* أطفال احترقت وجوههم وتقطعت ملابسهم بالكامل ولا يجدون مغيثاٍ سوى الله ينقذهم من القصف المتواصل لطائرات العدوان السعودي الأمريكي.
صعدة بأكملها عرضة اليوم ومنذ أكثر من شهرين لاستهداف وحشي وجنوني لم يستثن أحداٍ.. إنها المملكة تظهر في أعتى وحشيتها وهدفها الوحيد “تركيع شعب” لم يعد يطيقها.
في محافظة صعدة التي يبلغ تعداد مساحتها أكثر من 11 ألف كيلو متر مربع ويبلغ سكانها أكثر من مليون نسمة تفوح رائحة الموت من كل مكان من منازل المدنيين ومن الأضرحة والمستشفيات والمساجد والمدارس ومن كل مكان.
إنها “جورنيكا”
* الأسبوع الماضي قال شاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح: إن صعدة هي “جورنيكا” اليمن بل هي “جورنيكا” العالم في دلالة على هول ما حل بالمدينة جراء القصف الصاروخي والمدفعي من قبل العدوان السعودي الأمريكي.
و “جورنيكا” هي قرية إسبانية تقع في إقليم الباسك وتعرضت في العام 1937م للقصف المتواصل بعد أن أعطى الملك الإسباني الدكتاتور “فرانكو” أوامره بضرب القرية وبمساعدة الطيران الألماني النازي.
ظل القصف متواصلاٍ على القرية لمدة 3 ساعات دون رحمة للأبرياء والمدنيين وظلت القرية تحترق 3 أيام متتالية وبلغ عدد الضحايا 16 ألف مدني ما بين قتيل وجريح.
الان المشهد يتكرر من جديد ولكن على أرض صعدة.. وسلمان المملكة لا يقل ديكتاتورية عن “فرانكو” اسبانيا وصعدة اليوم وفي العام 2015 قد أصابها الوجع بكل قساوته فعلى مدى أكثر من شهرين ومدن وقرى صعدة تئن وترزح تحت وطأة ووحشية العدوان فالصواريخ وقذائف الدبابات والمدفعية وغارات الطيران تهطل بشكل هستيري كل يوم على المحافظة حتى حولتها إلى مدينة منكوبة لا مكان فيها للحياة لا للبشر أو الطيور والشجر.
لكن ما يميز الإنسان في مدينة صعدة هو القدرة الهائلة على الصبر ومواجهة “التحديات” .. لا انكسار ولا استسلام ولا خضوع أو انهيار.
وأمام كل صاروخ أو قذيفة تسقط على مدن وقرى صعدة تسقط “اللعنات” على قصر “سلمان” .. أنه دعاء المكلومين المظلومين.. أو ليس الدعاء بقاصم هؤلاء المتوحشين.
في عموم محافظات اليمن تتجول طائرات العدوان السعودي الأمريكي لتحصد أرواح الأبرياء غير أن صعدة مدينة “استثنائية” فهي المحاذية لحدود المملكة وفيها أيضاٍ يسكن السيد عبد الملك الحوثي قائد المسيرة القرآنية ومنها أيضاٍ ينطلق المجاهدون صوب حدود السعودية للدفاع عن الكرامة وسيادة البلد ولهذا تتعرض هذه المدينة للقصف المتوحش ولساعات طويلة انتقاما من الأرض ومن الإنسان الثائر في صعدة.
وحشية مفرطة
* وانتقاماٍ من صعدة لا يكاد يمر يوماٍ دون أن نسمع عن جريمة جديدة لهذا العدوان في هذه المدنية ويوم الأربعاء الماضي كانت وسائل الإعلام تتناقل مشاهد مروعة لمذبحة سعودية أمريكية بحق أسرة “العرامي” في منطقة صبر بمدينة سحار.
الغارة الجوية استهدفت 7 منازل ودمرتها بالكامل وقتل كل من بداخلها و44 شخصاٍ من أفراد العائلة استشهدوا معظمهم نساء وأطفال جميعهم تحولوا إلى قطع صغيرة متناثرة تحت الركام وأرواحهم الطاهرة صعدت إلى السماء لتبقى المنطقة كلها شاهدة على جرم آل سعود وأمريكا.
ولساعات طويلة ظل الناس يبحثون عن الجثث تحت الأنقاض وقلوبهم على أيديهم خوفاَ من تجدد الغارات على المنزل مرة أخرى وهم مندهشون ومستنكرون ما حل بهذه الأسرة.
