الآثار السلبية للمشكلات الصحية.. ودور الترصد الوبائي‮ ‬في‮ ‬تفاديها‮ ‬


غالب النهاري –
لاشك أن معظم دول العالم فى سائر أصقاع الأرض‮ ‬وبقاع الدنيا بما فى ذلك أغلب بلدان الوطن العربي‮ ‬ودول العالم الإسلامي‮ ‬الراقية منها أوالنامية على حد سواء قد ارتقت بصحة سكانها إلى أعلى المراتب والمستويات بل وإلى أعلى مستويات النقاهة ودرجات الخلو من مسببات المرض أو الإعاقة أو العجز الصحي‮ ‬في‮ ‬حين أنه من المؤسف جدا أن‮ ‬يظل حال وطننا الحبيب حتى وقتنا الراهن‮ ‬يشهد ترديا ملحوظا فى حال الوضع الصحي‮ ‬وسوء النمط السلوكي‮ ‬والقصور المعرفي‮ ‬للسكان بالرغم من كل المستجدات العصرية والتحولات الحديثة التى تشهدها مختلف بلدان العالم الثالث‮. ‬ولعله من الواضح جدا أن حكومات تلك الدول أوالشعوب قد انتهجت فى سبيل تحقيق وبلوغ‮ ‬هذه المستويات العالية من الصحة سياسات رشيدة وأساليب حكيمة فى تعاملهامع ما لديها من إمكانيات وموارد وأحسنت فى عملية توظيفها وتسخير سبل الاستفادة منها وفقا لمقتضيات المصلحة العامة لأوطانها وتطلعات شعوبها‮ ‬ومامن شك على الإطلاق أن ما لدينا من إمكانيات وموارد وطاقات قد لاترقى إلى مستوى مالدى تلك الشعوب منها إلا أن ذلك فى المقابل لاينبغى أن‮ ‬يثنينا عن الشعور بتحمل المسئولية تجاه صحة المواطنين أو تكريس الجهد من أجلهم ومد‮ ‬يد العون لهم ولو من خلال تسليحهم وتزويدهم بكافة المعلومات والمعارف والمفاهيم الصحية التي‮ ‬تساعدتهم على معرفة وفهم أساليب الحفاظ على صحتهم وطرق تحسينها والنهوض بها وذلك من خلال تنمية قدرتهم على حماية أنفسهم من مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية والوقاية منها قبل حدوثها أو انتشار أوبئتها في‮ ‬أوساطهم المجتمعية‮ ‬مع العلم بأن هذه العملية لن تتطلب حين تفعيل نشاطها فى المجتمع من قبل الدولة المباركة ممثلة بوزارة الصحة العامة والسكان الكثير من الجهد أو المال في‮ ‬حال‮ ‬لم‮ ‬يتم إغفالها والتخطيط لها وأخذها بعين الاعتبار وسيكون نشاطها التثقيفى والتوعوي‮ ‬أكثر فاعلية في‮ ‬تحقيق الأهداف الاتصالية فى المجتمع إذا ما واكبه فى المقابل تفعيل دور أجهزة الترصد الوبائي‮ ‬المتمثل فى عملية التقصي‮ ‬والتحري‮ ‬المبكر والسريع للكشف عن الحالات المرضية الناجمة عن حدوث المشكلات الصحية ورصد مؤشراتها وتحليل توقعات حدوث أوبئتها قبل تفاقمها وانتشار خطرها بين السكان‮. ‬وما أكثر ما تعرضت له محافظة الحديدة من أوبئة وجائحات مرضية اجتاحت العديد من القرى والمديريات مخلفة إصابة الكثيرمن الأهالى ومتسببة في‮ ‬وفاة العديد من بين أولئك الذين أصيبوا بها وذلك نتيجة لعدم قدرة أجسامهم على تحمل شدة أعراضها أو تفادي‮ ‬حدة المخاطر والمضاعفات الوخيمة التي‮ ‬تنجم عنها‮. ‬
وكانت فاجعتها بالنسبة لذويهم وأقاربهم بل ولكل السكان فى تلك المناطق كالكابوس المزعج نتيجة لما لحقهم جراء تعرضهم لحدوث أوبئتها فى أوساطهم من المعاناة الصحية والنفسية والمادية والتى لازالت آثار تداعياتها السلبية تطال حياتهم حتى وقتنا الراهن‮. ‬ولعله كان من الأحرى لأجهزة الترصد الوبائي‮ ‬في‮ ‬ذلك الوقت أن تضطلع بدورها التام فى عملية إتخاذ الإجراءات والتدابير الصحية الكفيلة بمعالجتها على الوجه الأكمل ومواجهة تحدياتها وآثارها السلبية في‮ ‬المجتمع بما في‮ ‬ذلك أيضا إتخاذ كافة القرارات والتوصيات اللازمة للسيطرة عليها في‮ ‬نقطة حدوثها الأولى وذلك في‮ ‬سبيل منع حدوث المزيد من أوبئتها أو انتشار أخطارها في‮ ‬أوساط سكان القرى والمناطق الأخرى القريبة منها‮.‬
لكن وياللأسف فإن أغلب المشكلات الصحية المرتبطة بالسلوك البشري‮ ‬والتى لايتم التعاطي‮ ‬مع الناس حولها أو التدخل السريع فى معالجة أسباب حدوثها من جذورها والحد من تفاقمها بالشكل الصحيح سرعان ما تتحول نتيجة لسوء التخطيط وشحة الإمكانيات ومايترتب على ذلك من تباطؤ أو تقصير إلى أوبئة وتصبح أكثر تعقيدا وخطرا وتأثيرا على صحة السكان وحياتهم‮ ‬وهذا ما دفع بالكثير من الناس إلى الاعتقاد بأن تحركات الجهات المختصة فى منظومة القطاع الصحي‮ ‬وإجراءاتها الصحية أو الوقائية أو العلاجية لا تؤدي‮ ‬في‮ ‬أوساطهم بالشكل المطلوب إلا حينما‮ ‬يفقدون بعضا من أحبتهم وذويهم جراء تعرضهم لمخاطر هذه الأوبئة ومضاعفاتها الحادة‮ . ‬
ومامن شك أن اعتقادهم هذا‮ ‬لم‮ ‬يعد مقتصرا عليهم فحسب بل إنه قد صار محل تفكير الكثير من العاملين الصحيين وكذلك هو الحال أيضا لدى بعض المهتمين بالشئون الصحية وحال الوضع الصحي‮ ‬في‮ ‬المجتمع‮ ‬ونظراٍ‮ ‬لذلك فإن السير في‮ ‬تغيير نظرة الناس حول أهمية مايقدم لهم من خدمات صحية أو تدابير وقائية فى سبيل الحفاظ على صحتهم أو تأمين سلامتهم من مخاطر التعرض للأمراض المعدية‮ ‬يتطلب منا جميعا الشعور بتحمل المسئولية تجاههم والعمل معهم كفريق واحد لمعالجة وحل مشكلاتهم وقضاياهم الصحية المؤثرة سلبا على كل مجالات حياتهم صحيا واقتصاديا واجتماعيا‮. ‬هذا والله من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم المستعان‮ . ‬

‮ ‬التثقيف والإعلام الصحي‮- ‬الحديدة

قد يعجبك ايضا