هيئة الآثار: نتابع بقلق.. والمدن: التاريخية تؤكد حرص أبناء عدن عل مديثهم

لم يعد التهديد الذي تواجهه المواقع والمعالم التاريخية والأثرية يتمثل في عمليات النهب والتخريب فحسبº بل تعداه إلى دخولها في أتون الصراعات والمواجهات المسلحة وهذا ما يشكل تهديداٍ خطيراٍ يضاف إلى سلسلة التهديدات التي تواجهها هذه المواقع والمعالم وما إن تهدأ هذه الصراعات والمواجهات والمظاهرات في محافظة حتى تشتعل في محافظة أخرى ولعلنا بالأمس القريب كنا نعيش على مدينة ثلا في عمران وبعدها صرواح في مأرب وبراقش في الجوف والعامرية في البيضاء وشبام حضرموت وغيرها.

■ آثار عدن : نافذون وأجهزة حكومية يعبثون بتاريخ وآثار عدن

■ ترصد مبالغ لهدم المواقع الأثرية وعملية الترميم لا يرصد لها شيء

وها نحن اليوم ننظر إلى المواقع والمعالم التاريخية الأثرية في مدينة عدن بخوف برغم أن ما يحدث في هذه المدينة الحضارية لا يتجه نحو الصراع المسلح كما في المحافظات السابقة إلا أن المختصين والمعنيين بالحفاظ على هذه المواقع يخشون من العبث بمعالم عدن مستغلين انشغال الجهات المختصة وأبناء المدينة بالعمل السياسي, فكيف ينظر المعنيون والمختصون لوضع المعالم التاريخية والأثرية في مدينة عدن ذات الثراء الحضاري الكبير وما هو المطلوب من أبناء المدينة للحفاظ على تلك المعالم والمواقع الأثرية.
بداية يقول الأخ مهند السياني –رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف: إن الهيئة باتت تخشى على كافة المواقع الأثرية في مختلف المحافظات في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد وعدن تحظى باهتمام خاص كونها مدينة تمتلك الكثير من المعالم والمواقع الأثرية لما لها من تاريخ عريق موغل في القدم ارتبط بموقعها الفريد.

قلق بالغ
ولهذا تتابع الهيئة وبقلق بالغ مجريات الأحداث في هذه المدينة الحضارية العريقة ونحن على تواصل دائم مع فرع الهيئة في عدن بهدف حماية تلك المواقع والمعالم وإن كانت الإمكانيات غير متوفرة وتكاد تكون معدومة إلا أن هذا واجبنا تجاه تراث وحضارة البلد.
وعبر السياني عن أمله بوعي وحرص أبناء مدينة عدن وحبهم الكبير لتاريخهم وبالتالي سيكونون أكثر حرصاٍ على تلك المواقع والمعالم التي تشكل في مجملها قيمة حضارية تدل على عراقة وأصالة هذه المدينة وسكانها وبالتالي سيكونون حراساٍ وحماة لها.

الحفاظ واجب
وهنا يوجه المهندس نبيل منصر –نائب رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية- نداء إلى كافة أبناء عدن للحفاظ على معالمهم التاريخية ومنها مدينة كريتر التاريخية والقلاع والحصون باعتبارها جزءاٍ من هويتهم الإنسانية والتاريخية التي تجسد أصالتهم وعراقتهم.
وقال: المعروف عن أبناء محافظة عدن وعيهم العالي وثقافتهم المدنية الأصيلة وهو الأمر الذي يجعلنا نطمئن لتراث هذه المدينة من معالم ومواقع ويفوت الفرصة على ضعاف النفوس الذين يسعون إلى الاستفادة من انشغال الأجهزة الرسمية وكذا المواطنين بما يحدث في الشارع من حراك سياسي ويعملون على ممارسة أحقادهم بحق تراث هذه المدينة والنيل من معالمها سواء بالتدمير أو العبث والسلب وغيرها من الأساليب التي تعانيها معالمنا التاريخية.

