيف‮: «‬برغم أن‮ ‬هذه الجمعية لم تْعمِر إلا أشهْراٍ‮ ‬معدودة‮ ‬فإنها في‮ ‬حدود معلوماتي‮ ‬أول منظمة في‮ ‬الداخل تتخذ شكلاٍ‮ ‬تنظيمياٍ‮ ‬ويكون لها منهج للعمل ونظام داخلي‮ ‬واشتراك شهري‮».‬

‮‬بيئة حاضنة للنضال
‮> ‬ونتيجة الوعي‮ ‬الذي‮ ‬عْرفتú‮ ‬به محافظة إب أو لواء إب كما كان‮ ‬يْسمى فقد خرج منها العديد من المناضلين الذين أسهمتú‮ ‬الأجواء في‮ ‬إب في‮ ‬إبرازهم وإدخالهم معترك الحياة النضالية مثلما كان حال الشيخ سنان أبو لحوم الذي‮ ‬يقول في‮ ‬صفحة46‮ ‬من كتابه آنف الذكر أن‮ ‬انخراطه في‮ ‬العمل الوطني‮ ‬كان‮: «‬بسبب مجتمع إب الذي‮ ‬كِبْرتْ‮ ‬فيه ووعيتْهْ‮ ‬منذ الصغر‮ ‬ومجموع الشيوخ والشباب الذين تفتحتú‮ ‬عقولهم على المعرفة سواءٍ‮ ‬لاستيعابهم للمجتمع الإبي‮ ‬الزراعي‮ ‬وطبيعة المظالم التي‮ ‬تعاقبت عليه أو لاهتمامهم بما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬العالم‮ ‬حيث كانت الحرب العالمية الثانية قد بدأت‮ ‬وبدأت أخبارْها تصل إلينا عن طريق المذياع الذي‮ ‬كان منتشراٍ‮ ‬في‮ ‬إب‮….. ‬فكانت إب هي‮ ‬أهم مراكز اليمن بالنسبة للوعي‮ ‬وهي‮ ‬المكان الذي‮ ‬نما عودي‮ ‬بها وكان لها تأثير كبير في‮ ‬تكوين شخصيتي‮» .‬
‮ ‬وعن هذا الوعي‮ ‬الذي‮ ‬كان منتشراٍ‮ ‬في‮ ‬إب آنذاك وكان سبباٍ‮ ‬لانخراط العديد من أبنائها ومِن‮ ‬يقطنونها من خارجها في‮ ‬حركة النضال الوطني‮ ‬ضد الإمامة‮ ‬يتحدث القاضي‮ ‬عبدالرحمن بن‮ ‬يحيى الإرياني‮ ‬في‮ ‬صفحة125‮-‬126‮ ‬من كتاب(وثائق أولى عن الثورة اليمنية‮) ‬بعد إلقاء القبض عليهم عقب ثورة‮ ‬1948م وإرسالهم إلى سجن حجة مقارناٍ‮ ‬بين كيفية خروجهم من إب وبين خروج الأحرار في‮ ‬صنعاء‮ : ‬
‮»‬كنا ثلاثة وثلاثين شخصاٍ‮ ‬عندما‮ ‬غادرنا إبإذ تْركِ‮ ‬بقية المعتقلين الذين لا دخل لهم بالثورة في‮ ‬إب‮ ‬وكان الناس على جانبي‮ ‬الطريق‮ ‬يدعون لنا بحْسúن‮ ‬المخúرِج والنساء تنوح وتبكي‮ ‬بينما الخارجون من صنعاء وعلى رأسهم الإمام الدستوري‮ ‬عبدالله بن أحمد الوزير والكثير من العلماء ورجالات اليمن قد خرجوا بين لعنات الناس مشفوعةٍ‮ ‬بقذفهم بالتراب والقاذورات‮. ‬وبهذا‮ ‬يمكنك أن تقارن بين المشاعر هنا والمشاعر هناك‮ ‬وتستنبط منها مؤشراٍ‮ ‬على الروح الحضارية والحس الإنساني‮ ‬وتفاوت درجات الوعي‮» .‬

‮‬الأحرار الأوائل
