حجة.. ثورة مستمرة..وتاريخ يتجدøد



كانت »حجة« موطن العديد من حكومات الأئمة السابقين ومستند بعض الحركات المذهبية المناهضة للحكم المركزي في بغداد والقاهرة الفاطمية كما كانت ملاذاٍ آمناٍ لأحفاد دولة الإمام القاسم وخط دفاعهم الأخير في وجه العواصف السياسية والثورات الوطنية ويمكن أن نوجز بعضاٍ من تلك الأحداث على النحو التالي:
منها ما حدث في عام »303هـ« في عهد الإمام الناصر أحمد بن الهادي يحيى »300-325هـ« حيث تذكر كتب التاريخ أنه بعث رسالة إلى أهالي حجة فقاموا بتمزيقها أمام الرسول متحدين كل ما يمكن أن يسفر عنه ذلك الفعل وتقول كتب التاريخ أنه أحجم عن مواجهة المدينة تاركاٍ ذلك للزمن..
وفي عام (???هـ) شن الإمام عبدالله بن حمزة (???-??? هـ) حملة عسكرية متذرعا بالانتقام لقبيلة بني بطين من قبيلة بني سام والكل من أبناء المحافظة وباءت تلك الحملة بالفشل وقد كانت حرب ضروس كما تقول بعض المصادر التاريخية .
وفي عام ???هـ انهزم الإمام إسماعيل بن حمزة عند حصنها المنيع .
وفي القرن الرابع عشر الهجري ضرب أبناء محافظة حجة أروع مثلا للبطولة والصمود بتصديهم للجيش التركي بدءا من حرب العصابات إلى حرب عصابات منظمة نازلت الجيش التركي بقيادة الإمام الهادي الحسيني وبعد موت الهادي تستمر الحرب بين اليمن والترك بقيادة محمد بن يحيى حميد الدين القاسمي ومن بعده ابنه الإمام يحيى وتبلغ قمة ضراوتها وتضحياتها في عهد الإمام يحيى وعنده ينتهي الصراع اليمني التركي الذي امتد منذ عام ????هـ إلى عام ????هـ وعقد معاهدة ????هـ التي خولت الإمام يحيى الحكم والسلطة وفي عام ???1هـ أعلن محسن شيبان الحرب على الإمام يحيى حميد الدين وتذكر المصادر التاريخية أن الأمير يحيى بن ناصر شيبان »وهو من نسل المطهر بن شرف الدين« قد اتفق مع الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر على إشعال ثورة من حجة تمتد فتغطي الشمال الغربي ثم تطبق على صنعاء فتجبر الإمام يحيى على الاعتزال وتقول المصادر إنه لنجاح العملية قرر شيبان والأحمر الاتصال بمن يثقون بهم كأبي منصر بثلا وعبدالوهاب الحوري من مشائخ مسور حجة ومجموعة من مشائخ وأعيان حاشد كالشيخ محمد القديمي واكتشف الإمام يحيى المخطط فقبض على الأمير يحيى شيبان واعتقله بسجن غمدان فتولى المهمة أخوه محسن وقد أرسل الشيخ ناصر الاحمر قوة بقيادة ابنه الشيخ حسين الأحمر وكان مركز قيادة الثورة قاهرة حجة وقد سيطروا على قرية صعصعة من أجل تأمين المدينة من ناحية (الأمان) التي كانت تحت سيطرة الأدارسة وتدور رحى الحرب بين الطرفين وفي غفلة المصالحة التي كان يقودها سيف الإسلام محمد بن المحسن والشيخ حزام الصعر يطلع من شمال حجة سيف الإسلام أحمد بن الإمام يحيى في عسكر جرار معظمه من الأهنوم والعصيمات وقد تم له السيطرة على المواقع المهمة المحيطة بحجة من ضمنها حصن كوكبان حجة المطل على حجة ويقول المؤرخون ان الحرب كانت عوان بين الطرفين وقد ثبت فيها محسن شيبان وحسين الأحمر برغم قلتهم وسيطر سيف الإسلام على المواقع المهمة في حجة حتى أنه لم يبق بأيديهما سوى قلعة القاهرة فتم التصالح على خروج محسن شيبان وحسين الأحمر بكل ما في القاهرة من أموال وسلاح ما عدا المدافع إلى حاشد.
