القانون الجديد يوفّر حزمة ضمانات سيادية وقانونية تشكّل الأساس لأي قرار استثماري جاد
قانون الاستثمار فرص استثمارية واعدة بضمانات وحوافز تبني الاقتصاد وتضمن الحقوق
أكد الباحث الاقتصادي المهندس فهد حسن دهمش وكيل مصلحة الضرائب والجمارك المساعد للقطاع المالي والإداري أن قراءة الأرقام بموضوعية تكشف أن الاقتصاد اليمني لم يستنفد طاقته بعد، وأن قوّته تكمن في الفرص الاستثمارية الحقيقية ، التي لم تتحول بعد إلى إنتاج فعلي.
الثورة / أحمد المالكي
فرص استثمارية
مشيراً في قراءة اقتصادية خاصة ل «الثورة» حول الفرص الكامنة في قانون الاستثمار الجديد 2025م ، إلى أن اليمن يمتلك اليوم 538 فرصة استثمارية موزّعة على 9 قطاعات اقتصادية في 9 محافظات، بكلفة إجمالية تقارب 4.65 مليار دولار، وأن هذه الفرص الاستثمارية قادرة على توليد أكثر من 26,391 فرصة عمل عند اكتمال تشغيلها، وذلك ضمن إطار تشريعي يحوّل هذه الفرص من مخاطر محتملة إلى مشاريع بعائد محسوب.
قوة القانون
وقال : إن قانون الاستثمار رقم (3) لسنة 1446هـ (يناير 2025م) لم يأتِ في لحظة ازدهار اقتصادي، بل وُلد في قلب أزمة مركّبة اتسمت بانكماش الإنتاج، وتآكل البنية التحتية، واشتداد الحرب الاقتصادية ، وأن قوة القانون تكمن في أنه لم يُصَغ لمواكبة نمو قائم، بل لإطلاق عملية تعافٍ اقتصادي، وتحويل الاستثمار من خيار مؤجَّل إلى أداة تشغيل وإعادة بناء، ويعتبر أداة تعافٍ وتشغيل اقتصادي
حزمة ضمانات
وأوضح دهمش أن القانون يوفّر حزمة ضمانات سيادية وقانونية تشكّل الأساس لأي قرار استثماري جاد ، تشمل كفالة الملكية الكاملة للمشروعات، وعدم نزعها أو مصادرتها إلا للمنفعة العامة وبمقابل عادل، وضمان الاستقرار التشريعي والضريبي، وحرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، وكذلك ضمان حق التقاضي والتحكيم، وحماية الملكية الفكرية.
خرائط الاستثمار
مبيناً أن هذه الضمانات، وإن لم تظهر مباشرة في جداول العائد، إلا أنها عمليًا تخفض معامل المخاطر السيادية وتحسّن قرار الدخول قبل احتساب أي إعفاءات مالية من خريطة الفرص إلى معادلة العائد، حيث تُظهر خرائط الاستثمار أن أكثر من 70% من الكلفة الاستثمارية تتركّز في ثلاثة قطاعات كثيفة رأس المال وطويلة الأجل ، وهي تمثّل العمود الفقري لمسار التحوّل الاقتصادي ، إذ يتصدر قطاع النقل واللوجستيات بكلفة تقارب 1.595 مليار دولار 15 فرصة، 2,041 وظيفة، والسياحة بنحو 1.166 مليار دولار 140 فرصة، 3,980 وظيفة، والتعدين بنحو 620 مليون دولار 260 فرصة، 2,950 وظيفة.
حساسية عالية
وبيّن دهمش أن هذه القطاعات تتسم بحكم طبيعتها بحساسية عالية للمخاطر وطول فترات الاسترداد، ما يستدعي تدخل الإطار التشريعي لا كمراقب محايد، بل كشريك ضمني في إدارة المخاطر، عبر إعفاءات جمركية وضريبية كاملة على الموجودات الثابتة، وإعفاءات أرباح متدرجة حسب حجم المشروع، وتسهيلات مرنة في الأرض (تمليك، انتفاع طويل الأجل، أو صيغ إيجارية)، بما يُقصّر دورة الاسترداد ويعزّز الأمان النقدي للمشاريع الكبرى.
وأكد دهمش أن اليمن يمتلك اليوم قانونًا استثماريًا حديثًا، وحزمة متكاملة من الضمانات والحوافز والإعفاءات، إلى جانب 538 فرصة استثمارية حقيقية بكلفة إجمالية تبلغ 4.65 مليار دولار، ومناطق صناعية قابلة للتشغيل ، وأن التحدي الجوهري لا يكمن في نقص التشريع أو الفرص، بل في فجوة التنفيذ ، وأن ردم هذه الفجوة كفيل بتحويل الفرص من أرقام في الجداول إلى مصانع عاملة، ومن نصوص قانونية إلى أكثر من 20 ألف وظيفة مستقرة، ومن مخاطر متصوَّرة إلى عوائد محسوبة، ليغدو قانون الاستثمار 2025 رافعة تشغيل اقتصادي ومسارًا عمليًا لإعادة بناء الاقتصاد اليمني على أسس إنتاجية مستدامة وقابلة للحياة.
محركات التشغيل
وأضاف المهندس دهمش إلى أنه في المقابل ، يتوزّع نحو 1.27 مليار دولار من الاستثمارات على قطاعات أقل كثافة رأسمالية وأكثر أثرًا اجتماعيًا، وفي مقدمتها الصناعة التحويلية، والزراعة والأمن الغذائي (الدواجن والثروة السمكية)، والطاقة المتجددة، والخدمات الداعمة.
وتكشف البيانات عن مفارقة استثمارية واضحة خاصة وأن القطاعات الأقل كلفة هي الأعلى توليدًا لفرص العمل.
لافتاً إلى أن الصناعة التحويلية تتصدّر وحدها مشهد التوظيف بأكثر من 4,200 فرصة عمل مباشرة، تليها السياحة ثم التعدين والنقل، في تدرّج يعكس العلاقة العكسية بين كثافة رأس المال وكثافة التشغيل ،
ولهذه الأهمية -وفق دهمش- فقد منحها القانون حوافز نوعية إضافية، شملت إعفاءات ضريبية أطول نسبيًا، وإعفاء مدخلات الإنتاج والمواد الخام وقطع الغيار، وإعفاء الأرباح المعاد استثمارها، إلى جانب حوافز إضافية للمشاريع المقامة داخل المناطق الصناعية المعتمدة، ما يجعل هذه القطاعات قلب الاستجابة الاقتصادية السريعة في مسار خفض البطالة وإحلال الواردات .
الأمن الغذائي
وفي قطاعات الأولوية والأمن الغذائي -حسب المهندس دهمش- تبرز الدواجن، والثروة السمكية، والصناعات الغذائية والدوائية كقطاعات أمن اقتصادي مباشر، لما تمتلكه من قدرة عالية على إحلال الواردات، وضبط الأسعار، وتعزيز الأمن الغذائي والدوائي خلال مدد قصيرة وبمخاطر أقل ، خاصةً وأنّ هذه القطاعات تضم مجتمعة 190 فرصة استثمارية، قادرة على توليد 10,040 فرصة عمل، وبكلفة إجمالية تقارب 710 ملايين دولار، مع فترات تشغيل سريعة تتراوح بين 6 و18 شهرًا، ما يبرّر توجيه الحوافز نحوها باعتبارها ضرورة اقتصادية واقعية لا خيارًا تنمويًا مؤجّلًا .
