صندوق رعاية وتأهيل المعاقين.. بين دعوات الدمج والإلغاء وضرورة البقاء

 

الثورة /قضايا وناس
يُحيي العالم في الثالث من ديسمبر من كل عام اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهي مناسبة تهدف إلى تعزيز حقوق هذه الفئة وتسليط الضوء على قضاياها الملحة، وفي اليمن، تأتي هذه المناسبة في ظل ظروف استثنائية، حيث تتعالى أصوات تدعو إلى إلغاء أو دمج صندوق رعاية وتأهيل المعاقين دون تقديرٍ كافٍ للتبعات الخطيرة لمثل هذه الخطوة، التي قد تؤثر على شريحة كبيرة من المجتمع اليمني وتفاقم من معاناتهم..
واقع مأساوي يتطلب استنفاراً وطنياً
تواجه اليمن بفعل العدوان أزمات إنسانية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، تتحمل تبعاتها المضاعفة فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يُعدون من أكثر الفئات هشاشةً وتهميشاً.
وتشير التقديرات إلى أن نسبتهم تتجاوز 15 % من إجمالي السكان، مما يستدعي تحركاً عاجلاً ووطنياً لحماية حقوقهم وضمان إدماجهم الفعلي في المجتمع.
الصندوق.. ركيزة أساسية ووجه إنساني مشرق
في خضم هذه التحديات، يبرز صندوق رعاية وتأهيل المعاقين كصمام أمانٍ وحصنٍ منيع، أُنشئ بموجب القانون رقم (2) لسنة 2002 ليكون مؤسسةً متخصصةً تكرس جهودها لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، والحفاظ على كرامتهم، والإسهام في تأهيلهم للمشاركة في بناء الوطن.
لماذا يُعد الصندوق ضرورةً لا غنى عنها؟
يتميز الصندوق بأنه ليس كياناً إدارياً أو مالياً تقليدياً، بل هو المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تقدم حزمةً متكاملةً من الخدمات المتخصصة على المستويين الفردي والمؤسسي، وقد أثبت فاعليته رغم شح الموارد والتحديات الجسيمة الناجمة عن الحرب والحصار.
خدمات نوعية تشكل فرقاً حقيقياً:
الرعاية الصحية المتخصصة: تشمل الجراحات، والعلاج الطبيعي، وتوفير الأجهزة التعويضية والأدوية للحالات المزمنة.
الدعم التعليمي الشامل: يغطي الرسوم الدراسية، ووسائل النقل، والمستلزمات الخاصة (كطباعة مناهج برايل)، وتمويل الدراسات الجامعية والعليا.
برامج التأهيل والتدريب المهني: عبر دورات مهنية ولغوية وحاسوبية، وتجهيز الورش، وتوفير مستلزمات التأهيل.
الخدمات الاجتماعية والإنسانية: تتراوح بين المساعدات المالية، وتقديم الأجهزة المساعدة، والرعاية النفسية والاجتماعية.
هذه الخدمات ليست ترفاً، بل هي حقٌ أساسي يحول الأشخاص ذوو الإعاقة من فئة مستهدفة بالرعاية إلى شركاء فاعلين في عملية التنمية.
تحديات جسيمة ومسؤولية أكبر
واجه الصندوق منذ تأسيسه تحدياتٍ ماليةً حادة، تفاقمت بسبب الظروف الراهنة، ومع ذلك حافظ على تقديم خدماته مجاناً للفئات المستحقة، مما يجسد التزاماً أخلاقياً ووطنياً راسخاً. وما هو مطلوب الآن ليس تقويض هذه المؤسسة الحيوية، بل دعمها وتعزيزها.
رسالة إلى صناع القرار:
أي نقاش حول إعادة هيكلة الصندوق أو دمجه يجب أن ينطلق من الواقع الميداني واحتياجات المستفيدين الأساسية.
إضافة إلى ذلك يجب ضرورة تحصين الصندوق قانونياً وإدارياً، وربطه بمصادر تمويل مستدامة، وإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظماتهم في صنع القرارات والسياسات التي تمسهم مباشرة، وتوعية الجهات المعنية والمانحة بدور الصندوق المحوري والحساس.
رمز للعدالة الاجتماعية
يمثل صندوق رعاية وتأهيل المعاقين أكثر من مجرد مؤسسة؛ فهو رمز للعدالة الاجتماعية والرحمة والكرامة الإنسانية.
إن دعمه وتقويته ليس خياراً، بل واجباً وطنياً وأخلاقياً، وخطوة أساسية نحو بناء يمنٍ جديدٍ شاملٍ لا يترك أحداً خلف الركب، ويمنح جميع أبنائه فرصاً متساوية للحياة الكريمة والمشاركة الفاعلة.

قد يعجبك ايضا