إلا أن البردوني في كتابه (اليمن الجمهوري) يروي القصة مخالفا لعبدالله الشماحي الذي استندنا إليه في الفقرة السابقة. ويرى البردوني أن هناك روايات متعددة للحادثة وأسبابها يقول (روى بعض المعمرين أن الإمام يحيى استدعى السيد يحيى شيبان من حجة لكي يقدم حسابا عن الإيرادات والصرفيات في تلك المنطقة فلجأ شيبان إلى حاشد وأعلن التمرد ثم اسلمته حاشد تحت العنف العسكري الإمامي الذي استجابت له أغلب قبيلة حاشد طائعة. ويروي البعض أن شيبان كان بصنعاء وأنه دخل السجن لقصور حسابه ثم نهض أخوه محسن شيبان مع الشيخ ناصر مبخوت بانتفاضة عارمة ضد تشكيل الإمام لنظامه وإدخال عناصر إلى نظامه لا سابقة لها في النضال وهناك رواية ثالثة تذهب إلى أن يحيى شيبان أعلن نفسه إماما بحجة وأراد أن يعلن هذا بمعونة الإدريسي الذي يحتل تهامة وبمؤازرة مشيخة حاشد التي رأت التشكيل الجديد تهديدا لمصالحها.
إلى أن يقول: فهذه الحركات التي أمتدت من حاشد إلى البيضاء إلى المقاطرة إلى بيت الفقيه أروع عوامل تأجج الحيوية في نفس شعبنا لأنها مدت الحماس بالحماس حتى تتكون من مجموع الحركات حركة الوطن .
وقد رد البردوني على الشماحي مفردة ثورة معتبرا الثورة تغييراٍ جذرياٍ معللا بما آلت إليه الحركة من التدحرج والانكسار إلا أنها كما يقول بداية تململ ثوري مخاض حي لحركات التمرد التالية التي شهدتها اليمن خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات وبداية الستينيات.
وبعد أن هدأت الأمور وساد الأمن ظل سيف الإسلام أحمد ابن الإمام يحيى أميراٍ على حجة واتخذ مدينة حجة مركزا لإمارته يقول (الشماحي): وكانت تتحكم في لواء حجة طائفتان المشائخ المحليون ومشائخ حاشد وبكيل كآل الأحمر وآل جزيلان وآل هراش وآل المعمري وآل الرميني والزرقة وأبو راس وشمسان وآل الشايف وغيرهم وقد آل سيف الإسلام على نفسه التغلب عليهم فتم له ذلك وساء هذا التصرف الشيخ ناصر بن ناصر الأحمر فزحف بجيش عن طريق حبور حتى وصل حصن (نيسا) وتعرض له هناك القاضي حمود حميد وسرعان ما قتل القاضي حمود حميد واحتل الشيخ ناصر الأحمر حصن (نيسا) وبعد مقتل القاضي حمود انشق جيش الأحمر وإذا بشطر هذا الجيش يعود أدراجه واضطر الشيخ ناصر التوقف بحصن (نيسا) قرابة عام ثم عاد بلاده.
