استطلاع /وائل الشيباني –
● لم تعد التجارة محصورة على السلع الغذائية والصناعية وغيرها بل تطورت إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير حتى وصلت إلى بيع الأعضاء الداخلية للإنسان والنفوس البشرية واستغلالها مادياٍ وجسدياٍ من قبل جماعات إجرامية وجدت في ضعف الوقاية وغياب القوانين الرادعة بيئة خصبة لتنفيذ أعمالها الإجرامية التي حولت الإنسان الفقير إلى دمى تعبث بها كيفما شاءت … الاتجار بالبشر وبالأعضاء الداخلية له أو استغلال الإنسان بأي شكل وغيرها من عمليات الاتجار الرخيص عمل مرفوض من قبل كل فئات المجتمع وفي هذا الاستطلاع نسلط الضوء على الجهات المختصة وما تراه حول هذه القضية الإنسانية والحلول الممكنة لمكافحته فإلى التفاصيل : –
أهمية تكاتف الجهود هو ما أكد عليه العميد / عمر بن حليس مدير عام حقوق الإنسان بوزارة الداخلية حيت قال: يجب أن توجد الإرادة الحقيقية والإدارة ذات الكفاءة للحد من انتشار عمليات الاتجار بالبشر بكل أنواعها فمن خلالها ستتوحد الجهود السياسية والأمنية والمجتمعية للوقوف صفاٍ واحداٍ ضد هذه الآفة التي تنتهك حقوق الإنسان .
كما نوه حليس بأهمية دور وسائل الإعلام النزيهة في التوعية وأيضا دور منظمات المجتمع المدني وكذلك الجانب الديني ممثلاٍ بخطباء المساجد والدعاة وأكد حليس أن جهاز المفتش العام لم يتم انشاؤه إلا للحد من تفشي وانتشار هذه التجارة بكل إمكانياتها وختم حديثه بالقول: أتمنى أن تكون كل الجهات في اليمن يداٍ واحدة فقد خلقنا الله خلقاٍ واحداٍ ولا بد لنا أن نعمل سوياٍ في طريق واحد وأن نوحد الصف حتى وإن كانت البلاد تمر بالأزمات فمن رحم المحن تولد المنحة الالهية.
(جريمة إنسانية )
تعد عملية الاتجار بالبشر جريمة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهي من أكثر الجرائم البشعة التي تعانى منها الكثير من المناطق والبلدان في العالم.. هكذا استهل الأستاذ علي الديلمي رئيس منظمة اليمن للدفاع عن الحقوق الديمقراطية وأضاف: الفقراء هم أكثر الفئات المستهدفة من عمليات الاتجار بالبشر والتي تقوم بها جماعات خارجة عن القانون وبعيدة كل البعد عن الدين والأخلاق مستغلة الأوضاع غير المستقرة التي تشكل بيئة خصبة لمثل هذه الجرائم التي تستبيح كرامة الإنسان قبل أي شيء آخر وهذا ما يبدو جلياٍ في اليمن حيث يقال أنها أصبحت تمثل سوقاٍ رائجة في هذا المجال بسبب التخاذل والسكوت الذي لا يجب أن يستمر وإلا لدفعنا ثمنه جميعاٍ أخلاقياٍ ودينياٍ لذا لابد من الحركة الجادة لتحريك الوضع السائد من الصمت والتقاعس في مواجهة عمليات الاتجار بالبشر.
(جهود حثيثة )
وأشار الأستاذ احمد العودي عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر إلى أن الجهود الحثيثة التي تبذلها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر مع الجهات المهتمة كلها تصب في مواجهة ومكافحة جرائم الاتجار بالبشر باعتبار تلك الجهود المبذولة تصب في إعداد وصياغة مشروع قانون يمني لا يتضمن فقط تجريم الصور والأشكال الحديثة لجرائم الاتجار بالبشر بل يتضمن مكافحة انتشار هذه الجرائم والحد منها ومعاقبة كل من أقدم على ارتكابها عملاٍ بنصوص واضحة وعلى نحو يضمن حماية الضحايا واحترام حقوقهم.
وقد قامت اللجنة الوطنية بإعادة مراجعة ودراسة مشروع القانون المعد من وزارة العدل وأضافت التحسينات والتعديلات الموضوعية والشكلية على المشروع وذلك في سبيل استكمال الإجراءات القانونية لإخراجه إلى حيز الوجود وهنا لا بد من التأكيد على وجوب تضافر الجهود الوطنية من مختلف الجهات ذات العلاقة لإخراج هذا القانون وإصداره ومما لا شك فيه أن هذه الورشة المنعقدة والتي تنظمها المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر إحدى منظمات المجتمع المدني في إطار تحرك العديد من المنظمات الفاعلة للدفع باتجاه رفع الوعي بخطورة هذه الظاهرة من خلال ما سيتم تقديمه وعرضه من أوراق عمل ومحاضرات والتي ستعمل على تعزيز قدرات المسؤولين والمختصين من الجهات ذات العلاقة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في ما يخص هذه الظاهرة كما أنها ستعطي رؤية واضحة لما احتوى تنظيمه في مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر .
(إجراءات )
الجدير بالذكر والإشادة أن اللجنة الوطنية تعاونت واستفادت من مساعدة المنظمات الدولية المهتمة منها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة unodc ومنظمة العمل الدوليةilo ومنظمة الهجرة الدولية iom في مناقشة وإقرار مشروع القانون بما يحقق التطابق مع البروتوكول.
فمن الخطوات الايجابية التي اتخذتها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تنفيذ سلسلة من ورش العمل التوعية والقانونية والانتهاء من صياغة مشروع وطني يجرم ويعاقب هذه الأفعال والبدء بخطوات تنفيذ إعداد إستراتيجية وطنية لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.
