متحف الموروث الشعبي بصنعاء .. تدمير وعبث بكافة محتوياته


زيارة قصيرة لمتحف الموروث الشعبي بصنعاء المغلق منذ عام 2004م, سيدرك المرء حجم المأساة التي يعيشها التراث اليمني, فهذا المتحف خضع للترميم الخاطئ والعشوائي أدى إلى الإضرار به, بل وتجاوز الضرر ليشمل محتويات المتحف التي تم تخزينها بصورة عبثية فيها استهتار بالقيمة الكبيرة التي تمثلها هذه القطع التراثية التي من الصعوبة أن يتم جمع مثلها, حيث تعرضت هذه القطع مع مرور الزمن إلى التآكل واندثر الكثير منها, فقد ظلت هذه القطع في مخازن تفتقر إلى أبسط الاحتياجات لسنوات طويلة, ولم يلتفت إليها أحد أو يحاول إنقاذها حتى الفترينات التي كان يتم بواسطتها العرض انتهت وتأثرت.

كل هذا ولم يتم على الأقل فتح تحقيق حول هذه الحادثة التي تسيء لحضارة وتاريخ بلد ولم تتم معاقبة المسؤولين أو المقصرين في هذه الحادثة أو على الأقل توجيه اللوم لهم كأدنى إجراء يتم اتخاذه, أما أن يتم المرور على هذه الحادثة وعدم الوقوف عندها فهي مفسدة لا تقل جرما عمن تسبب في هذه الحادثة بصورة مباشرة, بل إن وزارة الثقافة وهيئة الآثار والمتاحف قبل عامين وفي اليوم العالمي للمتاحف قامت بإعادة افتتاح المتحف بعد قرابة عشر سنوات من الإغلاق بحجة الترميم, وهو الترميم الذي يعد الأطول على المستوى المحلي وربما العالمي, وبهذا الافتتاح اعتقد الكثيرون أن مشكلة المتحف قد حلت, وها هو يعود لممارسة مهامه ودوره التنويري من جديد, ولكن ما هي إلا أيام قلائل وأغلق المتحف وإلى الآن لم يفتح.
ترميم خاطئ
يقول رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف مهند السياني : إن مشكلة المتحف كبيرة جدا, فقد كان مشروع الترميم الذي حدث له مخالفا تماما للوائح والأنظمة, وأيضا لم يكن وفق الأسس الصحيحة, كونه لم يعتمد على مختصين في الترميم الأثري والتاريخي, وإنما اعتمد على مقاول لا يفقه سوى البناء والتشطيب الذي يستخدم في البناء الحديث, ولهذا ظلت المشكلة قائمة لسنوات طويلة, خاصة بعد أن دمرت وسائل وأساليب العرض المتحفي من رفوف وماكنات وفترنيات, فضلا عن الأهم وهو الأدوات والقطع التراثية التي أكلت الأرضة والرطوبة معظمها, والتي تتحمل قيادة الهيئة مسؤوليتها.
عربات تقليدية مدمرة
ما رأيناه في حوش المتحف عربات تقليدية كانت تجرها الخيول وقد وصلت إلى حالة سيئة جدا تكسرت ودمرت أجزاء كبيرة منها ولم يتم حتى وضع “طرابيل” لحمايتها والحفاظ عليها.
ويقول مهند : إن هذه العربات كانت للإمام وتم جلبها من المتحف الوطني إلى متحف الموروث الشعبي, وهو أمر محزن أن تصل إلى هذه المرحلة, ولهذا سنحاول البحث عن تمويل لترميم هذه العربات على الأقل للعرض فقط وليس للاستخدام, فحالتها سيئة.
ويؤكد السياني أن إعادة افتتاح المتحف باستعارة بعض القطع لم يكن للدعاية أو للتوظيف السياسي, بل كان توجها صادقا لدى قيادة الهيئة وقيادة وزارة الثقافة لفتح هذا المتحف وإنهاء مشكلته, ولكن الخطة التي رسمت لم تنفذ, مشيرا إلى أنه وقيادة الهيئة يتحملون مسؤولية هذا الجانب.
بدورها تقول جميلة الديلمي, مدير المتحف : إن الوعود التي كانت قد وضعت لها عندما تمت إعادة افتتاح المتحف لم يتم تنفيذها نظرا لعدم توفر الإمكانيات المادية, فلم يتم تزويد المتحف بقطع أثرية فلكلورية كما تم الاتفاق عليه, والتي كان من المفترض أن تأتي من المتحف الوطني, كذلك لم يتم اعتماد موازنة تشغيلية للمتحف وتزويده بوسائل العرض المتحفي بدلا عن تلك التي دمرت.
وحول مسؤوليتها عما حدث للمتحف وهي مدير له منذ سنوات عديدة وقبل أن يغلق, نفت جميلة أي مسؤولية عليها وحملت المسؤولية قيادة الهيئة السابقة التي أصرت على تنفيذ المشروع والاستمرار فيه رغم الأخطاء.
وقالت : خاطبنا قيادة الهيئة مرارا وتكرارا وأخلينا مسؤوليتنا عما يتعرض له المتحف ومحتوياته ولكنها لم تتجاوب معنا, وهذه هي النتيجة متحف كان ممتلئا بالمعروضات التراثية والفلكلورية أصبح خاويا على عروشه.

تصوير/فؤاد الحرازي

قد يعجبك ايضا