ثم تعين سيف الإسلام أحمد أميرا في تعز وتعين في حجة بدلا عنه عبدالملك المتوكل وتتوالى الأحداث وإذا بثورة ?? مارس ?? تؤدي بحياة الإمام يحيى حميد الدين فيترك سيف الإسلام أحمد تعز ويتجه صوب تهامة ومنها ينطلق إلى حجة التي وصلها نهار يوم الجمعة ??ربيع الآخر ??3?هـ« ومن حجة بدأ سيف الإسلام أحمد إثارة القبائل بالرسائل وإرسال القواد والرعاة لمهاجمة صنعاء واتصل من فوره بالشخصيات القوية التي يعرف طموحها ومنافستها لعبد الله الوزير الإمام الجديد في صنعاء بعد مقتل والده يحيى حميد الدين وتكون حجة في هذه الفترة مركزاٍ قياديا للإمام الناصر أحمد حميد الدين لاستعادة حكم أبيه ويتم له ذلك ليلة السبت ? جماد الأول سنة ????هـ« باستسلام الإمام عبدالله الوزيز. ومن حجة يصدر أوامره إلى جميع أنحاء اليمن بجمع كل رجال الثورة وكل مفكر ومتحرر والاحتفاظ بهم وسوق الصفوة منهم مقيدين بالأغلال إلى حجة وهناك يستقبلهم سجن نافع وسجن المنصورة وسجن القاهرة .
وكانت أول دفعة تصل إلى حجة على إثر معركة شبام هم محمد بن محمد الوزير والشيخ عبدالله أبو لحوم ثم الأمير عبدالله بن أحمد الوزير ثم الرئيس جمال جميل والأمير علي بن عبدالله الوزير والأستاذ النعمان ورفاقه والشماحي وأحمد الشامي وحسين الكبسي.
وبعد انتقال الإمام أحمد إلى تعز بدأت أنهار الدماء تنساب على وهاد وسهول حجة حيث بدأ بأعدام زيد الموشكي والإمام عبدالله الوزير بقاهرة حجة ضربا بالسيف ثم تتابع الإعدام بحورة حجة وبصنعاء جماعات وكان يوم الجمعة هو الموعد الرسمي للقيام بتنفيذ أحكام الإعدام ووصل من تم إعدامهم بحجة إلى عشرين وهم: عبدالله الوزير وعلي الوزير ومحمد بن محمد الوزير وعبدالله محمد الوزير وعبدالله بن حسين ابو راس ومحمد بن حسن أبو راس وحسن بن صالح الشايف ومحسن هارون وعزيز يعني والخادم غالب الوجيه وزيد الموشكي ومحمد المسمري وأحمد المطاع وحسين الكبسي ومحيى الدين العنسي وأحمد الحورش وأحمد البراق وعبدالوهاب نعمان وأحمد ناصر القردعي .. وتم التنفيذ على فترات متفاوتة تقارب العامين.

قلعة قاهرة حجة
تقع قلعة القاهرة على ربوة مرتفعة مطلة على مدينة حجة وبمحاذاة حصن نعمان وتشكل مع مجموعة الحصون الأخرى كحصن نعمان وحصن الجاهلي وحصن الظفير حزاما أمنيا يطوق مدينة حجة التي تربض عند أقدامها في هدوء وسكينة تشعر وأنت ترسل بصرك بجمال الطبيعة وسحرها الفاتن وفي استطاعتك أن تشاهد كل شيء وتستعيد كل شيء.
لقد اكتسب هذا المكان شهرة واسعة لارتباطه بقادة الحركة الوطنية الذين كتبوا وهم ينزلوه شعرا جميلاٍ وملاحم تجسد بطولاتهم وتفانيهم في حب وطنهم (اليمن).
غالبية قادة الحركة الوطنية التحررية كانوا هنا» في قاهرة حجة« ومن هنا انطلقوا وبعضهم من هنا بدأ كتابة القصيدة والمكان الذي احتضن المشير السلال »أول رئيس جمهوري لليمن« مازال قائما ثمة صهاريج ومدافن للحبوب ما تزال قائمة والنفق الذي كان يستخدمه الإمام أحمد يحيى حميد الدين للوصول إلى وسط القلعة مازال شاهداٍ على سنين الرعب والمعاناة التي خيمت على وجدان الأحرار وهو نفق يمتد من وسط القلعة إلى خارجها من الجهة الشمالية وكان العامة يعتقدون أنه يمتد إلى قصر سعدان الذي تفصله عنه عشرات الأمتار.
