
سامي الشاطبي –
(بلقيس ..امرأة الألغاز):
إصدار مميز صدر في طبعته الثالثة مؤخرا عن دار (المكتبة العربية) لمؤلفته الباحثة زياد منى يتناول موضوع ملكة سبأ التي دخلت التراث العربي والعربي الإسلامي تحت اسم بلقيس واستقطبت اهتمام وخيال أمم وشعوب العالم وهو الأول باللغة العربية ..لغة أهل بلقيس.
“لقد دخلت بلقيس تاريخ وتراث الكثير من أقوام العالم تحت أسماء مختلفة فقد عرفها العرب باسم بلقيس و”بلمقة” بينما أطلق عليها التراث العربي المسيحي والحبشي المسيحي اسم “هكدا” و”كدكه” أشار إليها التراث المسيحي العام بصفة “ملكة الجنوب” أو “ملكة اليمن”.. أما التراث اليهودي فقد عرفها باسم “ملكة سبأ”.
مبحث الإصدار:
يبحث الإصدار مسألة وجود تلك الملكة العربية في التاريخ وسبب ربط الملكة بجنوب الجزيرة العربية والروايات التي تناولتها أو ابتدعها العرب عنها والتقصي عنها.. من كانت¿ وما يعني اسمها¿ وأصلها.. وأسئلة أخرى تتعلق بالتعريف شبه الكامل عن تلك الملكة ومن كل النواحي.
اعترافات:
تعترف الباحثة منى زياد في المقدمة بأنها واجهت الكثير من المشكلات والصعاب في سبيل إصدار الطبعة الثالثة من هذا الإصدار ومن هذه الصعاب ” أن النقوش التي كشفت عنها اليمن لا تشير إطلاقا الى بلقيس أو إلى أي ملكة يمانية أخرى بما يعني أن عملها اعتمد بشكل شبه كلي “على المصادر المكتوبة أي الكتابات التاريخية التي كتبها العرب” صـ19. معبرة عن قناعتها التامة بأن بلقيس ملكة سبأ هي بلقيس نفسها.
مسرح بلقيس:
تناولت المؤلفة في الفصل الأول والمعنون بـ(على المسرح التاريخي والجغرافي) المسرح التاريخي الذي وجدت فيه الملكة بلقيس مصححة بعض المفاهيم والاعتقادات الراسخة تجاهه مؤكدة بالوثائق والتحليلات العميقة بأن “المسرح الجغرافي الرئيس لقصة بلقيس بكافة مكوناتها وعناصرها القصصية والتاريخية والميثولوجية هو جنوب العرب الذي عرف تاريخيا باسم اليمن” صـ23 .
من هي بلقيس:
خصصت المؤلفة الفصل الثاني والمعنون بـ(بلقيس الأصل والاسم) التقصي حول اسم الملكة وأصلها ومعاني ودلالات اسمها وزواجها من النبي سليمان لدى كل المجتمعات والشعوب .. بالاستفادة من المصادر الدينية السماوية التي جاءت على ذكرها والوثائق والنقوش.
تناولت في الفصل الثالث والمعنون بـ(بلقيس في التراث العربي والعربي –الإسلامي) الروايات والحكايات التي كانت متداولة في جزيرة العربة في العصور الاولى وحتى ظهور الاسلام .. وقد رأت في هذا الفصل بأن “تلك الحكايات عن بلقيس كانت تضم أسطورة أو خرافة وقصة وتاريخا” صـ63
أما في الفصل الرابع والمعنون بـ(بلقيس الفاتحة) فتناولت تناولات الأدباء والشعراء ونظرتهم التي عكسوها في نتاجهم الأدبي عنها ..فيما تناولت في الفصل الخامس والمعنون بـ(بلقيس – ملكة سبأ في التراث الديني اليهودي) والفصل السادس والمعنون بـ(بلقيس- ملكة الجنوب في التراث العربي-المسيحي) والفصل السابع والمعنون بـ( بلقيس – ملكة اليمن في التراث الحبشي- المسيحي) الاعتبارات والأحاجيج التي انطلق منها مؤخري كل منطقة لنسبهم الى منطقتهم..
لغز بلقيس:
أما الفصل الثامن والأخير والمعنون بـ(الغاز بلقيس) فتضمن مناقشة حصيفة لجملة الألغاز الواردة في القصص المتداولة عن الملكة بلقيس والمغزى منها..من هذه الأحاجي الواردة في (ترجوم ثان للفيفة استر) (ببثر خشبية ..دلو معدني..يملأ أحجارا..يسقي ماء)..يأتي الجواب (أنبوب الكحل).
“تنتمي هذه الأحجية إلى عالم النساء حيث إن التوراة تشير إلى استعمال الكحل بشكل سلبي.. فإننا نعتقد أن هذه الأحجية ليست أصلية وقد لفت أحد العلماء الانتباه إلى مقامة الحريري رقم 52 والتي تحوي أحجية شبيهة لكننا لم نعثر على المقصود في النسخ التي استشرناها” صـ187
ما يزيد الإصدار فائدة احتوائه على عدد كبير من الخرائط والوثائق..