
الريال اليمني مستقر.. والضخ النقدي واستنزاف العملات الصعبة لجيوب الفاسدين توقف
قال الخبير الاقتصادي والمالي أحمد سعيد شماخ إن إيقاف الضخ النقدي واستنزاف العملات الصعبة (الدولار) إلى السوق المصرفية المحلية والتي كانت تذهب معظمها في السابق لجيوب الفاسدين والنافذين قد عبر بالبلاد من مرحلة حرجة إلى وضع نقدي آمن ومستقر وحاز كل التقدير والاحترام من مختلف المتعاملين الاقتصاديين محليين وخارجيين.
ورأى أن تعاطي قيادة البنك المركزي مع الأوضاع والإختلالات والعجز المالي بديناميكية متطورة وببراعة نادرة قد جنب العملة الوطنية التدهور أمام العملات الأجنبية الصعبة الأمر الذي جعل الريال اليمني مستقراٍ طيلة الفترة الماضية وحتى اللحظة .
* كيف تقيمون واقع العملة الوطنية (الريال) وقوة استقراره مقابل العملات الأجنبية الصعبة¿
– رغم تعرض الاقتصاد الوطني للعديد من الصفعات والهزات القوية, إلا أن البنك المركزي اليمني خلال هذه المرحلة أجاد في ربط الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمالية بالوضع الاقتصادي القائم فالاستقرار النقدي خلال هذه المرحلة الصعبة شكل العامل الأهم والوحيد في تجنيب البلاد والعباد عدة معوقات سياسية واجتماعية ومارست السلطات النقدية اليمنية ممثلة بالبنك المركزي دورها المناط بها بشكل فعال خصوصا منذ مطلع ما يسمى بثورة الربيع العربي في العام 2011 م .
وأحب التأكيد على دور الشخصية المصرفية المرموقة والناجحة الأستاذ محمد عوض بن همام محافظ البنك المركزي الذي لا يمكن إنكار دوره وإدارته في مجال السياسات النقدية وعلى وجه التحديد فيما يتعلق بالمحافظة على سعر العملة الوطنية (الريال) ثابتا أمام بقية العملات الأجنبية الأخرى فهذا الرجل يوحي لكل المستثمرين من رجال المال والأعمال بل ولكل المتعاملين الاقتصاديين بالثقة والاطمئنان على الأوضاع النقدية فضلا عن ثقة المواطن اليمني شخصيا بعملته وفي اقتصاد بلاده.
أدوات استقرار الريال
* بصفتك خبيرا في الشؤون المالية ما هي أدوات البنك المركزي للحفاظ على استقرار الريال وهل هي كفيلة بثبات استقراره مستقبلا ¿
– تعاطى البنك المركزي مع الأوضاع والإختلالات والعجز المالي بديناميكية متطورة وببراعة نادرة في جميع الأحوال والأحداث حتى اللحظة واستطاع البنك أن يوائم بين السياستين النقدية والمالية وبين الإيرادات والمصروفات ويحافظ على الاستقرار النقدي باتباع أدوات وآليات العمل المتطورة ونجح أيضا في أسلوبه المتميز المتبع في أحلك الظروف بإيقاف الضخ النقدي واستنزاف العملات الصعبة (الدولار) إلى السوق المصرفية المحلية والتي كانت تذهب معظمها في السابق لجيوب الفاسدين والنافذين وهذه السياسات في اعتقادي الشخصي عبرت بالبلاد من مرحلة حرجة إلى وضع نقدي آمن ومستقر وحاز كل التقدير والاحترام من مختلف المتعاملين الاقتصاديين محليين وخارجيين حيث تمت معالجة هذا الوضع بنجاح متميز وبأقل كلفة ممكنة فتحية منا للأستاذ محمد عوض بن همام الذي ظل يتعامل مع هذه المرحلة والظروف الصعبة والحرجة بمهنية عالية وتفان منقطع النظير.
22 مليار دولار ديون
* كيف تقرأون المشهد على الساحة الوطنية اقتصاديا ¿
– رغم أن هذا البلد يمتلك العديد من الثروات الطبيعة المستغلة وغير المستغلة والموارد المالية التي تذهب معظمها إلى جيوب بعض النخب الفاسدة إلا أنه تم إغراقه بديون كثيرة محليا وخارجيا وصلت حتى نهاية سبتمبر من العام الجاري 2014م إلى أكثر من 22,5مليار دولار أميركي ليصبح فيه كل مواطن وكل مولود يولد مديناٍ للداخل والخارج بالآلاف من الدولارات وقد لا يستطيع الجيل القادم التخلص من هذا العبء الذي قد يحرمه أيضا من التنمية والنمو والتطور ومن الرفاه الاجتماعي ومواكبة التطورات الجارية لعصرهم فكفانا نحن جيل الآباء مما نعانيه اليوم من ويلات هذا الحرمان من فقر وبطالة وانخفاضا للأجور .
