بيع رخيص للمواطن في سوق السياسة!!

■ تحقيق/عبدالله الخولاني –
أم محمد التي تبحث عن فضلات الطعام في براميل القمامة لإطعام أولادها الأربعة لا تكترث لما يقوله السياسيون من مكايدات ضد بعضهم بل كما تقول هم سبب ما وصلنا إليه وحساباتهم هي من جعلتنا نقتات من براميل القمامة نحن نبحث عن لقمة العيش وهم يقتسمون الكراسي والمناصب والمواطن له الله.
بهذه الكلمات شخصت أم محمد معضلة 15مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر يفتقرون لأبسط مقومات الحياة ويشكون من شطف العيش وجور السياسة ونقمتها ومع ذلك لازال ساستنا مثل النعام يدفنون رؤوسهم في التراب وكأن الأمر لا يعنيهم.

شبع المواطن اليمني وهرم من السياسة التي لم تجلب له سوى الخراب والدمار والفقر والبؤس, فهو يبحث عن فرصة العمل ولقمة العيش وغير ذلك هو من باب الترف .
اليوم معدلات الفقر تجاوزت الحدود الآمنة وأصبح أكثر من نصف الشعب اليمني فقراء و50%من شبابه عاطلين عن العمل و7ملايين شخص ممن هم في سن التعليم خارج قطاع التعليم حقائق تبكي القلب دما ورغم ذلك لم نحرك ساكناٍ وندق ناقوس الخطر بل يصر ساستنا على هدم ما تبقى من آمل.

الفقر
تعود الأزمة الإنسانية في اليمن بالدرجة الأولى إلى الفقر المستوطن والافتقار الطويل إلى التنمية والحكم الضعيف والضغط البيئي والكثافة السكانية واستمرار عدم الاستقرار والصراعات السياسية. كما أن انهيار الخدمات الأساسية عقب الاضطرابات السياسية أغرق البلاد في أزمة إنسانية حادة وجعل أكثر من 54? من اليمنيين تحت خط الفقر ونتيجة لذلك فإن الأسرة المتوسطة تنفق نحو 60? من دخلها على الطعام. وقد أصبح الفقر والافتقار إلى سبل العيش المستدام والحصول على الدخل جميعها تمثل عقبات رئيسية في بناء قدرات مواجهة الكوارث في اليمن.

