بعد قيام الثورة اليمنية، أدت التجاذبات السياسية والقطبية المتعددة إلى التأثير عليها وعلى الحراك الوطني والسياسي الداخلي والخارجي، فقد سعت قوى الهيمنة إلى تعزيز نفوذها سواء من خلال تدخلاتها المباشرة أو من خلال لعب دور الوسيط لحمايه المصالح والنفوذ . فالعمق الاستراتيجي والتاريخي لليمن لا يماثله أي عمق أو تاريخ، لأن اليمن أصل العرب وأنصار الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وجنود الدعوة الأوفياء الذين ناصروا الرسول ونشروا الدعوة في كل أنحاء وأرجاء الأرض. لقد رأت قوى الهيمنة أن التدخلات المباشرة في اليمن غير مرحب بها وأيضا لا يمكن الدخول في مواجهة مباشرة مع اليمن، فعملت على إنشاء كيانات تتوزع في كل الاتجاهات، لكنها في المحصلة تعمل لصالح تلك القوى وهو ما راكم المشاكل والصعوبات أمام الثورة وأثر على انطلاقتها وتحقيق أهدافها . دوامة الحروب والصراعات الداخلية، كانت هي الرهان وهكذا انشغل الجميع بالجميع تحت عناوين مختلفة تتوزع بين اليمين واليسار والوسط وخسر الوطن الكثير من الإمكانيات والوقت، حتى أن الوحدة التي كانت العنوان الأبرز، تأخر تحقيقها أكثر من ثلاثين عاما؛ فقد تحولت مهلة الثلاثة الأشهر بين قيادتي الشطرين للدخول في الوحدة إلى كارثة بعد اغتيال تلك الزعامات؛ حيث كان يتم القضاء على كل التوجهات الوحدوية وكل من يحملون ويحلمون بالوحدة كقدر ومصير وكل ذلك بسبب تخوفات قوى الهيمنة من نهوض اليمن واستعادته أدواره التاريخية لصالح دعم وإسناد قضايا الأمتين العربية والإسلامية. وحين تحققت الوحدة التي خالفت توقعات قوى الهيمنة الإقليمية والدولية نظر إليها البعض نظرة توجس وتخوف ورحب بها الآخرون وهنا انطلقت جهود أخرى لإفراغها من مضامينها والتحكم بها وصولا إلى جعل العودة إلى الانفصال أفضل من الوحدة . الاختلافات السياسية والتباينات التي لعبت عليها قوى الهيمنة الإقليمية والدولية، جعلت هذه القوى هي الخصم والحكم معا . الإمكانيات التي كان يجب تسخيرها لخدمة البناء والتنمية، تحولت إلى أداة لتعميق جذور الاختلافات بين فرقاء العمل السياسي والحزبي وتوالت الأزمات في كل الشؤون السياسية والحزبية والاقتصادية وغيرها وتم إفساح المجال لكل عابث بالأمن والاستقرار وتحميل الوحدة كل المآسي والفتن والاختلافات. وصلت التدخلات في الشأن اليمني إلى أن أصبح القرار اليمني مرهوناً لدى هذه القوى، حددوا المستقبل واتخذوا الفوضى الخلاقة التي يعتمدونها أساسا لإنتاج الواقع الذي رسموه وكان سفراء دول أوروبا وأمريكا وسفراء دول الخليج هم المعنيين بالقرار السياسي اليمني، وليسوا ضيوفا لتنظيم العلاقات وممثلين لبلدانهم. الجرع تتوالى والمسابقة في تنفيذ سياسة الإفقار التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تسير بخطوات متسارعة؛ الأمن ينهار والدولة تفقد خيرة رجالها والاختلافات السياسية تتجه إلى مأزق اللا عودة وهنا تكون قوى الهيمنة قد أوجدت البديل المتمثل في تقسيم اليمن إلى أقاليم متعددة كحل لا رجعة عنه وكأن اليمن يجمع أعراقاً وأجناساً لا تربطها أية صلة وهو ما يمثل انتكاسة لا مثيل لها سوى الانفصال بين سوريا ومصر بعد توحدهما. انشغلت القوى السياسية بترتيب أوضاعها في المستقبل الذي رسمته قوى الهيمنة على حساب اليمن الواحد والموحد منذ ما قبل الإسلام وما بعد الإسلام. وهنا كانت الثورة السلمية التي نادى بها قائد الثورة والمسيرة القرآنية السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- رفضا لكل التدخلات من قوى الهيمنة واستقلال القرار السياسي اليمني والمحافظة على الوطن . تحركت جماهير الشعب مستجيبة لنداء السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي وأسقطت كل الرهانات التي خططت لها قوى الهيمنة الإقليمية المعروفة بعدائها لليمن والدولية التي تريد التحكم في اليمن وتأمين مصالحها وتنفيذ سياساتها. تحرك اليمن في اتجاه المحافظة على الهوية الإيمانية واتجهوا إلى الهوية الجاهلية، احتفل اليمن بميلاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، فحرموه واحتفلوا بميلاد المؤسسين، احتفل اليمن بالاستقلال واحتفلوا بالتبعية والحماية من القوى الاستعمارية وحين أدركوا أنهم غير قادرين على التحكم بالقرار اليمني بعد قيام ثورة الـ 21 من سبتمبر، أعلنوا الحرب واختاروا لها عنوان الحفاظ على الشرعية لكي يدخلوا في مواجهة مباشرة مع اليمن الذي ظنوا أنهم قد دمروه وأوصلوه إلى مرحله يستطيعون السيطرة عليه في أسابيع معدودة . فرضوا الحصار البري والبحري والجوي، وخلال سنوات الحرب التي تحالفوا من أجلها مع الآخرين أثبت أبناء اليمن انهم الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه حتى وهو في أشد حالات الضعف والحرب والحصار، فقد لقن اليمن التحالف الصهيوني الصليبي أقسى أنواع الهزائم وبأساليب بسيطة ودون الاعتماد على الآخرين، بل بالاعتماد على الذات وهو ما جعل التحالف يقبل بإيقاف الحرب والتفاوض دون الاستمرار في الإجرام والعدوان. تحررت اليمن من الوصاية لأمريكا والمتحالفين معها من صهاينة العرب والغرب ومن المشاريع الاستعمارية التي عملت على تدمير القوى الوطنية من أجل التمكين لكيان الاحتلال ومشروع ما يسمى الشرق الأوسط الجديد الذي يتحكم (صهاينة العرب والغرب) من خلاله بالأمتين العربية والإسلامية . وبينما خذلت جميع الأنظمة العربية والإسلامية قضية ومظلومية الشعب الفلسطيني، أثبتت اليمن أنها قادرة على مواجهة إجرام التحالف الصهيوني الصليبي وتأديب الإجرام وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي؛ وجزء من الإرادة الدولية، وليست كما صورها التحالف الصهيوني الصليبي، لا تحترم قرارات الأمم المتحدة. اليمن ناصر مظلومية الأشقاء في فلسطين وحاصر إمدادات الإجرام حتى لا يواصل انتهاك قرارات الشرعية الدولية، أرسل الصواريخ والمسيَّرات وواجه الشيطان الأكبر وأذرعته الإجرامية في المنطقة؛ وفضح دعاوى وأكاذيب حماية حقوق الإنسان والديمقراطية الزائفة وأنهم يعملون معا للقضاء على الإسلام وإبادة المسلمين. لقد جاءت ثورة 21من سبتمبر لحماية استقلال القرار السياسي اليمني والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية ومواجهة مشاريع الاستعمار والاستعباد التي تسعى إلى نهب ثروات الأمتين العربية والإسلامية وتكريس واقع التجزئة والقطرية ومناصرة القضايا الإنسانية في مواجهة قوى الاستكبار العالمي والإجرامي . اليمن اليوم يواجه قوى الإجرام مستندا إلى القيم الحضارية والإنسانية وإلى قيم الحضارة الإسلامية التي جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين من أجل نشر قيم الخير والعدالة والإنسانية بعيدا عن هيمنة القوى الاستعمارية التي نشرت الإجرام في كل أنحاء العالم ولازالت تنشر الإجرام وتدعم المجرمين بكل الوسائل والسبل قال الله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) سورة محمد -7.