مصر على أعتاب مرحلة جديدة

إسكندر المريسي –
تقف مصر على أعتاب مرحلة جديدة إما أن تكون أو لا تكون¡ خاصة والمسألة لم تعد محصورة في نطاق الانتخابات الرئاسية فحسب¡ وإنما التداعيات الجارية بالظرف الراهن تجعل مصرفي مواجهة تحديات في منتهى الشدة والتعقيد إلى درجة بات معها الوضع في غاية الصعوبة¡ لا سيما وهناك جهود دولية يتصدرها الكيان الصهيوني الذي أعلن حالة الاستنفار في وحداته العسكرية مع الحدود المصرية¡ وكذا الضغوطات التي كانت مصر قد واجهتها منذ بدء ثورة 25 يناير وحتى الآن¡ تتنامى تلك الضغوطات بصورة مكثفة برغم الحكمة التي تحلى بها المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية.
إلا أن مصر حاليا◌ٍ تواجه¡ كما قلنا¡ أشد بكثير من الأزمة التي تجاوزتها إلى درجة أن العملية لم تعد في نطاق فوز مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين¡ بقدر ما آلت تداعيات المرحلة الانتقالية إلى ما هو أبعد من تلك الحسابات السياسية والتقديرات الجارية بخصوص تسمية الرئيس المصري المنتخب¡ لأن ما هو حاصل الآن من شد وجذب للسياسة المحلية المصرية يبدو أصعب بكثير من عملية التحديد لرئيس مصر الجديد فقد كان هناك مخطط يتجه بخطوات ثابتة نحو زعزعة أمن واستقرار مصر بعدما غيبت القوى الدولية دورها القومي وكبلتها باتفاقية كامب ديفيد وجعلتها أسيرة المساعدات الاقتصادية الأمريكية¡ لأن تلك القوى غير مكتفية بما ألحقته من أذى بمصر¡ وإنما تسعى إلى تفكيك جبهتها الداخلية وضرب وحدتها الوطنية¡ وإثارة الفتنة وتصعيد التوتر بما لا يخدم الشعب المصري ولا يخدم مؤسساته الدستورية والقانونية.
وبالتالي فإن المجلس العسكري ملزم بحماية أمن واستقرار مصر وإلزام الطرف الثاني بقبول نتيجة الانتخابات دونما امتعاض من ذلك.
غير أن المؤشرات الجارية تبدو خلافا◌ٍ لتلك الجوانب على اعتبار أن القوى المتربصة بمصر من الداخل والخارج لها حسابات مغايرة تماما◌ٍ لا تتوقف عند نتيجة الانتخابات الرئاسية لمصر بقدر ما تراهن على إيجاد انقسام داخل مصر¡ لما من شأنه تحويل ذلك الانقسام إلى ثغرة في مسار الوحدة الوطنية المصرية على أساس مناهضة الأمن والاستقرار وإعادة مصر إلى مرحلة ما قبل سياسي¡ لكي تكون مساحة اضطرابات من نوع مختلف.
وكذلك تقع على المجلس العسكري باعتباره ماضيا◌ٍ وحاضرا◌ٍ الحاكم الفعلي لمصر مهمة الحفاظ على وحدة مصر وجبهتها الداخلية¡ والعمل وفق المفترض والممكن المتاح لتسريع عمل اللجنة الدستورية بعد قرار المحكمة الدستورية حل البرلمان وتحويل النظام إلى نظام برلماني تحت إشراف وإدارة المجلس العسكري¡ على أن يكون رئيس مصر رمزيا◌ٍ¡ بمعنى رئيسا◌ٍ بصلاحيات الدستور الجديد».
وعلى أن يتولى المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد العامة تلبية لرغبة الجماعة وتفويتا◌ٍ للمؤامرة الخارجية ولتجنيب مصر دورة الأزمات وما يكتنف ذلك من تهديدات خطيرة تهدد ماضيها وحاضرها ومستقبلها¡ وهو ما يعني أن يلجأ المجلس العسكري إلى سياسة احتواء المؤامرة الخارجية على مصر بتصعيد الإخوان المسلمين لكي لا يكونوا مطية للقوى الخارجية بضرب وحدة مصر واستقرارها السياسي والاقتصادي.
علما◌ٍ بأن إعلان النتيجة بداية التحديات التي ستواجه مصر وليس نهاية تلك التحديات¡ ولكن تبقى المراهنة على حكمة الشعب المصري ومؤسسات الدولة المصرية وثقافة ذلك الشعب الحضاري¡ لأنه لن يسمح بضياع مصر بسبب شطط السياسة والقوى المتداخلة الموجودة داخل مصر وخارجها¡ الساعية إلى إنهاء دور مصر وتاريخها الحضاري.

قد يعجبك ايضا