
تقرير/ أحمد الطيار –
الوضع الاقتصادي في اليمن يتسم بانخفاض معدلات النمو اللازم لإحداث تغيير في مستوى دخل الفرد و إحداث تنمية اقتصادية حقيقية
<
كشف التقرير الاستراتيجي اليمني 2011م أن الوضع الاقتصادي في اليمن قبل اندلاع الاحتجاجات الشبابية الشعبية مطلع شهر فبراير 2011م اتسم بانخفاض معدل النمو الاقتصادي الحقيقي مقارنة بالاحتياجات التنموية على مستوى الفرد وتحسين مستوى الدخل او على مستوى البلد وما تتطلبه العملية التنموية من موارد وامكانيات لازمة لتحقيق اهداف التنمية المتعلقة بنقل اليمن من اطار الدول الاقل نموا على مستوى العالم الى مستوى الدول متوسطة الدخل.
واكد التقرير الصادر عن المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية أن صعوبة الوضع التنموي والاقتصادي في اليمن تمثلت في ضعف معدلات النمو الاقتصادي الكلي اللازم لإحداث تغيير حقيقي في مستوى دخل الفرد و إحدات تنمية اقتصادية حقيقية حيث تشير البيانات الى تحقيق الناتج المحلي الاجمالي معدل نمو سنوي متوسط خلال السنوات العشر الاخيرة تتراوح ما بين 4-4.5 %مقارنة بمعدل نمو سكاني سنوي يصل الى 3% وبالتالي ضعف معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي وضعف فرص خروج غالبية الشعب من دائرة الفقر والعوز .
مشيرا الى أن الفترة 2006-2010م شهدت تراجعا كبيرا في قيمة العملة الوطنية وبالأخص في عام 2010م حيث بلغ معدل التراجع خلال هذا العام حوالي 8.4% كما بلغ معدل التضخم السنوي في المتوسط حوالي 11.3% خلال الفترة 2006-2010م الامر الذي اسهم في تراجع المستوى المعيشي للسكان خلال الفترة.
ويبين تحليل الاهمية النسبية للناتج المحلي الاجمالي هيمنة القطاع الخدمي على مجمل النشاط الاقتصادي في البلاد حيث بلغت حصة القطاع الخدمي خلال الفترة 2006-2010م حوالي 49.2% من الناتج المحلي الاجمالي وبلغت حصة قطاع النفط والغاز حوالي 28% .
وفيما يتصل بمساهمة القطاعات الانتاجية السلعية (زراعة صناعة بناء وتشييد) والتي يعول عليها في عملية التراكم الرأسمالي والتنموي وتوفير احتياجات السكان من السلع المختلفة اللازمة لتحقيق الامن الغذائي قال التقرير إنها بلغت حوالي 22.8% فقط من الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة وهذا بطبيعة الحال يمثل اختلالا في العملية التنموية في اليمن .
ويشير التقرير الى انه على الرغم من الاخذ بالنظام الاقتصادي القائم على اساس الحرية الاقتصادية وتوسيع الدور الاقتصادي والاجتماعي للقطاع الخاص الا ان اسهام القطاع الخاص في العملية الاقتصادية والاجتماعية فمازال محدودا حيث لم يتجاوز مساهمة القطاع الخاص في تكوين الناتج المحلي الاجمالي نسبة 53% في المتوسط خلال السنوات الخمس الماضية وهذا يكشف طبيعة الخلل في جانب العلاقات المنظمة لدور القطاع الخاص في العملية الاقتصادية.
ويكشف تقييم اداء الموازنة العامة للدولة – خلال السنوات الخمس الماضية ضعف الاستقرار والاستدامة المالية وضعف الدور التنموي للموازنة حيث تراجعت الاهمية النسبية للإيرادات العامة من 32.3% من الناتج المحلي الاجمالي عام 2006م الى 22.9% عام 2009م الى جانب اعتمادها على مصادر غير مستقرة وغير امنة تتمثل في الايرادات النفطية بصفة خاصة وبنسبة تصل الى 62.2% عام 2010م كما تبين تقارير الموازنة العامة غلبة النفقات الجارية (نفقات حتمية )على حساب النفقات الرأسمالية والاستثمارية التي يعول عليها في تعزيز طاقات النمو الاقتصادي الكلي حيث بلغت الاهمية النسبية للنفقات الرأسمالية والاستثمارية 17.3% فقط من اجمالي النفقات العامة خلال السنوات الخمس الماضية .