الإضرار بالمعالم والمواقع وارد
وأكد الأخ عبدالكريم البركاني –نائب مدير عام حماية الآثار والممتلكات الثقافية بهيئة الآثار والمتاحف- أن الأحداث حتماٍ تؤثر على المعالم والمواقع الأثرية خاصة إذا ما تم استخدامها من أحد الأطراف أو استخدمت كمجال دفاعي والخشية على الآثار المنقولة في المتاحف فقد أثبتت الأحداث السابقة أن المتاحف كانت تتعرض للنهب والسرقة في ظل التوترات فقد تعرض متحف عدن للسلطة في إحداث 1994م ولعل الهيئة قد احترزت في العام 2011م وقامت بإيداع القطع الأثرية الهامة في البنك الأهلي اليمني.
واستدل البركاني بما كاد يحدث لأحد المعابد القديمة في التواهي والذي أدى تأجيره إلى أحد المستثمرين إلى محاولة المستثمر هدم أجزاء من المعبد لبناء محلات تجارية وهو الأمر الذي وقف ضده أبناء عدن ومنظمات المجتمع المدني كون هذا المعبد وغيره من المعابد والكنائس في مدينة عدن تمثل رموزاٍ هامة للتسامح والتعايش الديني الذي ساد في هذه المدينة والذي يدلل على عراقتها ورقي سكانها.
وقال البركاني: كانت عدن ملتقى للكثير من البلدان بمختلف حضاراتها ودياناتها وذلك إبان الاحتلال البريطاني لها وكانت الجاليات متواجدة في هذه المدينة وبكثرة ومنها طبعاٍ الجالية البريطانية والجالية الهندية وغيرها الأمر الذي تطلب بناء معابد وكنائس للعبارة لهذه الجاليات وباتت هذه المعابد والكنائس جزءاٍ من حضارة وتراث عدن تمثل لها أهمية بالغة وينبغي الحفاظ عليها وحمايتها خاصة في ظل الظروف التي تشهدها المدينة ويجب أن تتنبه الأجهزة الأمنية والسلطة المحلية لحماية تشديد إجراءات الحماية لهذه المعابد والكنائس وكذلك متحف عدن والذي لا يزال إلى اليوم يفتقر إلى الحراسات الأمنية رغم مخاطبة الهيئة للأجهزة الأمنية لتوفير الحراسة لهذا المتحف ولكن حتى الآن لا يتجاوب..

النافذون من يعبثون
أما عن تأثير الأوضاع التي تشهدها مدينة عدن على المعالم الأثرية وبدوره أوضح الاخ محمد سالم السقاف –مدير عام مكتب الآثار والمتاحف بمحافظة عدن أن أبناء المدينة وأعضاء الحراك بدرجة رئيسية أناس يحبون مدينتهم ولم نشاهد أحداٍ منهم يعتدي على معلم أثري.
وقال: المتنفذون وحدهم من يقومون بالاعتداء على هذه المعالم وأجهزة الدولة نفسها تمارس هذا العبث والتدمير فقد دمروا متحف عدن في التواهي الذي بني كأول متحف في المنطقة بتبرعات من أبناء عدن وتم تدميره وبني على أنقاضه مبنى جديد أسموه “وكالة سبأ للأنباء” كذلك مبنى تاريخي آخر كان أول مبنى أنشئ كمنظومة للاتصالات على مستوى المنطقة أيام الاحتلال وموقعه في التواهي هذا المبنى جاءت توجهات لهدمه ليتم البناء على أنقاضه مبنى جديد بحجة التوسع لأحد أجهزة الدولة التي تتخذ منه مقراٍ والآن يتم تدمير المبنى لديهم إمكانيات وموازنات للتدمير والبناء ولكن ليس لديهم موازنات للترميم والصيانة أيضاٍ يتم الآن الإعداد لإنشاء مستشفى جديد بدعم من سلطات البهرة في مدينة كريتر التاريخية التي أعلنت في العام 2006م مدينة تاريخية وبالتالي لا يجوز المساس بها أو تغيير ملامحها أو تشويه معمارها وتدمير مبانيها واليوم يريدون بناء مستشفى جديد على أنقاض مستشفى قديم تم بناؤه في فترة الاحتلال الأولى مع أن كريتر تحتوي ثلاثة مراكز صحية ومستشفيات حكومية فضلاٍ عن المستشفيات الخاصة.

قد يعجبك ايضا