‮> ‬ويؤكد على ذلك أحمد محمد الشامي‮ ‬في‮ ‬كتابه‮ (‬رياح التغيير في‮ ‬اليمن‮) ‬حيث‮ ‬يذكر موقفاٍ‮ ‬طريفاٍ‮ ‬للقاضي‮ ‬المؤرخ عبدالله الشماحي‮ ‬حين كانت تْلقى عليهم القاذورات من بيوت صنعاء وهم في‮ ‬الأغلال(قيود تربط الأعناق ببعضها‮) ‬فقد وقع شيءَ‮ ‬منها على رأسه‮ -‬وكانوا في‮ ‬حالةُ‮ ‬بائسة‮- ‬فتحسس ذلك الشيء وصاح‮:»‬خرئة ورب‮ ‬الكعبة‮» ‬فانفجرِ‮ ‬الجميع بالضحك رغم بؤس ماهم فيه‮ !!‬
ومن جهته‮ ‬يشهد القاضي‮ ‬عبدالسلام صبرة على وعي‮ ‬أبناء محافظة إب وأنهم كانوا من صدارة وأوائل مِن عارضوا الإمامة في‮ ‬كتاب‮ (‬وثائق أولى عن الثورة اليمنية‮) ‬صفحة‮ (‬185‮) ‬بقوله‮: «‬تكونتú‮ ‬مجموعة كبيرة من العلماء والوجهاء والأعيان من لوائي‮ ‬إب وتعز ومناطق متعددة تطالبه‮ ‬أي‮ ‬الإمام‮ ‬يحيى منتصف الثلاثينيات‮ ‬وتحسين أوضاع اليمن ولكن الإمام‮ ‬يحيى بجموده وغروره واستعلائه‮ ‬يستنكر المطالبة الطبيعية ويعتبرها إساءة أدب إليه‮. ‬وكيف‮ ‬يجيء النصحْ‮ ‬من العبيد‮ ‬إلى المولى ومن المسود‮ ‬إلى السيد¿‮! ‬فزج بالكثير من المواطنين في‮ ‬السجون أمثال الشيخ عبدالوهاب نعمان ومن بيت قاسمأي‮ ‬آل قاسم مشائخ المجمعة بمديرية ريف إب‮ ‬وبيت حمود عبدالرب‮ ‬مشائخ عزلة حِرúد بمديرية ريف إب‮ ‬ومن بيت باشا وغيرهم‮».‬
إضافة إلى ذلك‮ ‬يْجمع مِن أرخِ‮ ‬للثورة اليمنية ضد الإمامة أن‮ ‬فيلسوف الثورة الشيخ حسن محمد الدعيس كان من أول مِن وقفِ‮ ‬في‮ ‬وجه الإمام‮ ‬يحيى وأبنائه الذين كانوا‮ ‬يلقبون أنفسهم بـ(سيوف الإسلام‮) ‬وعلى رأسهم الأمير الحسن بن‮ ‬يحيى الذي‮ ‬كان أميراٍ‮ ‬للواء إب واشتهرِ‮ ‬ببخله‮ ‬الشديد وجوره وظلمه للرعية في‮ ‬جمع ماكان‮ ‬يْسمى بـ(الصْبِر‮) ‬ومفردها‮ (‬صْبرِة‮) ‬وتعني‮ ‬زكاة المثل‮ ‬وتقضي‮ ‬بإلزام المزارعين دفع زكاة المحصول كأفضل سنة جادتú‮ ‬بها الأرض‮ ‬ما كان‮ ‬يرهق المزارعين ويكلفهم فوق طاقتهم إذا لم‮ ‬يكن المحصول وفيراٍ‮ ‬بل ويجعلهم‮ ‬يدفعون الزكاة قمحاٍ‮ ‬إذا كانت السنة التي‮ ‬اختارها الأئمة تزرع قمحاٍ‮ ‬حتى ولو كان المحصول شعيراٍ‮ ‬أو‮ ‬غيره‮. ‬وسواء جادت الأرض أم كانت شحيحة‮!!‬

‮‬مختصرو القرآن