ويعود تاريخ بناء القلعة حسب أوثق المصادر التاريخية إلى القرن الحادي عشر الميلادي في زمن حكم الدولة الصليحية وتم تجديد البناء في القرن السادس عشرالميلادي خلال الحكم الأول للدولة العثمانية لليمن وتم تجديد البناء والإضافة إليه سنة ا???هـ أثناء حكم الدولة المتوكلية اليمانية .
ظلت قلعة القاهرة تقوم بدور رئيسي في حركات التململ والانتفاضات الشعبية وتشكل واجهة دفاعية مهمة ورمزا للقوة والنفوذ والتمكن وكانت ملاذا آمنا للكثير من الثورات السياسية القائمة على التعصب المذهبي الذي ساد اليمن خلال عصور الانهيار والاجترار والثورات الشعبية المتوالية وقد لعبت أدوارا في تاريخ اليمن إن كان دورها ظهر بشكل فاعل وقوي في فترة حكم بيت حميد الدين لليمن (????م ????م) حيث أضحت منارة علمية وأدبية وثقافية لاحتضانها قادة الرأي والفكر والأدب وعلماء الدين بعد انتفاضة مارس ????م التي أودت بحياة حاكم اليمن حينها الإمام المتوكل على الله يحيى بن محمد حميد الدين وتهدم سجن نافع جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على المكان حينها يقول أحمد الشامي في كتابه (رياح التغيير): وبعد عامين ونصف عام نقلونا من سجن نافع الرهيب إلى معتقل القاهرة الذي يحتل أعلى قمة من قمم حجة وهناك التقينا بزملائنا إبراهيم بن علي الوزير وإخوانه عباس وزيد وقاسم ومحمد أحمد الوزير وأبنه إبراهيم ومحمد بن عبدالله الوزير واحمد بن محمد وإخوانه عبدالصمد وعباس وحسن الحوثي وعبدالملك المطاع ومن طلع معنا من نافع من القادة والأدباء واشتركنا في إقامة الندوات وحلقات ودراسات علمية وأدبية .. تلك الكوكبة التي ذكرها الشامي شكلت نواة التثاقف وعلى يديها تحولت قاهرة حجة من مكان يقوم بدور المدافع عن السلطة واحتجاز الرهائن إلى مكان يبث أشعة المعرفة .. وتنبثق منه طلائع العمل الثوري التحرري فيما بعد حاملة في يديها مشاعل الانتصار للوطن يقول الشامي:
(كونا مجموعة فريدة فيهم العالم والمؤرخ والفقيه والشاعر والضابط والمقرئ والفنان والمهرج والظريف.. إلى أن يقول: (وتحول السجن إلى مدرسة واشتغلت تلميذا ومدرسا في وقت معا فامليت مع القاضي الشماحي »الروض النظير« في شرح مجموع الإمام زيد عليه السلام على العلامة حسن الحوثي وقرأت تفسير الإمام (المنار) على القاضي عبدالرحمن الارياني وأملينا عشرات الكتب ك(الهدي النبوي) لأبن القيم وسيرة ابن هشام وبعض الأمهات وجزءاٍ من الكشاف وأمليت مغني اللبيب لأبن هشام على القاضي العلامة محمد الأكوع وقرأت مع السيد محمد الغفاري »نظام الغريب« للإمام الرابعي نقابله على النسخة الأصلية ملك السيد حسن الحوثي ثم ضبطته وحققته وترجمت لبعض رجاله وكنت أدرس النحو الواضح والبلاغة الواضحة وتاريخ الأدب العربي للزيات والنثر الفني لممجموعة من الزملاء والتلاميذ« إلى أن يقول: وقرأنا بعض كتب التاريخ اليمني لعمارة والهمداني والديبع والخزرجي وزباره والجرافي .. وضجت القاهرة بالنقاش والجدل والحوار ولما وصلت إلينا كتب الأستاذ خالد محمد خالد (من هنا نبدأ) و(مواطنون لا رعايا).. اشتد الجدل بين المختلفين رأيا وثقافة في حوار أدبي رائع وكونا (الندوة الأدبية) ومجلة (السلوة) وكان من نتائج كل ذلك النشاط الكتب التالية:
?- تأليف كتاب (الإمام أحمد حميد الدين) للشامي.