وأكد العودي في سياق حديثه انه ما تزال هناك ثمة إجراءات عديدة يتعين القيام بها لمكافحة هذه الظاهرة اتخاذ الخطوات الكفيلة للمصادقة على مشروع القانون والذي لا يزال بمجلس النواب حيث وقد بذلت جهود في سبيل تحسينه بمشاركة عدد من المختصين في مجال السلك القضائي وأعضاء البرلمان اليمني بما يتواءم مع أحكام بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر وخصوصاٍ النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة وذلك لضمان الوقاية من جريمة الاتجار بالبشر وملاحقة مرتكبيها قضائياٍ على نحو فعال ناهيك عن توفير الحماية الكافية للضحايا مع كامل الاحترام لحقوقهم الإنسانية واقتراح عدد من التعديلات على مشروع القانون لغرض استيعابها من قبل اللجنة الوطنية خلال مناقشة مشروع القانون في مجلس النواب .
وتأمل اللجنة الوطنية من جميع المهتمين والمعنيين على النطاق الوطني والدولي تكثيف الجهود من اجل تحقيق نتائج مرضية في المستقبل القريب .
( حياة العبودية )
من ناحيته يرى الأستاذ علي ناصر – رئيس جمعية مكافحة الاتجار بالبشر أن هناك الكثير من المتضررين داخل البلد قبل خارجه بسبب عمليات الاتجار بالبشر فقد أصبحت هذه التجارة من أكثر أنواع التجارة رواجاٍ بعد تجارة الأسلحة وربما أكثرها ضرراٍ فالذي باع كليته أو جزءاٍ من أعضاء جسده لا يمكن أن نسترد ماله ومن وقع في أسر العبودية والاستغلال يعاني من الموت البطيء والعذاب الروحي نتيجة تعوده على تحمل الظلم المتواصل لذا بات من المهم أن نتحرك لحماية المستضعفين والعمال الذين يقوم أرباب عملهم باستغلالهم كعمال المولات والمراكز التجارية العملاقة الذين يعملون بمرتبات زهيدة وزيادات مالية لا تتعدى الـ 7 ألف ريال كمكافأة مقابل 6 ساعات عمل إضافية يومياٍ طيلة شهر وهذا يعني أنهم يحصلون على 200 ريال مقابل عملهم طيلة ست ساعات وهذا ما يجعل الشباب ينفرون من عمليات الاستغلال والاتجار اللامسؤول بمجهودهم والبقاء عاطلين عن العمل أو الذهاب صوب الجماعات الإرهابية التي تتاجر بأرواحهم.
( تضافر الجهود )
من جانبه تمنى الأستاذ / علي دهاق – منسق منظمة العمل الدولية في اليمن أثناء حديثه عن أهمية توحيد الجهود الوطنية لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر تضافر الجهود المجتمعية المشتركة بين كافة أفراد المجتمع اليمني للحد من عمليات الاتجار بالبشر بكافة أنواعها والعمل الجاد صوب إيجاد قانون يحدد فيه العقوبات لكل من سولت له نفسه الاتجار بأخيه الإنسان خاصة تلك العصابات التي ازداد منسوب أعمالها الإجرامية تجاه المستضعفين خاصة أولئك الذين يأتون إلى اليمن من دول الجوار التي تعاني من المشاكل والحروب التي دفعت المواطنين صوب الهرب إلى اليمن لتقوم تلك الجماعات باستغلالهم مادياٍ في أعمال المزارع وغيرها ويرى دهاق أن بإمكان تلك الأعمال غير الآدمية أن تتقلص إذا ما توحدت الصفوف لمحاربتها كما حدث مع الزواج السياحي في اليمن الذي بدأ يخف في الآونة الأخيرة بسبب تضافر الجهود المجتمعية ضده.
( استغلال العمالة )
الاتجار بالبشر ظاهرة لا تخفى على أحد وهي متشعبة ولكن لا بد لنا أن نسلط الضوء على بعض الظواهر التي بدأت في التزايد لذا لا بد لي أن أتكلم عليها منفردة ومن أهم تلك الظواهر التي راجت في الفترة الأخيرة هي استغلال العمالة بتقديم أجور مالية ضئيلة لا تتناسب مع الواقع المعاش سواء أكان في القطاع الخاص أو العام هذا ما أوضحه الأستاذ علي صالح وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كما أكد على أهمية وضع خطط وبرامج موجهة برؤية مشتركة من أجل العمل بشكل جماعي من قبل كل الجهات المختصة الرسمية منها والأهلية على الحد من انتشار مثل هذه الأعمال التي تندرج ضمن عمليات الاتجار بالبشر مثل بيع الأعضاء وتهريب الأطفال وزواج القاصرات واستغلال العمالة الفقيرة …. الخ
(خطر محدق)
من ناحيته أكد أ – د / حمود صالح العودي رئيس مركز دال للدراسات أن عملية الاتجار بالبشر جريمة إنسانية وبشعة وإذا ما تجاوزت 50% فإنها تتحول إلى مشكلة خطيرة ومهددة وهذا ما حدث تماماٍ مع تجارة الأعضاء بالبشر في بلادنا وتحوله إلى خطر محدق باليمن ويرى العودي أن هذا النوع من الاتجار بالبشر قاسُ على الإنسان فهو يعذب الإنسان ويستغله تماماٍ كما يحدث في الوظائف من استغلال سواء بالمرتبات أو من خلال عمالة الأطفال ونظام الكفالة وغيرها من طرق الاتجار بالبشر المتواجدة منذ القدم ولكن يقع كل الخوف من انتشار هذه الظاهرة وظهور طرق جديدة في الاتجار بالبشر كبيع الأعضاء الداخلية للإنسان ( تجارة الأعضاء ).