ومع حلول فجر يوم الأربعاء منتصف الشهر الماضي حلق الطيران السعودي الأمريكي في سماء محافظة صعدة باحثاٍ عن مدنيين أبرياء وضحايا جدد لتضاف إلى الرصيد الإجرامي لآل سعود فكانت الكارثة الإنسانية والفاجعة على أسرة بيت الإبي في مركز المحافظة حين قصفت تلك الطائرات منزل أحد المواطنين المدنيين ويدعى (عبد الله الإبي) بطريقة بشعة تتنافى مع كل القيم والمبادئ الإنسانية.
منزل الإبي يتكون من ثلاثة طوابق ويقع بجوار المركز الثقافي بمدينة صعدة وأدى تدمير المنزل نتيجة القصف إلى استشهاد جميع من فيه تحت الأنقاض وهم (37) شخصاٍ بينهم (جنين) و(23) طفلاٍ و(6) نساء وإصابة (5) أشخاص آخرين بجروح مختلفة كما تم تدمير المركز الثقافي ومحكمة الاستئناف ومبنى البحث الجنائي.
ولم تكتف الطائرات المعادية بما حدث لأسرة الإبي بل واصلت تحليقها المكثف والمنخفض على منطقة مدنية مأهولة بالسكان المدنيين في منطقة الضميد بمديرية ضحيان وقصفت منزل المواطن (محمد يحيى اللهبي) على رؤوس ساكنيه وأسفر عن مقتل جميع أفراد الأسرة وهم (8) أفراد بينهم ( 4) أطفال و(6) نساء .
وواصل الطيران السعودي الأمريكي تحليقه في مديرية البقع في منطقة كتاف وأغار على مسكن أحد المدنيين ويدعى (محمد مانع أبو راس ) ما أدى الى تدميره على رؤوس ساكنيه وأسفر القصف عن مقتل (8) أشخاص من أفراد الأسرة وهم عبارة عن رب الأسرة و (4) أطفال و(3) نساء.
وفي كل مصيبة تحدث في صعدة تواجه فرق الإنقاذ صعوبة كبيرة في انتشال الجثث وإنقاذ المصابين فالمنطقة برمتها مستهدفة والحركة محدودة والحصار يكاد يخنق الجميع.. إنها البربرية السعودية المتوحشة كشرت عن أنيابها في زمن يتباهى فيه العالم بالحقوق والحريات والمواطنة المتساوية لكن هذا الضمير سقط منذ الوهلة الأولى للعدوان على اليمن هكذا يقول أحد المكلومين في صعدة.
مدينة منكوبة
* وكأننا نبحث عن مصطلح آخر يفوق كلمة “منكوبة” لنصف به حال هذه المدينة وأعلنت السلطة المحلية في 23 إبريل الماضي صعدة مدينة منكوبة جراء ما تعرضت له وما تزال من عدوان هجمي مكثف من قبل العدو السعودي.
وقال البيان: إن العدوان تسبب في تدمير كل مقومات الحياة في مدينة صعدة عاصمة المحافظة وكافة المديريات فضلا عن تسببه في نزوح ما يقارب عن 300 ألف مواطن.
ولفت البيان إلى أن طيران العدو قام بتدمير البنية التحتية لمحافظة صعدة كمشاريع المياه والكهرباء ومحطات الغاز والاتصالات ومخازن الغذاء والمتاجر والأسواق والمزارع ومعظم محطات الوقود والمباني الحكومية والمنشآت المدنية.
ومن حدود السعودية فضل آل سعود إرسال الموت إلى أبناء هذه المحافظات فقذائف المدفعية والدبابات والقذائف الصاروخية لا تتوقف لحظة واحدة عن قصف المناطق المحاذية للمملكة المنزالة والملاحيظ والظاهر ومديريات منبه مناطق تتعرض لهذا الصلف باستمرار.
ومن “شيطنة” هذا العدوان أن يشن غارات جوية متواصلة على سوق خضار شعبي وعدد من المحلات التجارية للأخشاب والحديد والبلاستيك ومواد البناء في شارع بن سلمان بمدينة صعدة كما استهدف العدوان الطرق الرئيسية ومحطات الوقود وعدد من الهناجر في الكثير من المناطق بصعدة.
وفي 18 ابريل ألقى الطيران المعادي أسلحة محرمة دولياٍ على منطقة “الشعف” بمديرية ساقين بمحافظة صعدة.