?- تحقيق وضبط ديوان عبدالرحمن الآنسي المسمى (ترجيع الأطيار بمراقص الأشعار) حققه وضبطه القاضي الارياني والقاضي الاغبري وطبع على نفقة الإمام.
?- ضبط وتحقيق ديوان (عمارة اليمني) للقاضي الأرياني ومحمد علي الأكوع.
?- نظم مجموعة من القصائد في رثاء من تم إعدامهم .
?- نظم مجموعة من القصائد عن ثورة يوليو في مصر صدرت في كتاب (بعناية أحمد عبدالرحمن المعلمي).
?- تأليف ملحمة بعنوان (ملحمة من سجون حجة) للقاضي الأرياني .
?- تأليف كتاب (نحو النور) لمحمد عبدالله الفسيل
وغير ذلك مما هو طي النسيان أو الإهمال أو مما لم ير النور حتى الآن أو غاب عنا .
لقد حملت أجنحة الظروف قلعة قاهرة حجة لكي تكون معلما ثقافيا متجاوزة وظيفتها الحربية إلى وظيفة أخرى كانت مصدر خلودها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة كون البعد الثقافي والأدبي يشكل ذاكرة متسعة باعتبار المكان أحد ركائز النص الإبداعي.
الزائر لقلعة القاهرة بحجة تدهشه روعة المكان والطبيعة والجمال الخلاق الذي يبعث في النفس رفيفا من السكينة والخلود وتدعو الفكر إلى التجوال في فضاء لا محدود من الإبداع الرباني الذي تدل بصماته المبثوثة على صدور الطبيعة الممتدة أن قدرة خفية وراء إبداع هذه اللوحة الربانية البديعة.

ثورة ?? سبتمبر ????م
ظلت حجة معقلا لحكومة الإمام أحمد حميد الدين طوال فترة حكمه وبعد موته وقيام ابنه البدر بأمور الحكم تهيأت الظروف واستغل تنظيم الضباط الأحرار فترة الإرباك والفراغ وأعلن قيام الجمهورية العربية اليمنية وبإعلانها تنفس السجناء في حجة الصعداء وفتحت القاهرة أبوابها لأبناء المشائخ والمحتجزين كرهائن وأبرق ثوار صنعاء للنقيب علي سيف الخولاني بتسلم القيادة في حجة مع زميليه عبدالله المقبلي وهاشم الحوثي وتمت السيطرة على المدينة وتم اعتقال نائب حجة حينها حمود عبدالملك المتوكل ووكيل الإمام يحيى القحمي واستطاع الخولاني ورفاقه أن يجعلوا المدينة التي كانت معقلا للإمام وخزانة بالغة الأهمية لأمواله وأسلحته بركانا ثائراٍ متصديا لكل أحلام العودة والتمركز وسارت الأمور على عكس ماكان متوقعا من هذه المدينة الباسلة.
