السودان .. بوادر صيف ملتهب

محمد عبدالحليم –
ارتفعت وتيرة الضريبة اللاحقة لانفصال جنوب السودان عن الوطن الأم العام الماضي بخروج بعض مواطنين سودانيين في العاصمة الخرطوم إلى الشوارع للتظاهر هاتفين بشعارات ثورات الربيع العربي¡ وإن بحدود ضيقة وبأعداد قليلة¡ لكنها متوزعة في أنحاء العاصمة.
ورغم عدم القدرة على التنبؤ بازدياد الحركة الاحتجاجية واستمراريتها نظرا◌ٍ لأسباب اندلاعها جراء الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية والتموينية¡ الذي زاد من اشتعالها إلى حد لا يطيقه الدخل الشهري للموظفين والعمال¡ إعلان وزير المالية السوداني الأربعاء الماضي أمام البرلمان عن الميزانية الجديدة التي تضمنت رفع أسعار المحروقات¡ إضافة◌ٍ إلى إعلانه نية حكومته رفع الدعم تدريجيا◌ٍ عن السلع التموينية¡ وهو إجراء طبيعي نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد¡ إلا أن توقيت تنفيذه في الوقت الذي تباينت مستويات الفوارق بين الدخل ومدى الاستفادة منه في الاكتفاء.
وما يحدث حاليا◌ٍ ليس بعيدا◌ٍ عن التوقعات¡ لكنه يمثل بداية لنتائج تم حسابها منذ توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان عام 2005م¡ ولكن لم تتح الظروف التي مر بها السودان اجتماعيا◌ٍ واقتصاديا◌ٍ مذø◌ِاك لادخار ما يمكن أن يتلافى به اندلاع التذمر بين المواطنين¡ وهو ما تؤكده الاحتجاجات المندلعة منذ ثمانية أيام¡ والتي بدأها طلاب جامعة الخرطوم السبت الماضي وما نتج عن استمرارها من توسع في نطاقها خارج أسوار الجامعة¡ ومشاركة بقية فئات المجتمع في العاصمة الخرطوم¡ وإن بشكل محدود ومتفرق¡ كما أسلفنا¡ إلا أن ذلك يدعو الرئيس البشير والحكومة وكذا الأحزاب المعارضة إلى ضرورة الالتقاء للحوار والاتفاق حول كيفية التعامل مع الأسباب المؤدية إلى الاحتجاج وليس مواجهتها بالغازات وخراطيم المياه والاعتقال وأخيرا◌ٍ بالرصاص.
إن ارتفاع معدلات التضخم الاقتصادي إلى (30%) وتراجع قيمة العملة السودانية نتيجة فقدان البلاد لموارد (75%) من المنشآت النفطية الواقعة ضمن جمهورية جنوب السودان منذ يوليو العام الماضي¡ لا يعطي مبررا◌ٍ للحكومة لتقصيرها في تدبير موارد تغطي العجز المعروف منذ سنوات أنه سيكون في أغلب توقعات المتابعين للشأن السوداني منذ سبع سنوات¡ فهل يمكن للرئيس السوداني ونظامه تجاوز تلك الاحتجاجات كما تجاوز الكثير من الصعوبات الأكبر منها خلال فترة حكمه التي بدأت أواخر ثمانينيات القرن الماضي¡ خصوصا◌ٍ وأن منبعها اقتصادي حتى الآن.

قد يعجبك ايضا