وأسقطت طائرات العدو السعودي الأمريكي عدداٍ كبيراٍ من قنابل الباراشوت على جبال الشعف الآهلة بالسكان حيث تنبعث منها أدخنة قاتمة وتنتشر على نطاق واسع محدثة انفجارات هائلة فور سقوطها وتتوزع على مساحات واسعة.
وبحسب الخبراء العسكريين فإن هذه القنابل التي تم اسقاطها هي في الأساس قنابل عنقودية زنة ألف باوند تحملها الطائرات الحديثة ومنها طائرات التورنيدو التي يمتلك العدو السعودي عدداٍ منها.
ويقول الخبراء: إن هذه القنبلة العنقودية تخرج منها في الجو مائتا قنبلة صغيرة مزودة بالباراشوات.
وشن الطيران عدة غارات على مستشفى الرحمة الأهلي في مفرق الطلح في السادس عشر من شهر إبريل الماضي موقعاٍ عدداٍ من الشهداء والجرحى من موظفي المشفى والمرضى المتواجدين فيه في حالة لا تختلف عن جرائم مشابهة ارتكبها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة وجنوب لبنان خلال الحروب السابقة.
كما شن الطيران المعادي في اليوم ذاته عدداٍ من الغارات استهدفت الأحياء السكنية وسيارات نازحين ومسجد “الثامر” في منطقة “بركان” كما استهدف الطيران المعادي قرية عرامة بمديرية “حيدان” سقط على إثرها عدد من الشهداء والجرحى.
نسف المساجد والأضرحة
* وفي الوقت الذي تواصل فيه الطائرات السعودية الأمريكية استهداف المدنيين ومنازلهم , والمساعدات الإنسانية اضافة الى المدارس والمستشفيات وكل ما من شأنه تدمير حياة المواطن اليمني أقدم العدوان السعودي الامريكي على استهداف جامع الإمام الهادي (عليه السلام) التاريخي , والذي يقع في قلب مدينة صعدة التاريخية وسط الأحياء الشعبية .
وأدت تلك الغارة التي طالت البوابة الشرقية لمسجد الإمام الهادي وأوقافه المجاورة الى استشهاد 4 مواطنين وإصابة أكثر من 10 آخرين .
ويمثل مسجد الامام الهادي عليه السلام قيمة تاريخية وحضارية وفكرية في العقل والوجدان اليمني عدا عن رمزيته الكبيرة في نفوس اليمنيين باعتباره جامعة علمية ومنارة ثقافية عظيمة أسهمت في تخريج عشرات الأئمة الذين تعاقبوا على حكم اليمن طيلة القرون الماضية وتخرج منها آلاف من العلماء والمفكرين الذين ملأت شهرتهم الآفاق واستناروا وأفادوا بعلمهم وثقافتهم الأمة الإسلامية على مر العصور.
وبطريقة تظهر العداء التاريخي والديني لصعدة أقدمت طائرات العدوان السعودي الأمريكي على قصف ضريح السيد حسين بدر الدين الحوثي بحوالي 14 غارة كما تعرضت منطقة مران وما تزال معقل السيد حسين بدر الدين الحوثي لقصف متواصل وبشكل هستيري لا يتصوره أي عاقل.
نازحون من الموت
* والخروج من صعدة خلال هذه الأيام ليس بالأمر السهل.. فطائرات العدو السعودي الأمريكي أعلنت المدينة منطقة عسكرية والقصف الوحشي يتواصل باستمرار على منازل وأحياء المواطنين.
وبصعوبة كبيرة تمكن المئات من المواطنين من النزوح إلى صنعاء قادمين من صعدة تاركين وراءهم منازل مهدمة وأوجاعاٍ كبيرة وجراحاٍ لن يندمل.
وفي ساعات الليل الداكن خرج النازحون هاربين من القصف “المتوحش” لطائرات العدو فكل شيء بات أسوداٍ في صعدة من شدة القصف ولسان حال هؤلاء يقول: هذه الجرائم لا ينفذها سوى اليهود.
وكانت قيادة ما يسمى “عاصفة الحزم” قد أعلنت صعدة مدينة عسكرية لتعطي لنفسها مبرراٍ لاستهداف كل شيء وبقساوة لا يتخيلها أي إنسان وعلى مدى أسابيع منذ هذا الإعلان وكل شيء في صعدة مباح للقصف وباتت “الهمجية” السعودية فقط من يتجول في كل أرجاء المحافظة.