إعلام التحريض.. “قصف مستمر” للمشروع الوطني!


استطلاع / أسماء البزاز –

في ظل المتغيرات السريعة التي تشهدها الحالة اليمنية بات على القوى السياسية تغيير خطابها الإعلامي وبما يسهم في استتباب أمن واستقرار البلاد وخلق شراكة فاعلة  تؤسس لحالة من تطبيع الأوضاع في البلد بشكل دائم وبما يتيح البدء بشكل جدي في ترسيخ الأمن والاستقرار, والابتعاد عن كل المناكفات السياسية والخطابات الإعلامية التحريضية التي تعكر أجواء المساعي الهادفة إلى إخراج اليمن من حالته الراهنة.. مراقبون وإعلاميون يتحدثون لـ(الثورة) عن مهام الإعلام في عقد السلم والشراكة وخطورة الانزلاق في المهاترات الإعلامية التي لن تقود إلا إلى زعزعة حاضر ومستقبل البلاد ..

البداية مع الدكتور عبدالعزيز  الوحش – جامعة إب- والذي يقول: القوى السياسية هي التي تمتلك وسائل الإعلام المختلفة وتسيطر على المادة الإعلامية التي تريد من خلالها التأثير على الجماهير وقد وجدنا خلال الفترة الماضية حربا إعلامية بين مكونات سياسية كل منها تريد أن تؤثر على الجمهور وقد وقعت في أخطاء جسيمة بقصد أو بدون قصد تمثلت في تأجيج النزعات الطائفية والمناطقية والمذهبية وغيرها دون أن تدرك الآثار السلبية لمثل هذا التحريض عبر وسائل الإعلام الأمر الذي أدى وسيؤدي إلى استمرار فرض واقع مختل تماما نحتاج إلى عشرات السنيين لتضميده مالم تدرك القوى السياسية الدور المنوط بها في المرحلة الراهنة وتبتعد عن المناكفات والتحريض والاستقواء بالسلاح واستدعاء العصبيات .  
وأضاف الوحش قائلا:  ومن هنا علي القوى السياسية أن تتواصل وتلتقي وتتحاور وتتفق على بعض المسلمات والقضايا التي يجب عدم تناولها في وسائل الإعلام وتتفق ثانيا على ميثاق شرف إعلامي يحدد للإعلاميين ما الذي ينشر وما الذي يجب عدم نشره في المرحلة الحالية حتى يتم التأسيس لبناء الدولة وفي تقديري أن التهدئة الإعلامية لن تتم ما لم يتم اقتناع كافة القوى السياسية والاجتماعية بالشراكة الحقيقية في السلطة والثروة باعتبارهما أساس الصراع والتحريض, فلو ضمن كل مكون سياسي حقه في المشاركة بالقرار السياسي ووزعت الثروة بشكل عادل بين الجميع فلن نجد أي تحريض إعلامي وسيتجه الجميع لأداء الدور المناط به في إطار الشراكة والشروع في دعم أجهزة الدولة الرسمية لتوفير القدر المناسب من الخطاب الإعلامي المتوازن الذي يبني ولا يهدم بدلا من فرض خطاب موجه يخدم طرفا سياسيا بعينه فيدفع الآخرين لمواجهة الخطاب المنحاز بخطاب مماثل في وسائل إعلامها الخاصة .
الإعلام الحزبي 
من جانبه يرى الدكتور عبدالسلام المخلافي  – جامعة تعز – أن الصحافة الحزبية لم تتمكن بعد من تطوير نفسها لا من الناحية الفنية ولا من الناحية التنظيمية كما لم تتمكن من خلق علاقة تفاعليه مع مختلف عناصر ومكونات النظام الكلي للمجتمع ولذلك ظلت معزولة عن بقية الأنظمة المحيطة بها داخل النظام الكلي محدودة الأثر أي أن تأثيرها وقدرتها محدودة في المشاركة في بناء وتشكيل المضامين المعبرة عن توجهات الرأي العام إزاء مختلف القضايا . يعرف المعجم النقدي لعلم الاجتماع التأثير بالمعنى الواسع للكلمة بأنه شكل للفعل من قبل مؤثر يمارس بطريقة فعالة على المتأثر ويأخذ شكل علاقة السلطة أي أنه يمارس التأثير كما لو كان له سلطه بالنسبة لقدرته على تبديل فعل في اتجاه اختيار عن قصد لما يعتبره التوجه الأكثر ملاءمة لمصالحه الخاصة . من هذا التعريف يمكننا النظر إلى القضية المطروحة من خلال علاقة ثلاثية الأبعاد (مؤثر ومتأثر وسلطة) وداخل إطارين: داخلي وعام, في الإطار الداخلي تتجلى بصورة واضحة العلاقة التي تمارسها القوى السياسية أو الأحزاب على صحفها باعتبارها لسان حالها والمعبر عن مواقفها ومن هذه الناحية فإن هنالك سلطة غير محددة لقيادات الأحزاب في توجيه صحفها لتبني الآراء التي تفترض أنها تستطيع من خلالها تحقيق مكاسب خاصة لها من خلال تبني مواقف صراعية وعدائية وأشكال من الإثارة والتحريض والضغط على الحكومة لتلبية مطالبها 
موضحا بأن الأحزاب السياسية على مستوى العلاقة الداخلية تملك سلطة التأثير القصوى لتوجيه الخطاب الإعلامي لصحفها في الاتجاه الذي تراه وهو بالضرورة الاتجاه الذي يخدمها وهذا مرهون بمدى تحقيق نوع التسويات بين الحكومة والأحزاب حتى تقدم الأحزاب على التهدئة الإعلامية. بالنسبة للإطار العام فإن الأحزاب نتيجة لفشلها في دفع صحفها إلى خلق علاقات تفاعليه مع محيطها العام ليست لديها أي قدرة مهمة ومرجحة في التأثير على الرأي العام .