وفي ?? نوفمبر ????م احتضنت مدينة حرض التابعة إداريا لحجة مؤتمر التصالح الذي كان من نتائج اتفاقية جدة الموقعة بين حكومة مصر والمملكة العربية السعودية في ?? أغسطس ????م بهدف تسوية القضية اليمنية وقد سميت تلك الاتفاقية باتفاقية جدة. وقد فشل المؤتمر حينها ورأى الجانب الملكي أنه قادر على حل القضية عن طريق الحسم العسكري وقد ساندتهم في ذلك بعض الدول التي بدأت باتصالات فورية كان من نتائجها نشوب حرب أهلية بين فصائل المجتمع اليمني استمرت حتى أواخر عام ????م حيث حوصرت مدينة حجة يقول سعيد الجناحي:
وكان لابد من التحرك لفك الحصار عنها وكلف مجاهد أبو شوارب بتلك المهمة والذي جمع ما تمكن من رجال القبائل الجمهوريين وكان نبأ الانتصارات للقوات الجمهورية وانكسار الجانب الملكي قد خلخل تأييد القبائل الساكنة في المناطق التي تمتد بها الطريق إلى حجة تارة بالعرف القبلي وتارة بإرضائهم وإعطائهم حفنة من المال وتارة بالمواجهة المسلحة.
كان البدر ما يزال في المحابشة والاشتباكات على أطراف حجة ولم يكن للقوات الجمهورية سوى فرقة من لواء الوحدة مكونة من ثلاثين جنديا في منطقة (الظفير) حيث وقعت في الحصار وطلب منهم الجانب الملكي استسلامهم إلا أن ضابطا رفض الاستسلام ليهرع العشرات نحوه للقبض عليه لكنه انقض عليهم بالقنابل اليدوية التي حصدت سبعين منهم.. وقتها كانت الحملة المتجهة إلى حجة قد وصلت عمران وفي مقدمتهم الشيخ مجاهد أبو شوارب وإبراهيم الحمدي (رئيس الجمهورية لاحقا) والشيخ عبدالله بن الشائف ويحيى محسن القولي وأحمد حمود الأشول وأحمد ضبعان ترافقهم أربع دبابات وقوتان صاروخيتان من قوات الاحتياط العام ومدفع (?? سم) ورشاشات وتمكنت تلك الحملة من التصدي للقوات الملكية واختراقها والوصول إلى حجة.
ويضيف الجناحي : وبعد فترة حوصرت حجة من جديد وكان على القوات الجمهورية أن تسيطر على المناطق المحيطة بالمدينة واستمرت المعارك حتى تم احتلال منطقة (قدم وعبس) إضافة إلى السيطرة على المناطق المحيطة بحجة تم ذلك أوائل نوفمبر ????م يومها تولى علي صلاح قائد كتيبة لواء الوحدة القيادة العسكرية في حجة إضافة إلى محافظها محمد عبدالله الكحلاني.
وبعد أن استتب الأمن ووضعت الحرب أوزارها تعين الشيخ مجاهد أبو شوارب محافظا في حجة كان ذلك في بداية السبعينيات وبدأت حكومة الثورة تتجه إلى البناء والتعمير والتنمية ففي ?/?/????م تم افتتاح مشروع الكهرباء والمياه في حجة وفي شهر أبريل ??م تم تأسيس هيئة التعاون الأهلية برئاسة العميد مجاهد أبو شوارب .. وتولى الأمانة العامة عبدالرحمن حميد وبفضل تلك الهيئات التعاونية استطاعت حكومة الثورة إحداث تغيير ملحوظ في البنى التحتية للمحافظة في شتى المجالات الصحية والتعليمية والخدمية ولبست حجة ثوبا قشيبا أهلها أن تواكب تطورات العصر التقنية والمعرفية بيد أن الثورة التنموية الأهم التي شهدها المكان كانت في العقدين الأخيرين من عمر الوحدة المباركة .. باعتبار الوحدة كانت ثورة حقيقية أحدثت متغيرا حضاريا في عموم الوطن اليمني.
ولعل أبرز تجليات اللحظة الحضارية الجديدة في حجة توحي للمتأمل أن المكان الذي ألمحنا إلى جزء من تاريخه في السياق ما يزال يعيش ثورة مستمرة وما يزال تاريخه الصراعي يتجدد في أكثر من مكان وأكثر من منطقة وما الأحداث الأخيرة التي تتداولها وسائل الإعلام المختلفة عنا ببعيد.

قد يعجبك ايضا