الاثيوبيون يسابقون الصوماليين في ركوب قوارب الموت الى اليمن


تقرير / نبيل نعمان –
بات اللجوء المتزايد عبر خليج عدن برحلات القوارب المحفوفة بالمخاطر من دول القرن الافريقي يشكل قلقاٍ متزايداٍ ليس لليمن وحسب بل وللمنظمات الدولية وخاصة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي عبرت عن مخاوفها من تزايد المهاجرين الافارقة الى اليمن والذين قالت انهم سجلوا رقماٍ قياسياٍ خلال الاشهر الاربعة الماضية مع تزايد عدد المواطنين الاثيوبيين الذين باتوا يسابقون الصوماليين في ركوب قوارب الموت .
تقرير مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والذي صدر في جنيف الجمعة كشف ان عدد اللاجئين والمهاجرين الأفارقة الذين وصلوا الى السواحل اليمنية فى خليج عدن والبحر الأحمر بلغ خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجارى الى حوالى 43 ألف لاجئ ومهاجر وهو رقم قياسى غير مسبوق .
وأشار التقرير إلى أنه وفقا للارقام الاجمالية فقد بلغ عدد من وصلوا الى اليمن من المهاجرين واللاجئين من القرن الأفريقى الى حوالى 103 آلاف شخص فى عام 2011 وهو رقم قياسى آخر لم يحدث منذ أن بدأت المفوضية تجميع الأرقام واحصاء الاعداد فى عام 2006 .
وفي حين عزت مفوضية شئون اللاجئين فى جنيف هذه الزيادة الهائلة فى العدد الاجمالى للقادمين الى اليمن الى إرتفاع عدد المواطنين الاثيوبيين الذى باتوا يقدمون على هذه الخطوة ..ذكرت أن ثلاثة أشخاص من بين كل أربعة أشخاص من القادمين الى اليمن هجرة أو لجوءا هم من الاثيوبيين فى الوقت الذى كان الأمر قبل أربع سنوات مختلفا حيث كان ثلاثة أرباع هؤلاء من الصوماليين.
ومنذ العام 2009 باتت غالبية الواصلين الى اليمن من الاثيوبيين (حوالى 75 في المئة من الواصلين منذ 2011) ذلك ان الصوماليين باتوا اقل عددا في حين كانوا لا يزالون يشكلون الغالبية قبل اربعة اعوام بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين .
وتبدي المفوضية التابعة للامم المتحدة قلقا شديدا حيال المصير الذي ينتظر الاثيوبيين لدى وصولهم الى اليمن .. فخلافا للصوماليين الذين يتم الاعتراف بهم مباشرة كلاجئين وبالتالي يتخلى عنهم مهربوهم فان الاثيوبيين الذين يفرون من بلادهم لاسباب اقتصادية خصوصا متروكون في غالب الاحيان تحت رحمة هذه المجموعات الاجرامية كما قالت المفوضية .

مخاوف :
وفيما حذرت المفوضية من تفاقم تلك الظاهرة فى ظل ما تعانيه اليمن أصلا من نزوح فان هذه الظاهرة تلقي بظلالها على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعلى الاستقرار في البلد حيث تداولت وسائل اعلام عن وجود اشخاص لاجئون من جنسيات افريقية وخاصة صومالييون واثيوبيون تستغلهم تنظيمات ارهابية للقتال الى جانبها في محافظة ابين الساحلية فضلا عن تواتر تقارير عن استغلال هؤلاء المهاجرون او اللاجئون في عمليات تهريب المخدرات الى دول الجوار وخاصة السعودية مما يضاعف الاعباء على اليمن .
وقال نائب وزير الخارجية اليمني الدكتور علي مثنى حسن “إن عدد اللاجئين والمهاجرين الذين قدموا إلى اليمن خلال السنوات الماضية وصل إلى 750 ألف لاجئ وهو ما زاد من حدة الأعباء الملقاة على كاهل البلاد التي تعاني من أوضاع اقتصادية وأمنية صعبة خاصة بعد أحداث العام الماضي “.
ولفت في كلمة امام المؤتمر الوزاري حول اللاجئين في العالم الإسلامي والذي عقد في العاصمة التركمانستانية عشق أباد منتصف مايو الجاري إلى أنه بالإضافة إلى اللاجئين الأجانب تشهد البلاد نزوح نحو 400 ألف يمني داخليا بسبب مواجهات بين الدولة والتنظيمات المتطرفة بما فيها تنظيم القاعدة في بعض المحافظات ـ وكذا النازحين نتيجة حروب صعدة.
وأوضح نائب وزير الخارجية أن اليمن تستضيف أعداد كبيرة من اللاجئين القادمين من دول القرن الإفريقي وبشكل خاص من الصومال بسبب النزاعات المسلحة والحروب الأهلية المستمرة قرابة العقدين .بالإضافة إلى استقبال الالاف من المهاجرين القادمين من إثيوبيا واريتريا عبر الشواطئ اليمنية لأسباب اقتصادية وهربا من الجفاف حيث يتدفق ما يقدر بـ 400 لاجئ ومهاجر يوميا على الشواطئ اليمنية.