فساد قوى النفوذ
* تبرز قضايا الفساد بشكل كبير كأحد المعوقات التي تحول دون تطوير البلاد اقتصاديا بل هي المعيق الأول.. برأيك كيف يمكن الحل ¿
– غياب الشفافية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية اليمنية قد زاد الطين بلة حيث صارت تلك قاعدة مطلقة في عقد الصفقات المشبوهة فكم من مشاريع ذات قيمة مالية كبيرة أبرمت من خارج جداول الأعمال الرسمي وبالطرق الملتوية في دوائر ضيقة مغلقة.. لقد قام حفنة من الفاسدين والقادمين من ذوي المراكز والنفوذ الحساسة في البلد والذين أصبحوا إحدى الركائز المهمة في فترة ما حيث أصبح مصدر المال هو القيمة المرجعية كما أن حركة رؤوس الأموال قد جعلت اليمن ترى نفسها خاضعة لاستغلال مواردها الاقتصادية يغتني فيها بعض قادتها ونخبها السياسية والعسكرية بطرق مشبوهة ولهذا يمكن القول أن المذهبية والقبلية سواء في اليمن أو غيرها من بلدان العالم قد فشلت في أن تؤدي إلى بناء أو إقامة أية دولة متقدمة تخرج تلك المجتمعات من عنق الزجاجة أو أن نراها اليوم هي قصة نجاح أو مثال يمكن الاقتداء أو الاسترشاد به.
تجاوز التبعية الخارجية
* كيف يمكن لليمن التخلص من التبعية الخارجية سياسيا واقتصاديا¿
– تجاوز اليمن للتبعيات الخارجية وتحقيقها الاستقلال السياسي والاقتصادي لن يتم ويتأتى إلا بانتهاج واعتماد هذا البلد على سواعد كل أبنائه من خلال انتهاج سياسات وخطط تنموية واقتصادية علمية سليمة بعيدة عن الاعتماد كليا على التمويلات والتدفقات الخارجية كالاعتماد على ما تقدمه الدول والصناديق والمؤسسات الدولية من قروض ومساعدات وهبات وكل أنواع الصدقات فالأيام والسنوات والعقود الماضية أثبتت أن تلك السياسات المتبعة كانت وسيلة لاستنزاف الفائض الاقتصادي والركون على الخارج في كثير من احتياجاتنا ومتطلباتنا وخير دليل على ذلك ما واجهته وتواجهه اليمن حتى اللحظة من دسائس مستمرة في اعتمادها على الخارج رغم المماطلة والمراوغة في الإيفاء بدفع تلك التعهدات التي وعدت بها الدول الراعية للمبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة مع الجانب اليمني ,غير أن الاعتماد على الخارج وانتهاج مثل تلك السياسات قد أدى إلى نتائج وخيمة غير محمودة من الأزمات السياسية والإختلالات الأمنية والى المواجهات المسلحة أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم من اختلالات عدة داخلية وخارجية على نحو خطير يهدد الأمن والسلم الاجتماعي ويعيق قدرات اليمن التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
استغلال الموارد الذاتية
* برأيكم كيف يمكن خروج اليمن من عنق الزجاجة ¿
– الأوضاع الراهنة في اليمن خلال هذه المرحلة تحتاج إلى تشمير سواعد أبنائها والى إيجاد الاستقرار السياسي والأمني وتحقيق العدالة وجميعنا يعرف ماهية وأهمية هذه المرحلة وتأثير الأوضاع القائمة على الوضع الاقتصادي والنقدي والمالي فمتى ما توفر الأمن والاستقرار وخصوصا منها الإمكانات الذاتية يتحقق كل شيء واخص منها الاستقرار الاقتصادي والمعيشي لعموم المواطنين حينها يمكن لجميع القطاعات أن تنطلق نحو تطوير قدراتها التنافسية سواء في قطاع الخدمات أو في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية الأخرى فالأجدر والأقرب إلى الصواب في اعتقادي في حالة اليمن هو أن ننظر إلى ما لدينا في الداخل من ثروات واعدة ومن ميزات تنافسية ونسبية وقدرات ومهارات لدى الثروة البشرية اليمنية التي ينبغي الاهتمام بها وتطويرها من خلال التقانات الحديثة وتطوير أدواتها وإدارتها الاقتصادية.
مغادرة عنق الزجاجة
* كيف ترى المستقبل¿
– المستقبل وفقا لما اعتقده سيكون كفيلاٍ بمعطيات جديدة ليمن جديد حافل بالتقدم والرخاء الاقتصادي والاجتماعي, صحيح أن الأوضاع الحالية مقلقة وأن أمامنا فترة زمنية معقده ودقيقة لكننا بحاجة اليوم وغدا إلى الإدارة والإرادة السياسية والمجتمعية القوية في بذل مزيد من الجهود كنظرائنا في مختلف دول العالم التي استطاعت الخروج من عنق الزجاجة والانتقال إلى العالم الآخر الأكثر تقدما ورخاء فهذا الوضع يتطلب منا المزيد من الإدراك والجهود حتى ننطلق إلى آفاق جديدة ,رغم أن هناك مشاريع إقليمية ودولية مطروحة اليوم لإعادة رسم خارطة المنطقة العربية بما فيها اليمن غير انه من المهم اليوم الإلمام بخطورتها وتأثيراتها على الساحة العربية حتى نستطيع مواجهتها ولدينا قدرات وكفاءات بشرية ومادية عالية لا يمكن الاستهانة بها في الداخل وفي الخارج فمتى ما اجتمعت هذه العناصر في ظل أوضاع مهيأة وقيادة قادرة على استخدام هذه القدرات المهملة غير المنظورة يمكننا الوصول وبزوغ فجر جديد في أعلى المراتب في هذا الكون .
