القبيلة اليمنية.. قلب المعركة

سند الصيادي

 

في لحظة تاريخية فاصلة، تشهد وتساهم في صُنع تحولاتها اليمنُ العظيم، تعود القبيلة اليمنية لتؤكّـد من جديد أنها ليست مُجَـرّد كَيان اجتماعي تقليدي، بل هي العمود الفقري لليمن، وأبعد من ذلك للأُمَّـة، وحصنها المنيع، ودرعها المتين.. فالمشهد الذي تعيشه الساحات اليمنية اليوم، من لقاءات حاشدة وتحشيد شامل، ليس وليد اللحظة، بل هو امتدادٌ طبيعيٌّ لإرثٍ عريقٍ من الشجاعة والنخوة والإباء، تجسده القبيلة اليمنية عبر آلاف السنين.

وفي وقفاتِ النكف، تفاعُلًا إيجابيًّا مع مستجدات الأحداث، وتقديم القبيلة نفسَها حاضرةً في ذروة هذا الصراع، بجاهزية عالية لمواجهة أي عدوان في أية جولة قادمة من الصراع مع العدوّ الصهيو-أمريكي وأعوانه، وبالتفويضِ المطلَقِ للسيد القائد في جميع خياراته الاستراتيجية، ومعاهدة الشهداء الأبرار بالسير على خُطَاهم، وبمواصلة عملياتِ الحشد والتعبئة في مواجهة العدوان.

ما نشهدُه اليوم ليس مُجَـرّد استجابة لتهديدٍ عابرٍ، بل هو يقظةٌ شاملةٌ تعكسُ وعيًا متَّقدًا بخطورة المرحلة وطبيعة الصراع.

لقد تجاوزت القبيلة اليمنية منطق رد الفعل إلى فضاء صناعة الأحداث، حَيثُ أصبحت قوة فاعلة في المعادلة الإقليمية، وباتت تدرك أن معركة اليمن جزء لا يتجزأ من المعركة الكبرى لأمة الإسلام ضد مشروع الهيمنة الصهيو-أمريكي.

لم يعد دور القبيلة مقتصِرًا على الدفاع عن الجغرافيا اليمنية، بل امتد ليشمل حماية المقدسات الإسلامية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى، كالتزام أخلاقي وديني تجاه قضايا الأُمَّــة، ورسالة واضحة بأن اليمن، بقبيلته وجيشه وشعبه، لن يتخلى عن دوره التاريخي في نصرة المظلومين.

هذا الوعي الذي يتجلى في تلك الوقفات القبلية الممتدة من صعدة إلى الضالع، ليس شعارًا عابرًا، بل هو تعبير عن رؤية استراتيجية متجذرة، تضع القبيلة في قلب المواجهة، لا كأدَاة دفاع فحسب، بل كلاعب رئيسي في تحديد مآلات الصراع.

تكمن خصوصية التجربة اليمنية في التلاحم الفريد بين القبيلة والقيادة والجيش والأمن.. مزيجٌ تاريخيٌّ حوّل ساحات التدريب إلى منابر للعزة، وميادين القتال إلى مساحات للتضحية والفداء.

إنه تلاحم يجسد الوحدة العضوية بين الشعب ودولته، بين المجتمع ومشروعه الحضاري.

وما محاولات الاختراق والتفكيك التي قادتها أدوات العدوّ إلا محاولة بائسة لتفكيك هذا النسيج، تحطمت جميعها أمام صخرة الصمود اليماني، وفشلت كُـلّ حروب الناعمة والخشنة في كسر إرادَة القبيلة، بل زادتها صلابة وتماسكًا.

القبيلة اليمنية -بشبابها الأبطال، وشيوخها الحكماء، ونسائها الصابرات- تقدم نموذجًا فريدًا في المقاومة والصبر.

والمشهد الحاصل في اليمن عُمُـومًا يقدم للعالم دروسًا عظيمة: أن قوة الشعوب لا تُقاس بحجم ترسانتها العسكرية، بل بصلابة إرادتها وصدق عقيدتها، وأن التاريخ لا يصنعه الأقوياء وحدَهم، بل يصنعه الصامدون ذوو الإيمان الراسخ.

إن هذه التركيبة اليمنية المتجانسة، بإرثها التاريخي ووعيها المعاصر، تثبت أنها ليست جزءًا من الماضي، بل هي قاطرة المستقبل.

وسيبقى اليمن -كما كانت عبر العصور- صرحًا شامخًا تتكسر عليه مؤامرات الأعداء، وشعلة مضيئة في طريق التحرّر، ودرع الأُمَّــة المتين، وسندها الأقوى.

ولدينا اليومَ قيادةٌ مؤهَّلةٌ تقودُ اليمنَ نحو حريته واستقلاله ورفع رايته عاليةً خفَّاقةً في سماء العزة والكرامة.

 

قد يعجبك ايضا