حرب الوعي.. معركة اليمن في وجه الدعاية المضللة

كفاح عادل

 

 

ها هي الحرب لا تحمل السلاح وحدة رائحة الموت، بل تسبقها كلمات سمُها يتصاعد في أثير الإعلام فتقلب وعي الناس قبل أن تلمس قذائفها جدران البيوت. اليوم يجمع العدو أبواقه في حرب أخرى: كلمات تحفر خنادق وأكاذيب ترمى ذخيرة تستهدف روح الشعب اليمني قبل جسده وتستهدف تاريخه الأصيل قبل حاضره الصامد.
هذه هجمة دعائية شرسة تريد طمس صورة شعب عرفته الإنسانية قلعة للكرامة وحصناً للعزة. شعب رفع يده ليواسي الجراح في غزة ليقول للعالم إن الإنسان أخو الإنسان وإن الدماء الطاهرة لا تسكتها حفنات تراب. قدم اليمن درساً في الأخلاق حين صمتت أمم أو تفرجت فجاءت دعاية الأعداء لتقلب الحقائق وتحول البطولة إلى صورة مشوهة والإنسانية إلى تهمة. يريدون سرقة فضائل اليمنيين لأن شعباً بهذه القيم لا يهزم.
والهدف لا يقف عند تشويه الوجه النبيل للشعب اليمني، بل يمتد لتمهيد الطريق لجولة تصعيد عسكرية جديدة. الحرب تبدأ بالكلام وهذه الأصوات المزعجة في الفضاء ليست سوى تمهيد للرصاص وتبرير للدمار. يريدون صناعة واقع مزيف يسهل عليهم تسويق عدوانهم تحت ستاره. لعبة قديمة تتكرر لكن وعي الشعب اليوم أكبر من أن يخدع.
تقع على عاتقنا كصحفيين وكتاب مسؤولية جسيمة: معركتنا مع معركة الوعي والرواية. علينا التصدي لهذه الحرب الدعائية بالحكمة والتبصر لا بالصخب أن نفكك أهدافها ونكشف أدواتها ولا نجعل أصواتنا أدوات طيعة في خدمة مخططات العدو. العدو لا يخشى الصراخ بل يخشى العقل الواعي والكلمة الهادفة والرواية الصادقة.
ويجب أن نتجنب فخ الردود الانفعالية التي تثير الفتنة وتشتت الجهود وتجعلنا نضخم الهامشي على حساب القضايا المصيرية. ليس من الحكمة أن ننشغل بالثانوي بينما تحترق الأوطان ولا من الشجاعة رفع أصوات في معارك وهمية بينما المعركة الحقيقية حول وجودنا وكينونتنا. أتعس الأصوات هو ذلك الصوت الضائع في الزحام الذي يجلجل بلا معنى.
فلنكن على مستوى المسؤولية: حراساً للحقيقة وجنوداً للكلمة الصادقة. لن نسمح لهم بسرقة روايتنا ولن نسمح لأصواتنا أن تتحول لضجيج فارغ. في الصمت خيانة وفي الضجيج غير المنضبط خسارة. أما الكلمة الواعية فهي السلاح الذي لا يقهر والدرع الذي لا يخترق وستبقى بعد أن تخرس كل أبواق الباطل شاهداً على أن شعب اليمن كان وسيبقى عظيماً بإيمانه وإنسانيته وصموده الذي لا ينكسر.

قد يعجبك ايضا