ترشيد القرار الاقتصادي السليم لتوفير سلع استهلاية آمنة سعريا وصحيا

أمين محمد العلفي –
هناك قرارات اقتصادية عديدة سعت لمعالجة مشكلة غذائية لسلعة أساسية أو لمجموعة من السلع الأساسية تقوم بها وزارة معينة أو جهة مختصة قد كلفت كثيراٍ من الأعباء المالية والإجراءات الإدارية المعقدة وتم الاعتماد على مشاهدات وتقارير آنية فهل ستكون السياسات الاقتصادية هي سياسة إدارة الأزمات أم أنه لابد من الحديث الجدي اللازم عن إنشاء منظومة قاعدة بيانات ترشيدية دورية للسلع الاستهلاكية تْعرض شهريا على مجلس الوزراء ومجلس النواب والشورى للمناقشة والمتابعة تكون أولويتها عالية وتدخل تحت بند الأهمية البالغة لأمن وسلامة البلاد .

فعند معالجة أية مشكلة اقتصادية لابد من المعرفة الصحيحة للمشكلة حيث أنه (مالا يتم قياسه لا يمكن إدارته) و الحديث عن وجود خلل في سعر سلعة سواء بالتضخم الجامح الذي يْعجز المستهلك من شرائها وبالتالي يختل عندها برنامج الأمن الغذائي لذوي الدخل المحدود والمعدوم والذين يشكلون السواد الأعظم في هيكل تصنيف الدخل اليمني .. وكذا عند هبوط سعر سلعة أخرى بأقل من تكلفتها يسبب مشكلة اقتصادية كبيرة على استمرار زراعة أو إنتاج هذه السلعة.
من السهل اعتبار أن السير السلس للاقتصاد أمر مفروغ منه فحين تتجول في أحد الأسواق تجد شتى أنواع السلع والخدمات بما يخدم احتياجات المستهلك الآنية أو المستقبلية بثقافة المستهلك والذي يعكسه إنفاقة ونمط استهلاكه وأهمية السلعة أو الخدمة التي يقتنيها نسبة إلى إنفاقة الإجمالي أي أنك كمستهلك بحاجة ماسة لأن تشتري ما تحتاجه من السوق وتأخذه إلى البيت فتستهلكه وينتهي احتياجك كمستهلك .. والبائع أي تاجر التجزئة في سوق المستهلك يبحث بعد مصدر السلعة القريب منه ويقتنيها ويعرضها للمستهلك .
مرت أسواق بلادنا خلال العام 2011م في تلاعب بالأسعار خصوصا عند نشاط بيع المواد الغذائية بالتجزئة ولا يفهم المستهلك المسئول عن التضخم في السلعة هل اشترى صاحب التجزئة بالتضخم الموجود في هذه السلعة أم أنه تناقل تلفونات أو تكهنات لا أساس لها من قبل أصحاب المنشآت الاقتصادية البيع بالتجزئة وما تجد في الأيام التي تلت الارتفاع يأتي الارتفاع عند نشاط التجزئة أو الجملة رغم ثبات أسعار المزارع والمصانع التي تنتج هذه السلع .
والمهم هل تكون حركة الاقتصاد في السوق اليمنية نظاماٍ اقتصادياٍ منظماٍ أم فوضى اقتصادية مسيرة حسب الاحتياج ومهددة بأنواع التهديدات الصحية والاقتصادية ( انتهاء صلاحيات وقيمة السلعة غذائيا _ انعدام السلعة _ التضخم المستورد_انعدام الرقابة الفاعلة على السلع_عدم تحديد النشاط المسئول عن تلاعب الاحتكار… وكثيرا من المشاكل التي تعانيها أسواق المستهلكين في دول العالم الثالث منها بلادنا ).