النمو الاقتصــــادي
اتسم أداء معدلات النمو الاقتصادي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عامة والناتج المحلي للقطاعات غير النفطية خاصة خلال (2001-2010م) و (2011-2014م) بالتواضع وبعدم التمكن من تحقيق معدلات النمو المستهدفة وتباينها بين سنة وأخرى وعدم استدامتها وكذلك عدم قدرتها على التخفيف من الفقر وخلق فرص عمل. ومن ناحية أخرى تواصلت الاختلالات الهيكلية العديدة في الهيكل الانتاجي للاقتصاد اليمني وفي مقدمتهاº استمرار غلبة مساهمة القطاعات الاقتصادية التقليدية التي يحكم أداءِها عوامل خارجية كالنفط والغاز أو طبيعية كالزراعة والأسماك إلى جانب استمرار هيمنة القطاع النفطي على الاقتصاد اليمني.
فقد حقق كل من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية متوسطي نمو 4.1% و 5.3% خلال الخطة الخمسية الثانية (2001-2005) مقابل 5.6% و 8.0% على التوالي معدلي النمو المستهدفة. وبلغت معدلات النمو خلال الفترة 2006-2010م على التوالي 4.4% و 7.2% كمتوسط سنوي في مقابل متوسط معدلي النمو المستهدفين (7.1% و 10% ). وينطبق الأمر نفسه بالنسبة لمتوسط معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي النفطي الذي حقق نمواٍ سالباٍ يقدر بــ (9%) تقريباٍ خلال الفترة 2006-2010م مقارنة بمتوسط معدل النمو الموجب المستهــــــــدف 10.6 % و2%خلال الفترة 2011-2014م كذلك فإنه رغم التحسن النسبي الذي حققته القطاعات غير النفطية من خلال ارتفاع مساهمتها النسبية في هيكل الناتج المحلي الإجمالي من 68.8%عام 2006م إلى 81.5% عام 2009م إلا أن متوسط مساهمتها النسبية ظلت كما هي (72.1%) خلال الفترة 2001-2005م مقارنة بـ 72.6% خلال 2006-2010م لتتراجع بعد ذلك إلى 60,2% خلال الفترة 2011-2014م الأمر الذي يشير إلى أن التحسن النسبي الذي حققـته هذه القطاعات يرجع بصورة أساسية إلى الأثر الكبير للطلب الاستهلاكي النهائي بشقيه (الخاص والعام) في حفز النمو الاقتصادي وبالذات في القطاعات غير النفطية إضافة إلى تراجع كميات انتاج النفط الخام وكذلك إلى الأعمال والأنشطة التي ارتبطت بأنشاء مشروع إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي.
وخلال نفس الفترة كان أداء الاستثمار (العام والخاص) متواضعاٍ وضعيفا إذ بلغ متوسط معدل نموه السنوي4.2% ومتوسط نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي25.2% حيث هيمنت استثمارات القطاع الخاص بصورة غالبة وبنسبة50.2% كمتوسط من الاستثمار الإجمالي وذلك رغم تدني متوسط نمو الاستثمار الخاص (1.2%) خلال هذه الفترة بسبب تحقيقه معدلات نمو سالبة خلال عامي 2009 و 2014 بلغت24.2% في المتوسط. في المقابل بلغت مساهمة الاستثمار العام كمتوسط حوالي 36.8% من الاستثمار الإجمالي ومتوسط معدل نموه السنوي2.3%.
وتشير بيانات استثمارات القطاع الخاص إلى ضعف استجابة هذا القطاع مقارنة بحجم وتعدد وتنوع الإصلاحات التي تمت خلال الفترة الماضية وبالتالي عدم تمكنه حتى الآن من استلام دفة قيادة الاقتصاد الوطني وعدم تمكنه من ملأ الفراغ الذي نتج عن تراجع الدور الاقتصادي والإنتاجي والاجتماعي للدولة ويشير ذلك إلى استمرار حساسية الاقتصاد اليمني لأية تغيرات طبيعية مثل كمية هطول الأمطار أو فنية داخلية مثل تذبذب كميات إنتاج النفط الخام أو خارجية (أسعار النفط في الأسواق العالمية) وكذلك ضعف استجابة القطاعات الاقتصادية (الإنتاجية والخدمية) غير النفطية للسياسات والإجراءات الإنمائية والاستثمارية والمالية خلال الفترة الماضية وبالتالي عدم قدرة الاقتصاد اليمني في ظل هذه الأوضاع على تحقيق معدلات النمو الاقتصادي التي تساهم في التخفيف من معدلات الفقر أو خلق فرص عمل جديدة للعاطلين والداخلين الجدد لسوق العمل.

الموازنة العامة
تستمد الموازنة العامة أهميتها من كونها تشكل الأداة الأساسية والأهم للحكومات لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التنموية بما في ذلك حفز النمو الاقتصادي والمساهمة في إيجاد فرص العمل الجديدة وفي تحقيق العدالة الاجتماعية. وبالنسبة لليمن تحتل الموازنة العامة أهمية خاصة باعتبارها من الدول الأقل نمواٍ التي تحتاج إلى توجيه النفقات العامة لتحسين المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية المتدنية والضعيفة وإلى تعزيز وإنشاء سلع وخدمات البنية الأساسية. ومن ناحية أخرى تشكل الموازنة (30-35) من الناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي يجعلها محركاٍ أساسياٍ لحفز الأنشطة الاقتصادية المختلفة بما في ذلك أنشطة القطاع الخاص. وفي نظام السوق الاجتماعي تعتبر الموازنة العامة الأداة الرئيسية لتحقيق الرعاية والرفاه الاجتماعي للمواطنين كما تؤدي السياسة المالية (مع السياسة النقدية) دوراٍ هاماٍ في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بما في ذلك المساهمة في استقرار سعر الصرف والحد من ارتفاع معدلات التضخم ونظراٍ لأن النفقات الجارية تعتبر نفقات حتمية في الغالب الأمر الذي يحد من إمكانية الحد منها وتخفيضها فإنه يتم اللجوء إلى تخفيض النفقات التنموية والاستثمارية وكل ذلك ينعكس بآثاره السلبية على عملية التنمية وكذلك على جهود الدولة للتخفيف من الفقر والحد من البطالة. وتتمثل النتيجة لكل ما سبق في صعوبة الحفاظ على استقرار واستدامة الموازنة العامة في الأجلين المنظور والمتوسط الأمر الذي يشكل أحد التحديات الاقتصادية الهامة والأساسية للاقتصاد اليمني.
وعلى الرغم من الآثار الاقتصادية والمالية السلبية الواسعة لاستمرار دعم المشتقات النفطية وخاصة مادة الديزل وتزايد نفقاته إلا أن الإصلاحات السعرية لا تشكل سوى إجراء واحد من إجراءات عديدة ينبغي اتخاذه في إطار حزمة شاملة للإصلاحات. كما أن نجاح الإصلاحات السعرية واستدامة واتساع آثارها الإيجابية يتطلب بالضرورة شمولية السياسات والإجراءات التي تساهم في تحقيق هذه الاستدامة والاتساع.