ويبين التقرير أن نمو النفقات العامة بصورة اكبر من نمو الايرادات العامة خلال الفترة الماضية أدى الى تزايد عجز الموازنة العامة بصورة كبيرة لتصل الى -9.1% من الناتج المحلي الاجمالي عام 2009م وبلغ متوسط عجز الموازنة الكلي خلال الفترة 2006-2010م حوالي -4.4% من الناتج المحلي الاجمالي وهو معدل مرتفع يفوق العجز الامن وفقا للمعاير الاقتصادية والمالية العالمية وتزداد خطورة العجز اذا ما نظرنا الى كيفية تمويله حيث اظهر الاداء الفعلي للموازنة العامة للدولة انها اعتمدت بشكل متزايد على التمويل المحلي من مصادر حقيقية (اذون خزانة )ومصادر تضخمية (اصدار نقدي جديد) وهذا بدوره اثر بصورة سلبية على الاداء الاقتصادي الكلي سواء من حيث النمو الاقتصادي او زيادة معدلات التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية.
كما يبرز ضعف الدور التنموي للقطاع المصرفي والمتمثل في توفير التمويل اللازم لعملية التنمية حيث انخفضت نسبة القروض والتسهيلات الائتمانية كنسبة من اجمالي الموارد المتاحة للقطاع المصرفي ويزداد ضعف الدور التنموي للقطاع المصرفي بملاحظة محدودية القروض والتسهيلات المقدمة للقطاع الخاص الى اجمالي القروض والتسهيلات التي يقدمها واتجاه معظم هذه القروض نحو تمويل التجارة على حساب القطاعات الانتاجية الرئيسية في الاقتصاد (صناعة زراعة وصيد تشييد وبناء).
وبشأن معدلات الفقر ومشكلة الامن الغذائي يبن التقرير ارتفاع مستويات الفقر لتصل الى حوالي 42% من السكان وفقا لتقديرات البنك الدولي لعام 2009م فيما تشير بعض التقديرات الاخرى إلى ارتفاع هذه النسبة لتصل الى 58% من السكان كما زادت حدة معدلات سوء التغذية حيث تصل الى 32% من السكان .
وبلغت معدلات البطالة مستويات مرتفعة وبنسبة تصل الى 18.6% عام 2010م هذا ناجم عن ضعف قدرة الاقتصاد الوطني على ايجاد فرص عمل لحوالي 200 الف كداخلين جدد الى سوق العمل سنويا فضلا عن تركز البطالة بين الشباب (15-24)سنة وبنسبة 53%.
واتسم الوضع الاقتصادي ايضا بمحدودية الاستفادة من الموارد المالية الخارجية (القروض والمساعدات )نتيجة محدودية الطاقة الاستيعابية للاقتصاد بسبب سوء الادارة وغياب دراسات الجدوى والتأخر في التصديق على الاتفاقيات الى جانب شيوع الفساد في نظام المناقصات العامة وغياب اليات التنسيق بين الجهات فضلا عن عدم توفر المكون المحلي والمساهمات المحلية اللازمة لتنفيذ المشاريع الممولة خارجيا في احيان كثيرة .
كما تزايد ضعف البناء المؤسسي والاداري للدولة والمتمثل في تضخم الهيكل التنظيمي والوظيفي للدولة وسوء توزيع القوى العاملة بين السلطتين المركزية والمحلية وضعف فاعلية الاجهزة المعنية بمكافحة الفساد ومحدودية المساءلة والشفافية (الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة البرلمان نيابات الاموال العامة القضاء) قصور وعدم كفاية الخدمات التعليمة والصحية عن الوفاء بالاحتياجات المتنامية للسكان وبالذات الكهرباء وشحة الموارد المائية .