فعند ملاحظتك في الأسواق تجد السلع الغذائية بشتى أنواعها المحفوظ والمعلب والطازج وإذا نظرت بتمعن أكثر فسوف تبدأ في رؤية رفوف البقالات ومحلات البهارات مليئة بالسلع والسؤال الذي يشغل الاقتصادي والمخطط والسياسي ديمومية وصول الغذاء إلى المستهلك وثبات سعر الأصناف أو تطور أسعارها بما يحصل عليه الفرد من دخل سواءٍ أكان يعمل في القطاع العام أو الخاص بحكم أن مسئولية الحفاظ على السوق الاقتصادية مسئولية الجميع وتحقيق الرفاة الاجتماعي واجب المنتج والمستهلك والوسيط والحكومة والمنظمات العاملة والموجهة لأفراد البلد اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا … لذا وجب على كل الأطراف فكرة متابعة هذه السلع بداية من إنتاجها أو استيرادها ومرورا بمراحل تنقل هذه السلع فقد تنتقل هذه السلعة مثلا خمس أو ثمان مرات إلى أن تصل إلى المستهلك النهائي وتستغرق مثلا عشرة أيام أو شهراٍ أو شهرين … إذن فمتابعة هذه السلعة إذا كانت مستوردة مثلا حول صحة خزنها ووصولها الأمن صحيا في الحاويات المخصصة والحافظة طبقا لأحكام الوقاية الصحية لهذه النوعية من السلع ومرورا بنقلها إلى شاحنات المرور وصولاٍ بها إلى مخازن المورد أو الوكيل لهذه السلعة وطريقة حفظها وسلامة المخازن التي يتم تخزين هذه السلعة وطريقة الرصد والحمل والتكييف وكذا عدم تعرضها إلى الشمس والهواء الرطوبة قد لا أكون قد ابتكرت شيئاٍ جديداٍ.
لدينا في بلادنا هيئات ومنظمات كثيرة منها المهتمة بالسلع الدوائية والزراعية والاستهلاكية والبيئة والأمن الغذائي منها الحكومية وغير الحكومية والبرامج العالمية ذات العلاقة .. والسؤال هل كل هيئة تقوم بدراسة الاحتياج الأساسي للسلعة في السوق اليمنية بما يخدم توجيه الاستيراد الأمثل للاقتصاد اليمني وتنمية الصادرات والوصول إلى السلامة الصحية والآمنة للسلع والخدمات المقدمة للمستهلك داخل الوطن .
وهل اللجان أو الهيئات أو المنظمات تعمل على إصدار تقارير دورية ورقابة شاملة لكل الدورة السوقية التي تمر بها السلعة ابتداء من المزرعة أو المصنع أو بلد المنشأ ومرورا بحركتها في منظومة التداول الاقتصادي من المورد والوكيل وتاجر الجملة ونقاط البيع بالتجزئة .
أم أن كل مهمة من مهمات المراحل المذكورة آنفاٍ له هيئة رقابية ومتابعة جدولية جزئية تنعدم بعدها إصدار تقرير موحد وتعريف صحيح لوضع السلعة الحالي والمعروضة بتاريخها ونوعها وطبيعة مكونتها وسلامتها لا سلامة بائعها أو مروجها فقد يكون الخلل في سابقه أو النشاط المسئول عن فقدان فاعليتها أو فائدتها الغذائية هو النشاط الاقتصادي العامل قبله سواء أكان نشاط النقل والتخزين أو نشاط بائع الجملة أو المورد (الوكيل لهذه السلعة ) .
لابد من وعي اقتصادي صحيح لمعرفة حال السلعة صحيا وغذائيا عند المراقبين والمراجعين والمفتشين وتكوين نظام تدفق ملزم لهذه الشحنة أو الرزمة من المواد الغذائية المستوردة أو المنتجة بما يضمن سلامتها لترشيد القرارات الاقتصادية السليمة وأتمنى أن نرى في المستقبل القريب مراقبة السلع الغذائية المستوردة بداية كتجربة لإنشاء مجلس وطني للرقابة على السلع الغذائية أو دخول أنشطة جديدة تمكن من الرقابة المصاحبة لحركة ومراحل تدفق السلعة وصولا إلى المستهلك .
> مدير عام إحصاءات الأسعار والأرقام القياسية- الجهاز المركزي للإحصاء
aminyemen@gmail.com

قد يعجبك ايضا