‮> ‬وقد كان للدعيس تواجد حتى في‮ ‬العاصمة صنعاء منذ ثلاثينيات القرن العشرين وكان‮ ‬يجتمع بالشهيد أحمد المطاع والمناضل محمد المحلوي‮ ‬الذين كانوا من أوائل من واجهوا الإمام‮ ‬يحيى وسجنهم بْحجة أنهم‮ ‬يدعون لاختصار القرآن‮. ‬وهذا ما‮ ‬يؤكده المناضل العزي‮ ‬صالح السنيدار في‮ ‬كتابه‮ (‬الطريق إلى الحرية‮) ‬والقاضي‮ ‬عبدالسلام صبرة في‮ ‬كتاب‮ (‬وثائق أولى عن الثورة اليمنية‮) ‬صفحة‮ (‬181‮). ‬ويقول أيضاٍ‮: «‬بعد سنة‮ ‬1355هـ‮ ‬أي1936م‮ ‬كان مسجد الجديد في‮ ‬صنعاء هو الذي‮ ‬يجتمع فيه الأحرار الأولون أمثال المحلوي‮ ‬والدعيس وأولاد المطاع والعزب وعلي‮ ‬الشماحي‮ ‬والعزي‮ ‬صالح السنيدار وغيرهم‮». ‬
وهنا‮ ‬يصف صبرة الشيخ حسن الدعيس ضمن المناضلين الأوائل إلى جانب شهادته السابقة عن إب وتعز ليؤكد دور أبناء إب في‮ ‬ريادة العمل الوطني‮. ‬ودور الدعيس وبسالته وشجاعته في‮ ‬مواجهة الإمامة وتضحيته بمشيخه وجاهه وأملاكه في‮ ‬بعدان‮ ‬ينص عليه أيضاٍ‮ ‬أحد المناضلين الأوائل‮ -‬حسب وصف صبرة‮- ‬وهو المناضل العزي‮ ‬صالح السنيدار في‮ ‬كتابه سابق الذكر‮.‬
ويقول عنه عبدالسلام صبرة في‮ ‬صفحة‮ ‬192‮ ‬وما بعدها من الكتاب نفسه‮: «‬ومن أهم الشخصيات المعارضة المناضل ذو العقلية الناضجة واللسان الفصيح حسن الدعيس رحمه الله‮ ‬والذي‮ ‬لو سردتْ‮ ‬ما حفظتْ‮ ‬عنه في‮ ‬السجن وخارجه من نقد ونكت وقصص وتحليل علمي‮ ‬للكثير من القضايا العامة والخاصة لأطلت في‮ ‬التسطير وغطيت كثيراٍ‮ ‬من الصفحات‮.‬

‮‬دوافع وطنية خالصة‮ ‬
‮> ‬القاضي‮ ‬المناضل عبدالله عبدالوهاب الشماحي‮ ‬في‮ ‬دراسته المنشورة في‮ ‬كتاب‮ (‬ثورة1948م الميلاد والمسيرة والمؤثرات‮) ‬تحت عنوان‮ «‬نشوء وتطور حركة المعارضة‮» ‬يقول في‮ ‬صفحة37‮ ‬وما بعدها‮: (‬بينما كان الأستاذان الزبيري‮ ‬والنعمان ومجموعتهما بتعز كان النقيب مطيع دماج قد سبقهما إلى عدن إثر تفكير مجموعة بإب لم تجتذبها الآمال التي‮ ‬اجتذبت الأستاذين نعمان والزبيري‮ ‬إلى تعز‮ ‬فلواء إب كان تحت حكم خانق لا منفذ في‮ ‬صخرته لنسيم أدب ولا أريحية تلطف روح الأديب والشاعر من وطأة كابوس الحكم‮ ‬ولم‮ ‬يكن لتلك المجموعة تفكير إلا أن‮ ‬يتخلص اليمن من حكم الإمام‮ ‬يحيى وأبنائه‮ ‬وبعد تفكير طويل قرروا إقامة منظمة اطلقوا عليها‮ (‬جمعية الإصلاح‮) ‬يكون مقرها إب وتتكون من رئيس هو القاضي‮ ‬محمد بن علي‮ ‬الأكوع وأعضاء منهم القاضي‮ ‬عبدالرحمن بن‮ ‬يحيى الإرياني‮ ‬والقاضي‮ ‬عبدالكريم أحمد العنسي‮ ‬وعبدالرحمن بن محمد با سلامة‮ ‬ومحمد أحمد صبرة‮ ‬والشيخ حسن الدعيس‮ ‬والشيخ حسن محمد البعداني‮ ‬والنقيب عبداللطيف قائد بن راجح‮ ‬ومحمد منصور الصنعاني‮. ‬وقد وضعت لها نظاماٍ‮ ‬أرسلت مسودته إلى القاضي‮ ‬الزبيري‮ ‬في‮ ‬عدن فتولى مطالعته وتوسيعه وسماهْ‮ (‬برنامج الإصلاح‮) ‬وطبعه وأرسل منه كميات كبيرة إلى القاضي‮ ‬الأكوع رئيس المنظمة التي‮ ‬كان من أهدافها إزالة حكم الإمام‮ ‬يحيى وأبنائه‮» .‬
وعن وعي‮ ‬أبناء إب وإخلاصهم في‮ ‬النضال والدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري‮ ‬يقول سنان أبو لحوم في‮ ‬صفحة‮ (‬43‮) ‬من الجزء الثاني‮ ‬من كتابه‮ (‬اليمن حقائق ووثائق عشتها‮) ‬وهو‮ ‬يصف مِن كان‮ ‬يصل منهم إلى صنعاء عقب قيام الثورة للدفاع عنها مقارنة بالآخرين الواصلين من بقية المناطق‮: «‬وللحقيقة فإن‮ ‬الذين جاءوا من عدن وتعز وإب كانتú‮ ‬لديهم دوافع وطنية خالصة‮».‬

‮‬صانعة الإباء
‮> ‬من جهته‮ ‬يقول د‮/ ‬فؤاد البنا‮: ‬إب لعبت أدواراٍ‮ ‬حاسمة في‮ ‬صناعة التحولات الكبرى في‮ ‬هذا الوطن قديماٍ‮ ‬وحديثاٍ‮ ‬‮ ‬ولأنها‮ (‬تعمل‮) ‬فإنها لا‮ (‬تقول‮) ‬‮ ‬بمعنى أنها زاهدة في‮ ‬الحديث عن نفسها‮ ‬‮ ‬ولذلك أثرتْ‮ ‬تسطير هذا المقال عن هذه المحافظة التي‮ ‬اشتْق اسمها من فعلها‮:( ‬إب‮) ‬‮ ‬فهي‮ ‬لا تكف عن صناعة‮ (‬الإباء‮)‬‮ ‬وتدبير الثورات‮ ‬‮ ‬وتدبيج ملاحم التغيير‮ ‬‮ ‬كأنها قصائد عشق أزلية‮.‬
إنها إب‮ : ‬علي‮ ‬عبدالمغني‮ ‬‮ ‬وعبدالعزيز المقالح‮ ‬‮ ‬وزيد مطيع دماج‮ ‬‮ ‬وعبدالمجيد الزنداني‮ ‬‮ ‬وعبدالرحمن الإرياني‮ ‬‮ ‬وعبدالله الحجري‮ ‬‮ ‬وعبدالكريم الإرياني‮ ‬‮ ‬وجار الله عمر‮ ‬‮ ‬وعبدالسلام الدميني‮ ‬‮ ‬وحمود الهتار‮ ‬‮ ‬ومحمد حسن دماج‮ ‬‮ ‬ومحمد قحطان‮ ‬‮ ‬وحسن الدعيس‮ ‬‮ ‬وعبدالسلام العنسي‮ ‬‮ ‬ومحمد علي‮ ‬الربادي‮ ‬‮ ‬وعبدالعزيز الحبيشي‮…‬الخ‮ (‬من ذا الذي‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يحصي‮ ‬أعلام إب)¿‮!‬
‮ ‬ويضيف الدكتور البناء‮: ‬تمثل تعز وإب ما‮ ‬يساوي‮ ‬ثلث سكان اليمن‮. ‬وإذا كانت تعز قد حظيت أدوارْها باهتمام كبير ونالت بطولاتها إشادة مقدرة فإن إب لم تحظ بشيء من ذلك‮. ‬
‮‬نضال مْبكر
