أوضح رئيس إقليم شمال العراق مسعود بارزاني أن الاكراد أمام خياري “الاستقلال أو الخضوع” منوها أنهم لن يختاروا الخضوع بأي شكل من الأشكال ويفضلون الاستقلال.
جاء ذلك في كلمة له خلال تفقده مواقع قوات البيشمركة الكردية على جبهات أربيل والموصل حيث حيث قال بارزاني: “إن نضال أمتنا على مر التاريخ لم يكن من أجل بقاء الأكراد تحت نير الخضوع فلم نقدم الشهداء كي نبقى تحت إمرة أحد”.
كما وجه رئيس الاقليم انتقادات لحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” و”حركة التغيير” دون أن يسميهماعلى خلفية مطالبتهما بالانتقال إلى النظام البرلماني في حكم الاقليم.
ولفت بارزاني إلى أن “فرصة ذهبية” برزت للأكراد وأنهم في قمة النجاح مبديا استغرابه من “حديث البعض في هذه المرحلة عن ضرورة وجود إدارتين لكردستان” مضيفا: إن “غير الراضين عن وحدة منطقة كردستان لهم الحرية في اختيار مكان آخر للعيش خارجها” على حد تعبيره.
من ناحية أخرى دعا بارزاني إلى تقديم ضمانات لأهالي الموصل حول مشاركتهم في إدارة المدينة قبل انطلاق عملية استعادتها من يد تنظيم “داعش” وضمان عدم تعرضهم لضغوط.
وكان بارزاني قد صرح خلال زيارته للولايات المتحدة في مايو بأن الأكراد اقتربوا من الاستقلال وبأن العوائق التي كانت تقف في طريقهم لتحقيق ذلك الهدف قد زالت ولم يتبق منها إلا القليل معتبرا أن تأسيس دولة للأكراد هو من الحقوق الطبيعية لسكان الإقليم.
ويحكم بارزاني (68عاما) المنطقة الكردية منذ إنشاء النظام الرئاسي بها عام 2005م ويرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده برزاني الإصلاحات المقترحة.
وقال مركز متخصص في تحليل الأوضاع السياسية والأمنية في العراق: إن إقليم كردستان مهدد بالعودة الى مرحلة “الإدارتين” بسبب الجدل المتصاعد حول مساعي مسعود بارزاني تجديد ولايته في منصب رئيس الإقليم.
ويضع الصراع على السلطة وحدة الأكراد في اختبار في وقت يشهد صعوبات اقتصادية حادة بينما يمزق تنظيم “داعش” العراق نفسه ويضعف الشقاق قدرة الأكراد على استغلال تشرذم البلاد وتحقيق حلمهم طويل الأجل بالاستقلال.
وتعود الخلافات إلى عقود مضت وبلغت ذروتها حين اندلعت حرب أهلية بين الأكراد في التسعينات من القرن الماضي ودارت رحاها بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
ونشر مركز “الروابط” تقريرا تحليليا عن الأوضاع في الإقليم جاء فيه أن “اوضاع اقليم كردستان هذه الايام مقلقة للغاية مع تزايد خلافات القوى السياسية بشأن موضوع رئاسة الاقليم والتي وصلت الى مستوى خطير ينذر بعودة انقسام الإقليم إلى ادارتين إذ تعمق الجدل بهذا الصدد الخلاف بين الاطراف الكردية التي لم تتوافق على آلية لحسم هذا الموضوع الذي يهدد مستقبل الاقليم حيث عقد برلمان اقليم كردستان في 23/6/ 2015م جلسته الاعتيادية والتي طرح فيها مشروع قانون يقضي بتحويل نظام الرئاسة في الاقليم من رئاسي الى برلماني”.
ويقول التقرير: “يدور الآن صراع يتسيده الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يريد بقاء مسعود بارزاني رئيسا متذرعا بتعقيدات الوضع العام والحرب حتى أن أعضاء الحزب يعتبرون أن زعيمهم بات يحمل نوعا من الحصانة التي تضعه بمكانة تفوق حتى كرسي رئاسة الإقليم. ومن جهة أخرى ترفض أحزاب أخرى حصانة بارزاني وتتمسك بالعملية الديمقراطية في الإقليم وتطالب بإجراء انتخابات الرئاسة وعدم التهاون في الموضوع”.
ويشير التقرير في تجربة الحكم الكردية الى “انزعاج الأحزاب في الاقليم من هيمنة الرئيس مسعود بارزاني على العملية السياسية والتي تتهمه بالانفراد بالسلطة كليا. وبذات المعنى فإن تنامي الصراع المعلن – والخفي أيضاٍ – بين بارزاني ومعظم الاحزاب والقوى السياسية الكردية يهدف الى كسر احتكار الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسه بارزاني للسلطة في الاقليم وتحقيق أكبر قدر ممكن من المشاركة السياسية في اتخاذ القرار وادارة شؤون الاقليم لاسيما فيما يتعلق بالشؤون الامنية والاقتصادية”.
ويقول التقرير إنه “مع اعتماد الاقليم على المحاصصة في الإدارة والحكم تماهيا مع تجربة بغداد بهذا الصدد وان بدت بطابع حزبي بين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني فإن مزيدا من الانقسام الحزبي قد تعزز مفضيا إلى تعقيد ازمة القيادة في الاقليم ومنسحبا على تقاسم المناصب في الحكومة الاتحادية”.
ويشير إلى أن “الاقليم سبق وان شهد اقتتالا دمويا امتد من 1994م لغاية 1998م لم يتوقف إلا بعد تدخل الإدارة الأمريكية واجبار الحزبين على ابرام اتفاق سلام في واشنطن عام 1998م”.
ورغم ذلك بقيت منطقة كردستان منقسمة بين إدارتين الأولى تحت حكم الديمقراطي الكردستاني تضم محافظتي أربيل ودهوك والثانية تحت حكم الاتحاد الوطني وتضم محافظة السليمانية. وبقي الوضع على ما هو عليه حتى بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003م بل حتى بعد دمج الإدارتين وتشكيل حكومة موحدة وانتخاب بارزاني رئيسا للإقليم سنة 2005م.
ويقول التقرير: إن هناك انقساما آخر “إذ يعتبر الاتحاد الوطني نفسه حزبا يساريا علمانيا وينظر الى الديمقراطي الكردستاني على أنه حزب ريفي قبلي يمثل الاقطاع وارستقراطية القبيلة.. بينما ينظر الديمقراطي الكردستاني للاتحاد على أنه حزب البرجوازية والبرجوازية الصغيرة التي تسعى لحماية مصالحها على حساب المصلحة العامة”.
قد يعجبك ايضا