مشيرا إلى حزمة من أسباب تراجعها ومنها: دغمائية الخطاب أو الرسالة الإعلامية للصحف الحزبية التي جعلتها تنحو منحى تبشيرياٍ دعائيا لأحزابها بحيث تحولت الصحف إلى ما يشبه النشرات الداخلية ويمكن الاستدلال على هذا بمؤشرين: الأول أعداد المبيعات التي تظهر أن الكميات المباعة دالة تقريبية لأعداد المنضوين في الحزب والمتعاطفين معه المؤشر الثاني رفض الناس لهذه الصحف من منطلق تصنيفي ليس بالضرورة قائماٍ على رفض الموضوعات والمحتويات . ثانيا: غياب المهنية: أي عدم الالتزام بمستوى عال من الموضوعية بحيث تتحرر الرسالة الإعلامية من الآراء والتأويلات الخاصة واعتماد الأمانة والتجرد في تقديم الرسالة الإعلامية وقد شكل عدم الالتزام بالموضوعية عوائق قوية أمام قدرة الصحافة الحزبية على تحقيق أي اختراق للرأي العام. 
مؤكدا على أن الأحزاب لديها سلطة واسعة وكلية على تحقيق التهدئة بالنسبة لصحفها, وهذا مرهون بتسويات مرضيه للأحزاب وليست لديها قدرة في التأثير على التوجهات الكلية للإعلام أو الرأي العام بصورة مؤثرة ومرجحة.
تداعيات مؤسفة 
ومن جهته يقول الدكتور خالد محمد الكميم – قانون دولي عام : في الواقع لقد تجاوزنا الخطاب التحريضي ربما إلى نتائجه – للأسف الشديد – التي تأتي على شكل عمليات العنف المشهودة والمتمثلة في التفجيرات التي بدأت ملامحها الشيطانية في العاصمة, خصوصا ولعل آخرها تفجير كلية الشرطة الإرهابي بالغ الألم على كل قلب يمني (بغض النظر عن هويته واتجاهه السياسي ..) ومع ذلك .. لا بد من القول بلزوم مراجعة كل القوى السياسية لخطاباتها السياسية وأفرادها سواء في المنابر أو تحت أقلام التحرير الصحفي أو عبر الإطلالة على الشاشة في برامج أو تصريحات لقنوات فضائية. 
وتابع الكميم : ويأتي أهمية مثل هذا الكلام بضرورة المراجعة بل والتوقف في ظل توتر غير مسبوق في الحياة الأمنية قبل السياسية في يمننا, خلافاٍ عن أن ثمة مبادرات سلام وطنية مع الطرف الرئيس في الساحة يستحق معه المساعدة في تهيئة وتنقية الأجواء إلى حد ما ولا نقول بالمثالية الطبيعية في حالة الوطن المستقر .
ويرى الدكتور عبدالمجيد الصلوي – جامعة تعز- أن دور القوى السياسية  يكمن في  الابتعاد عن الخطاب الذي يؤدي إلى التفرقة والتمزيقواعتماد خطاب آخر يوقف البعض من تحقيق مكاسب سياسية من خلال زرع الفتن وإثارة الحقد والكراهية .