‮> ‬وعن دور إب الطليعي‮ ‬في‮ ‬كل الثورات‮ ‬يقول الزميل محمد الورافي‮: ‬كانت محافظة إب في‮ ‬أواخر‮ ‬1966‮ ‬داعمة للجبهتين وإلى جانب ذلك فقد أصبحت مدينة جبلة بمحافظة إب مركزاٍ‮ ‬للاجتماعات السرية للجبهة القومية التي‮ ‬أسهمت بدورها في‮ ‬تسريع الهزيمة التي‮ ‬لحقت بالمستعمر البريطاني‮ ‬وأجبرته على قبول الجلاء عن الوطن‮.‬
فيما‮ ‬يتحدث المناضل اللواء محمد عبدالله الفقيه عن الدور المبكر في‮ ‬دعم الثورة السبتمبرية والإعداد لها من قبل أبناء إب بقوله‮: «‬حقيقة فقد لمسنا جميعاٍ‮ ‬لأول وهلة أنه‮ ‬يوجد نشاط سياسي‮ ‬من قبل بعض العلماء والشباب في‮ ‬المدينة مثل القاضي‮ ‬عبدالرحمن الحداد‮ ‬ومحمد لطف الصباحي‮ ‬ومحمد الربادي‮ ‬وعبدالحفيظ بهران‮ ‬وأخيه‮ ‬يحيى بهران‮ ‬وعبدالعزيز الحبيشي‮ ‬وعبدالله وهابي‮ ‬وعبدالله المهتدي‮ ‬وعبدالله العمراني‮ ‬وغيرهم حيث كان هؤلاء من أفضل الشباب الثوريين الذين‮ ‬يعملون تحت ظلال ضباط الأمن لاسيما بعد قيام ثورة‮ ‬1952م المصرية فقد زاد الحماس لدى الكثير من الشباب لاسيما الذين كانوا‮ ‬يستمعون لأحمد سعيد من إذاعة صوت العرب‮». ‬
ويضيف اللواء الفقيه‮: «‬كانت تقوم في‮ ‬بعض الحالات مظاهرات ومشاكسات بين الشباب والحكام وهو ما استدعى طلب القاضي‮ ‬يحيى بهران عن طريقي‮ ‬للتفاهم مع نائب الإمام أحمد السياغي‮ ‬وفعلاٍ‮ ‬فقد اجتمع القاضي‮ ‬يحيى بهران مع أحمد السياغي‮ ‬واستطاع‮ ‬يحيى بهران أن‮ ‬يقنع نائب الإمام بأن حركة الشباب هي‮ ‬الأفضل وأن مراعاة المواطنين هو الواجب الأساسي‮ ‬الوطني‮ ‬وقد تسربت حركة الشباب إلى المناطق في‮ ‬إب وقعطبة وكان هناك الأستاذ عبدالله المساجدي‮ ‬والأستاذ حسن سريع في‮ ‬التربية والتعليم‮ ‬وكان التواصل‮ ‬يتم ما بين الشباب في‮ ‬إب وفي‮ ‬قعطبة عن طريقي‮ ‬وكذلك إلى العدين حيث‮ ‬يوجد الملازم عبدالله اللقية والحاكم القاضي‮ ‬أحمد الذاري‮ ‬وكانت تتبادل الرسائل والكتب الثورية عن طريقي‮ ‬ما بين إب والعدين وقعطبة وكانت الحركة دائبة‮».‬
ويْعزز ذلك الأستاذ محمد زين العودي‮ ‬والقاضي‮ ‬يحيى بن أحمد العنسي‮ ‬اللذان أشادا بدور شباب إب في‮ ‬كونهم كانوا كتلة واحدة ومنظمة في‮ ‬نضالهم وكفاحهم ضد حكم آل حميد الدين الجائر المستبد‮. ‬وأن‮ ‬هذه النقطة كانت سبباٍ‮ ‬في‮ ‬تماسكهم وبسالتهم التي‮ ‬أقلقِتú‮ ‬زبانية الإمام‮.‬

‮‬faiz.faiz619@gmail.com‭ ‬

قد يعجبك ايضا