قوارب الموت :
شهدت الرحلات القادمة بقوارب الموت من دول القرن الافريقي عبر خليج عدن حوادث مأساوية وفي غالب الاحيان لايصل الكثير منهم الى وجهتهم حيث يتحولون في عرض البحر الى رهائن بايدي من يقومون بتهريبهم .. بعضهم يلقي حتفه في عرض البحر واخرون يغرقون بعد انزالهم بالقرب من الشواطئ اليمنية وبينهم نساء واطفال كما حدث في اكثر من مرة .
ففي العاشر من فبراير الماضي كشف الناطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أدريان إدواردز في مؤتمر صحفي عْقد في قصر الأْمِم في جنيف ان 11 شخصاٍ على الأقل لقوا حتفهم غرقاٍ في حادث انقلاب قارب في خليج عدن هذا الأسبوع .
وقال الناجون الذين عْثر عليهم على الشواطئ الصومالية أن القارب الذي كان يقوده ثلاثة مهربين ويحمل على متنه 58 راكبٍا كان قد أبحر في 4 فبراير متجهاٍ إلى اليمن مشيراٍ ان الناجون أضافوا بأن محرك القارب قد تعطل بعد الإبحار بقليل مما أدى إلى بقاء المركب هائماٍ في البحر لمدة خمسة أيام إلى أن انقلب بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع أمواج البحر.
وقد كشف النقاب عن تفاصيل مروعة حيث روى الناجون للسلطات المحلية وشركاء المفوضية عن قيام المهربين بإرغام 22 راكباٍ على النزول من القارب بعد تعطل المحرك بقليل.
وقال الناطق باسم المفوضية انه في كل عام يدفع عشرات الآلاف من الصوماليين والأثيوبيين الفارين من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان والفقر في القرن الإفريقي مبالغ مالية للمهربين لنقلهم بالعبارات عبر خليج عدن إلى اليمن . ويفقد الكثير من هؤلاء أرواحهم دون الوصول إلى وجهتهم إما بسبب انقلاب القوارب أو قيام المهربين بضرب بعض المهاجرين حتى الموت أو إجبار بعض الركاب على مغادرة القارب في عرض البحر أو قيامهم بإنزال المهاجرين على مسافة بعيدة جدٍا عن الشواطئ المقصودة.
وتقول المفوضية انه لتوعية الأشخاص الذين يريدون عبور البحر الأحمر أو خليج عدن وحدت المفوضية جهودها مع منظمة الهجرة الدولية عام 2009 بهدف نشر الوعي حول أخطار هذه الهجرة. إلا أن الناس لا يزالون يقدمون على القيام بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.
كما عقد في العاصمة اليمنية صنعاء في مايو عام 2008 “مؤتمر الإقليمي حول حماية اللاجئين والهجرة الدولية في خليج عدن” وذلك بالتعاون مع فريق عمل الهجرة المختلطة الخاص بالصومال وهي آلية للتنسيق بين الوكالات وبتمويل من المفوضية الأوروبية. وكان الهدف الرئيسي من المؤتمر المساهمة في إنشاء بيئة إقليمية وخطة طويلة الأجل للعمل على حماية اللاجئين والهجرة المختلطة في منطقة خليج عدن .
المخاوف التي تعبر عنها اليمن او المنظمات الدولية تدق ناقوس الخطر من ان تتحول هذه الى مشكلة حقيقية وقنبلة موقوتة تهدد الامن والاستقرار في اليمن وتضاعف الاعباء الاقتصادية والامنية عليها في وقت تحاول فيه اليمن الخروج من ازماتها المتعددة واستعادة عافيتها وهو مايستدعي التحرك السريع والتعامل الايجابي مع هذه الظاهرة الانسانية وعدم ترك حالة (الباب المفتوح ) تحول اللجوء من ظاهرة انسانية الى ظاهرة خطرة على أمن واستقرار الوطن .

قد يعجبك ايضا