الصحفي والكاتب محمد الجرموزي يقول: إن قادة القوى السياسية هم لب المشكلة برمتها وفي استطاعتهم عمل الكثير لإنقاذ البلاد من الواقع المرير الذي نحن فيه .. ولهذا يستطيعون وبسهوله ترشيد الإعلام وتعقيله نحو بناء ثقة كبيرة بينه وبين الناس أولاٍ ومن ثم المساهمة في حل المشاكل المتراكمة على كاهل الوطن والتي كسرت عظامه وأنهكت قواه.
وأما أمين الخرساني – عضو هيئة تحرير وكالة الأنباء اليمنية سبأ – فقد ذهب إلى القول: إن  الإعلام هو أداة بناء وليس أداة هدم وينبغي أن يعتمد على الحقائق والمعلومات الدقيقة وليس على الإشاعات والتهبيش وإثارة الأحقاد والكراهية, وهو في الدول الديمقراطية مسؤولية قومية واجتماعية فليس هناك مؤسسة أو جهة أو وحدة اقتصادية أو اجتماعية بدون إدارة إعلامية أو علاقات عامة تقوم بهذا الدور وفي الدول الديمقراطية ليس هناك وزارات إعلام فالإعلام لديهم مسؤولية قومية قبل أن يكون مسؤولية أخلاقية وقبل أن يكون أداء لوظيفة يقوم صاحبها بأداء تلك الوظيفة كيفما اتفق . الإعلام في مجتمعاتنا يقوم على ملء الفراغ كيفما كان المهم بأن الإعلامي في نهاية الشهر يستلم أو يقبض بغض النظر عن أدائه الناجح لعمله من عدمه لذلك لابد من الضوابط الأخلاقية وتتمثل بالقوانين ومواثيق الشرف.. 
وتابع بالقول :عندنا قانون رقم 25 لسنة 1990م الذي صدر بعد الوحدة مباشرة وفيه ضوابط قانونية دقيقة وكل صحافي أو إعلامي ملزم بقراءة هذا القانون ومعرفة ماله وما عليه وبحيث لا يتجاوز المحددات التي حددها القانون .. كما أن هناك ميثاق شرف موجوداٍ في نقابة الصحافيين والصحافيون ملزمون بالعمل به وهو يلزم كل الإعلاميين والصحافيين إلزاما أدبيا وأخلاقيا وليس قانونيا في الأخذ به¿ وهناك ضوابط دينية فالإسلام وفي القرآن الكريم يقول: ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.
وهذه الآية تدعو إلى تحري الدقة في نقل المعلومات والأخبار .. كما جاء في القرآن الكريم : “إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظْلم” فالإنسان الفاسد والظالم الذي يضر المجتمع بظلمه ينبغي أن نعريه بأسلوب موضوعي وينبغي أن يعتمد نقد الفاسدين على حقائق ومعلومات صحيحة ودقيقة حتى يكونوا عبرة لغيرهم لأن الله أجاز استخدام الجهر بالسوء من القول ضد الفاسدين واللصوص والحرامية . 
موضحا بأن الكثير من وسائلنا الإعلامية تعتمد على إثارة الأحقاد والكراهية فنحن في الدول النامية والمتخلفة ما زالت كثير من العادات القبلية كالأخذ بالثأر تنعكس في تصرفاتنا وأدائنا وسلوكنا سواء كان سلوكا ماديا أو أدبيا كأدائنا للرسالة الإعلامية فقد يكون الشخص الذي نهاجمه خصما سياسيا أو لسبب من الأسباب وعندما ننقده لا نتقيد بالحقائق والمعلومات الصادقة عنه بل نضيف إليها من خيالنا انطلاقا من تأثرنا بعادة الأخذ بالثأر .. لذلك وجب على قيادات والأحزاب بصورة عامة اختيار القيادات الإعلامية لوسائلها الإعلامية من الناس الأمناء الذي يتمتعون بالدقة في أعمالهم وفي سلوكهم ويتمتعون بالموضوعية ويلمون بالضوابط القانونية والأخلاقية لتحمل مسؤولية قيادة الوسائل الإعلامية.
جانبها تقول الإعلامية مها البريهي: كنا ومازلنا نتمنى أن تتغلب مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات السياسية والولاءات الضيقة فإذا استشعرت القوى السياسية هذا الهدف فإن عليها أن تلتزم وتلزم أحزابها وجماعاتها بتوحيد الخطاب الإعلامي على أن يكون هناك ميثاق شرف يخفف من على الأقل من حدة الرسائل الإعلامية التحريضية من منطلق أن اليمن تتسع الجميع واليمن تمر بمنعطف خطير هي أحوج فيه للبناء من الهدم وعلى كل الأطراف المتصارعة أن تعي بأنها ليست الوصي على الوطن وأن الشراكة هي القاسم المشترك لإيجاد مواطنة عادلة متساوية .. وأن يتضمن هذا الميثاق بنودا تلزم كل الأطراف بتطبيقه وانتهاجه.
