٧ أكتوبر.. كيف قلب اليمن موازين الاقتصاد الصهيوني

محمد عبدالمؤمن الشامي

 

 

في السابع من أكتوبر، تغيّر مسار التاريخ، وسقط القناع عن الكيان الإسرائيلي الذي طالما تباهى بقوة جيشه واقتصاده. في ساعات قليلة، انهارت أسطورة “الكيان الإسرائيلي القوي”، وتحول اقتصاده الذي كان يُسوّق كـ “معجزة الشرق الأوسط” إلى هيكل هشّ يتخبط في أزماته. لكن المفاجأة الكبرى، التي لم يكن الكيان الإسرائيلي مستعداً لها، جاءت من اليمن، البلد الذي حسم المعادلة الاستراتيجية، وأمسك بمفتاح باب المندب ليضع الاقتصاد الإسرائيلي في حالة خنق قصوى لم يعرفها من قبل.
ما بعد 7 أكتوبر لم يكن كسابقه. فجأة توقفت عجلة الإنتاج، آلاف جنود الاحتياط غادروا مصانعهم وشركاتهم للقتال، فخسر الكيان الإسرائيلي أيد العمل وأعمدة اقتصاده في آن واحد. مليارات الدولارات استنزفت يومياً على حرب مفتوحة بلا أفق، فيما انسحبت الاستثمارات الأجنبية وتراجعت الثقة بالعملة المحلية إلى مستويات لم يشهدها الاقتصاد الإسرائيلي من قبل. العالم كله بدأ يدرك أن الكيان الإسرائيلي، الذي اعتُبر دولة قوية، ليس سوى هيكل هش قاب قوسين من الانهيار.
القطاع التكنولوجي، الذي شكل قاعدة الابتكار الاقتصادية، تلقى ضربة موجعة. الشركات الناشئة أغلقت أبوابها، الخبراء غادروا، والمستثمرون هربوا. السياحة، التي كانت تضخ مليارات الدولارات، توقفت بالكامل، بعدما تحولت المدن إلى ساحات حرب والفنادق إلى مراكز إيواء للنازحين.
لكن الضربة الحاسمة لم تأتِ فقط من الداخل، بل من البحر الأحمر حيث يقف اليمن على مفترق طرق التاريخ. السيطرة اليمنية على باب المندب تحوّلت إلى سلاح اقتصادي استراتيجي. هذا المضيق ليس مجرد ممر بحري، بل شريان حياة يمر عبره النفط والغاز والتجارة نحو موانئ الكيان الإسرائيلي. اليمن اليوم يمسك بخيوط الاقتصاد الإسرائيلي ويسيطر على شريان حياته التجاري، ليجعل كل حركة استيراد أو تصدير مكلفة وصعبة، وكل لحظة تمر تزيد من أزماته.
اليمن لم يكن طرفاً عابراً، بل فاعلاً مركزيًا في قلب المعركة. من صعدة إلى باب المندب، ومن البحر الأحمر إلى العمق الفلسطيني، أعلن اليمن أنه حاضر بقوة في المعادلة الاستراتيجية، وأن معركته ليست مجرد تضامن، بل هدفها قلب موازين القوة. بهذا الموقف، أثبت اليمن أن الكيان الإسرائيلي لا يواجه مقاومة في غزة فقط، بل محوراً متكاملاً يطوقه من البر والبحر، ويستنزف اقتصاده بلا رحمة.
اليوم يترنح الكيان الإسرائيلي بين انهيار الثقة بالاقتصاد وهروب المستثمرين، وبين نزيف الاحتياطي النقدي وتراجع قيمة الشيكل، وبين الرعب الأكبر: أن يتحول باب المندب إلى كابوس دائم يقطع أنفاسه الاقتصادية ويمنعه من التنفس في محيطه الإقليمي والدولي. لم تعد الأزمة مجرد مسألة مالية، بل أصبحت اختناقاً استراتيجياً طويل الأمد، مصدره اليمن الذي أصبح لاعباً إقليمياً لا يمكن تجاوزه، وحافظاً على خط حياة الكيان الإسرائيلي الاقتصادي تحت ضغط مباشر ومستمر.
الشعب اليمني، بصموده وإرادته، أرسل رسالة للعالم أن معركة فلسطين ليست مجرد حدود جغرافية، بل معركة وجود أمة بأكملها. بهذا الموقف قلب اليمن الطاولة على الكيان الإسرائيلي، وأثبت أن السيطرة على الممرات البحرية أكثر فعالية من أي صاروخ في شل الاقتصاد الإسرائيلي وتحويله إلى رهينة.
ما يعيشه الكيان الإسرائيلي اليوم هو بداية النهاية، ليس عسكرياً أو سياسياً فحسب، بل اقتصادياً بالدرجة الأولى. الاقتصاد الإسرائيلي بات رهينة المقاومة في غزة، وضغط لبنان، وسيطرة اليمن وباب المندب. مع كل يوم يمر، يتضح أن السابع من أكتوبر لم يكن مجرد عملية عسكرية كبرى، بل كان الزلزال الذي فتح شقوق الانهيار الاقتصادي، وأن اليد اليمنية التي تمسك بباب المندب هي الركيزة الحاسمة التي تعجّل سقوط الكيان الإسرائيلي إلى الهاوية.
اليمن اليوم ليس طرفاً ثانوياً، بل القوة التي تعيد رسم الخريطة الاستراتيجية، والباب الذي يخنق اقتصاد الكيان الإسرائيلي، والضاغط الأكبر الذي يثبت للعالم أن كل قوتهم العسكرية لن تنقذهم من محور متماسك يُحاصرهم من البر والبحر، ليقترب الكيان الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى من لحظة السقوط النهائي.

قد يعجبك ايضا