زفاف الحجارة للبحر

قبل الاشتياق:
وفمي كآخر ما تنوء قصيدة في حبل قافية./وأول ما يسير على هلال. أو يكسöره زجاج…عبد الودود سيف
اشتياق:
ثمة شعراء لا تستطيع إلا الهرب إلى قصائدهم كلما ضاق بك الحال وأنهكتك ماديات الحياة والتزاماتها التي لا تنتهي..
ومن هؤلاء الشعراء الشاعر عبد الودود سيف والذي من اصداراته الشعرية التي يفر المرء إليها ليستأنس بها في الليالي المظلمة ديوانه الشعري ” زفاف الحجارة للبحر” والصادر عام 1999م.
قصائد مزخرفة:
احتوى الديوان على عدد من القصائد أبرزها ” تخطيط على جسد المهد قاعة لنصب.. شاهد لضريح دعــاء فصل كوكب القلب هلال القش..وقصائد اخرى..”..كل قصيدة في الديوان كون بحد ذاته يبعدك عن عوالم الدمار والفوضى والدم الى عوالم لغتها قمة في الروحانية..روحانية تقذف بالقارئ الى عالم هادئ وجميل ومتفائل الى حد الشك!
خيال يرتقي بالواقع:
من عنوان الديوان زفاف الحجارة للبحر يتجلى كما هو الشاعر عبد الودود سيف متقنا لنتاجه الشعري ..متكئا على رصيد لغوي لا يتوفر لدى غالبية الشعراء في اليمن..ومن اهداء الديوان ينكشف كم هو ديوان الشاعر قادرا على اخراج القارئ من عوالمه المتعبة وقذفه الى عوالم اخرى اكثر بهاء ونقاء..هذا لا يعني ان نصوص الديوان تترك القارئ يعيش في عالم خياليصرف من دون نهاية هادفة بل تجعله يعيش في الخيال ومن الخيال نفسه تنطلق لتقوده الى الارتقاء بواقعه!
زفاف الحجارة للبحر:
لعل من أهم قصائد الديوان برأيي هي قصيدة زفاف الحجارة للبحر ..وهي قصيدة من فصل “ذيــــل الطـــــاووس” والتي يفتتحها بمقطع صادم وباعث على الريبة من الواقع “غيم بكفöي أم دخان !/ هذا ابتداء رسو صاريتي على شط, /وأول ما أهش بنرجس أو أستظل بزعفران/هذي خطاي تعود بي نحوي, ثم تجلسني إلي.. /أرى الدنان كأنها ملأى بخمر ليس تعرفها الدنان/وأرى خيولي في العنان, تزف لي خيلا/وتبسط في مداي لها العنان. /وأنا أعود إلي مبتكرا. كأبهى ما يكون اليتم/أو يمشي القرنفل. للقرنفل. والشرارة في الصوان”
ويعود الشاعر المغمس بالالم والحيرة اليه باحثا عن ذاته “ذات القارئ” المغيبة في عالم وضيع كهذا “هذا رجوعي من سواي إلي في عرش وقافية.. /وبدء وقوف أطماري على رأس وتاج. /هذا هواي على مدى حضن.. وأذرعة/ وقلبي مثل زخرفة على سيف, وهسهسة على سعف. / وبعضي ليس/يذكرني. وبعضي فاحم. أو فاحم.وأنا أسير إلي محتشدا.. وأدخل في هواي.”
دعاوى
لم يدع الشاعر كعادة الشعراء بأنهم من أنقى الناس لان مصدر مجيئهم هو القصيدة بل ينفي هذا الزعم باعتباره خرافة ودعوة تهدف الى اكساب الشاعر صفة ليست له ..انه ببساطة شديدة يؤكد انه وخلافا للشعراء “آت كمن يدعى لشبك ضفيرة بضفيرة.. /ومزج عنق زرافة في ذيل طاووس. /ويمضي صاعدا.
آتي. وأجعل من صداي شذا. وأجعل من هواي.. هواي.. /ثم أسير بينهما وأقتلع الرöتاج.”
هذا هو دور الشاعر الحقيقي دور متواضع ينظر للوجود من منظار انساني بحث ..يدنو الى البشرية وحاجاتها الروحية بكثير من الترفع عن التعالي والغرور!
ولأن القصيدة من صنف راقى يسير بالقارئ “لكأن لمع البرق بعض شواردي. /والغيم سنبلة على كتفي/ووجهي قبلة. أو قöبلة/والأفق قبة شذروان.. /وأنا كمن آتي إلي مسلما, /وأنا كمن أمشي إلي مبددا.”
هذا انتصاف المهرجان.
في انتصاف قصيدته يصعد عبد الودود بالقارئ الى قمة الاخلاق …اخلاق الشاعر “هذا صعودي في فراشة نرجس نحوي. ومني للوصول إلي/ أقداح مبددة. / وناي عاطل. / وقساطöل تزهو بطول نزيفها. / وأيائل تعبى. /وعمر طاعن في الحزنö… /فلألج المحارة بالمحارة, والحجارة بالحجارة/والشواطئ للسفن.”
انهمارات:
إن قراءة الديوان قراءة وافية تتطلب معجزة كمعجزة كتابته لنصوصها فيما قراءة قصيدة واحدة كقصيدة زفاف الحجارة للبحر تتطلب مجلدات ومجلدات..فكل كلمة في قصيدة عبد الودود سيف كتاب انساني وكل مقطع شعري موسوعة موجهه للانسانية المتعبة من هذا العبث اللا نهائي!

قد يعجبك ايضا