تراجع
وبحسب الخبير الاقتصادي أحمد حجر فإن هناك تراجعاٍ كبيراٍ في مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان حيث يتوقع انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل المتاح الحقيقي عام 2014م عن عام 1995م بما نسبته (15.6%) وعن عام 2000م بما نسبته (37%) وعن عامي 2005و2010م بما نسبته (34%) و (31%) على التوالي وهذا ما عكس نفسه في ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر العام من (34%)عام 2005/2006م إلى نحو (43%) عام 2010م وبعد أحداث 2011م ارتفع إلى نحو (54.4%) ويتوقع بلوغه عام 2014م إلى نحو (56%) وذلك راجع إلى تدني معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ظل استمرار ارتفاع معدل التضخم وهذا ما عكس نفسه على مستوى معيشة السكان وتفشي ظاهرة البطالة وبالأخص بين الشباب وبلوغها مستويات مرتفعة قاربت (35%). كما أن هناك فشلاٍ لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري والذي بدأت الحكومة في تنفيذه عام 1996م وعلى مدى (18) عاماٍ من تحقيق أهدافه الرئيسية المعلنة من قبل الحكومة وهي تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي وبالتالي رفع مستويات الدخول وفرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية والعامة وهذا ما جعل المجتمع يتحمل أعباء ضخمة نتيجة تنفيذ الحكومة حزمة سياسات الإصلاح الاقتصادي على مدى (18) سنة وبالأخص ما تعلق منها بسياسات تحرير الأسعار ورفع رسوم الخدمات الحكومية ودعم السلع الأساسية والمشتقات النفطية…الخ دون تحقيق أي من تلك الأهداف وهذا ما جعل المجتمع يفقد ثقته في كفاءة الحكومة وواقعية السياسات التي تنفذها في هذا المجال وكذلك تفشى ظاهرة الفساد بمختلف صوره وعلى كل المستويات وفي معظم أجهزة الدولة الرسمية وفي القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني أيضاٍ وهو ما نتج عنه زيادة التفاوت في توزيع الدخول والثروة بين فئات المجتمع ومنافع التنمية بين مناطق الجمهورية والعبء الضريبي وتكاليف التنمية بين طبقات المجتمع أيضاٍ.

فشل
ويؤكد حجر أن فشل الحكومة في تحقيق الحد الأدنى من الأهداف الأساسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي وما تلاه من خطط واستراتيجيات وبرامج اقتصادية وبالأخص ما تعلق منها برفع مستوى معيشة المجتمع والسيطرة على معدلات التضخم والبطالة وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفساد هذا إلى جانب عدم ثقة المجتمع في مصداقية الحكومة في معالجة تلك الاختلالات والصعوبات على الأمد المتوسط وضعف مشاركة القوى الحقيقية في اتخاذ القرارات الحكومية الهامة لهي السبب الرئيسي لرفض المجتمع لسياسية الحكومة بتصحيح أسعار المشتقات النفطية وليس لهذه السياسات في حد ذاتها والتي لو نفذت في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية أخرى لربما تقبلها المجتمع.

قد يعجبك ايضا