ويتفق معها الكاتب الصحفي شكري الزعيتري مضيفا إلى حديثها : كما نعلم بأن من أدبيات الأحزاب السياسية التقليدية الصحف والمنشورات والتي بواسطتها. بنقل أيديولوجيتها وشرح برامجها وفكر قاداتها وانتقادات خصومها السياسيين.
ومؤخراٍ بعد تقدم تكنولوجيا نقل المعلومات وصناعة الأقمار الصناعية وظهور القنوات التلفزيونية الفضائية اتخذت بعض الأحزاب لنفسها قنوات فضائية أو ربطت نفسها بعلاقة سياسية وأجندة سياسية مع قنوات تلفزيونية إخبارية وسياسية تتوافق معها وفق الفكر والتوجه السياسي ولأن الصحف والقنوات التلفزيونية الفضائية تعد من الوسائل الإعلامية الجماهيرية والتي تقوم بنقل الرسائل السياسية من المرسل وإلى المستقبل (جمهور القراء والمشاهدين) ولأن كل حزب سياسي له أعضاؤه ومؤيدوه ومناصروه من عامة الشعب ويمثلون قاعدته الشعبية ولأنهم يكونون متابعين لكل ما ينشر عن الأحزاب والمكونات السياسية كقوى سياسية ويتأثرون كمواطنين بما تبثه القوى السياسية وكل يتأثر بمن يتبع أو ينتمي أو يناصر أو يؤيد من القوى السياسية.
مبيناٍ: إن مربط الفرس يكمن في أن تحذو القوى السياسية نحو تحريض ضد خصومها السياسيين وضد شخصيات سياسية تراها مناهضة لسيرها السياسي ولأجل التأثير المضمون على الأتباع لقوى سياسية تختلق أحداثاٍ ومكايدات وكل ماهو منكر وتكيله على خصومها السياسيين. وتحدث المناكفات فيما بينها البين كقوى سياسية متصارعة وبالطبع يتلقى هذا عامة المواطنين التابع لكل قوى سياسية ولقصور الفهم والإدراك وانعدام التمييز لدى بعض العوام فإنهم يتأثرون ويفرزون تأثرهم سلبا على الواقع المعاش بشكل انفعالي عاطفي فتنتج منهم أفعال منها ما يحرم دينياٍ تتمثل باعتداءات جسدية وإراقة دماء والذي يصل أحيانا إلى القتل .. فيتقاتل المناصرون من العوام كل مع خصوم حزبه السياسي من العوام وفيما بينهم .. وهكذا يتطور الأمر من صراع سياسي إلى صراع مسلح يعم العوام وبفعل تحريض قادة قوى سياسية ولهذا نقول بأن دور القوى السياسية كبير جداٍ في تهيئة إعلامها وأيضاٍ الإعلام الرسمي لإنجاح المرحلة ومن خلال الدفع نحو السلم الاجتماعي والمسالمة السياسية كل مع خصومها ومن خلال الابتعاد عن التحريض عبر وسائل الإعلام وخاصة التي أصبحت تصل إلى كل بيت يمني وتأثر في أفراد الأسرة اليمنية.
توجيه الفكر 
ويحلل الكاتب كمال شجاع الدين المسألة من جهته بالقول : لاشك بأن الإعلام أصبح يلعب دوراٍ أساسياٍ في تشكيل وتوجيه الفكر العام وأصبح هو من يرسم قسمات وخطوط صورة الوضع السياسي بتبايناته والإعلام الحزبي على وجه الخصوص له اليد العليا وكما هو متعارف عليه فإنه المعبر والمترجم لمواقف وتوجهات هذه القوى السياسية وتلك وبواسطته تعبر هذه القوى عن ذاتها ومواقفها وتحشد مناصرين لها وهي التي تدير دفة وسائل إعلامها وتوجهها في أي اتجاه ترى فيه مصالحها. ولكون المرحلة التي تمر بها اليمن اليوم تتسم بالضبابية وانعدام الرؤى بل وبيئة مواتية لكل القوى لتعزيز مواقع متقدمة نجد أن الخطاب الإعلامي ينعكس عليه نفس الحالة فهناك قوى تعمل جاهدة من أجل التوفيق بين التوجهات والمصالح الخارجية المتمثلة في القوى الإقليمية والدولية وبين التوجهات والمصالح الداخلية متمثلة بقواعدها الشعبية وأنصارها لذا يطغى على خطابها الإعلامي التناقض مع ما تعلنه من مواقف سياسية .
وأضاف: هناك قوى لا تلقي بالاٍ لتوجهات ومصالح الخارج ويقتصر خطابها وتفاعلاتها على توجهات ومصالح الداخل مستهدفة الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الساحة الجماهيرية. وهناك قوى أصبحت مجرد صدى صوت إما لقوى خارجية فتصدح وسائل إعلامها بما يتماهى مع توجهها بشيء من التجميل والتعليل المنطقي المشوه أو لقوى داخلية مهيمنة عليها فلا تجد في خطابها الإعلامي إلا تكراراٍ لنفس الأفكار والأطروحات التي تطالعك بها وسائل إعلام القوى المسيطرة ولذلك فإن ضبابية المرحلة وعدم وضوح تقاسيمها جعل كافة القوى تمارس استراتيجية إعلامية شاملة غير محددة وتعمد إلى استعداء طرف أو أكثر والتحريض عليه حيث وإن عدم توافق هذه القوى على ثوابت وطنية جامعة وافتقادها للثقة المتبادلة والذي نجم عن اختراق ومخالفة بعض القوى لما يتم التوصل إليه من اتفاقات ومعاهدات بل وتوظيفها لصالح هذه القوى دون تلك كل هذا يجعل من المرحلة الحالية والمقبلة مجهولة المعالم ويدفع بالقوى السياسية إلى التعامل مع الوضع كمرحلة اقتناص لمواقف واستحواذ على مواقع وهو ما لا يتأتى إلا بالمخالفة والاستعداء كل للآخر وبالتالي التحريض بكل الاشكال والصور ولذلك ومن أجل أن تصل القوى السياسية إلى حالة من التوافق حول متطلبات المرحلة وما يجب أن يرافقها من خطاب إعلامي مترجم لهذه المرحلة ومتطلباتها ومنها نبذ الخطاب التحريضي بكل أبعاده -وهي قادرة على ذلك – يتوجب أن يتم وضع صورة واضحة ومحددة لمعالم المرحلة وما يفتعل في الكواليس ومحطات التحرك والانتقال بموجب جدول زمني واقعي تتوفر له كافة العناصر اللازمة للتنفيذ وعلى الحكومة والرئاسة أن تتوجه إلى جميع أبناء الشعب على اختلاف انتماءاتهم المناطقية والفكرية والحزبية بخطاب مباشر وشفاف وتطرح له صورة المرحلة الحالية والقادمة كاملة الملامح والآليات بجداولها الزمنية وعلى الإعلام الرسمي أن يرسخ من دوره ويوسع من مساحة تأثيره وقدرته على خلق قناعات فكرية وحشد وتوجيه جموع الشعب نحو المساهمة لإنجاح المرحلة والوصول إلى الأهداف التي تلبي طموح ومطالب السواد الأعظم من الشعب .
التهدئة والمصداقية 
شاهر الحميدي – مؤسس مركز أسوان للدراسات: لاشك أن للقوى السياسية دوراٍ سلبياٍ أو إيجابياٍ في التهدئة أو التحريض والتأجيج ..لكن الوضع في بلادنا مختلف تماماٍ فقد يتفقون على التهدئة علنا ولديهم أجندتهم في التأجيج قد يوقعون على شيء ما فوق الطاولة وفي الكواليس وتحت الطاولة يحيكون شيئاٍ آخر  نحن نفتقد للمصداقية وليس للدور نحن نفتقد للإرادة السياسية نحن نعيش أزمة أخلاقية حقيقية ننكث بالعهود قبل أن تجف حبرها بالورق نحن نفتقر للوعي السياسي والنضج لازلنا في مرحلة مراهقة رغم شيخوخة القوى السياسية وأحزابها خاصة ونحن نقدم مصالحنا الشخصية على مصلحة حزبنا أو انتمائنا حتى العقائدي ونقدم مصلحة الجماعة والحزب على مصلحة الوطن والمصلحة العامة.
مناخ ملائم
 وختام جولتنا الاستطلاعية كانت مع كريم الحاج – إذاعة تعز- والذي أكد على ضرورة التهدئة الإعلامية وتهيئة الأجواء المناسبة والمناخ الملائم لإنجاح المرحلة الانتقالية وطي صفحة الماضي والمساعدة في فتح صفحة جديدة. ومن هنا يبرز دور وسائل الإعلام في إيجاد الحلول والمعالجات التي تعمل على إنجاح المرحلة وأن لا تزيد الطين بلة بالتحريضي الإعلامي والخطابات التي تزرع الفتنة والتفرقة والعْنصرية بين أبناء الشعب الواحد.  

قد يعجبك ايضا