لا أخال أحدا من سكان هذا الزمان – رئيسا كان أم مرؤوسا، عربيا أو أعجميا، مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، أو حتى وثنيا – سيكون بمنأى عن سؤال ملك الملوك عن موقفه ودوره وجهده في التصدي لجريمة قتل شعب غزة بالجوع والعطش.
-سيُسأل الناس قبل القادة والحكّام وأصحاب القرار وسيتم استجوابهم فردا فردا عن موقف مفترض لم يُسجل، عن تفويت دعوة صادقة بخضوع وخشوع وإحساس في جوف الليل، عن شعور سلبي أو إيجابي اختلج الوجدان.. سنسأل جميعا عن الأهوال التي يعيشها أطفال ونساء غزة، عن البطون الخاوية، عن دمعات مسكوبة، وصرخات مكلومة، ودماء مسفوحة، واستغاثات ألم لا تتوقف، ونداءات حرّى لم تلامس الأسماع والقلوب والألباب.
-كلٌ سيجد العقاب والجزاء حسب تقصيره ومستوى تأثيره وإمكانياته، فما جرى ويجري في قطاع غزة اختبار رباني عسير للعالم بأسره ولن ينجو أحد من تبعاته وويلاته.
-شذّاذ الآفاق من القتلة والسفاحين والمتطرفين الصهاينة يقتلون الملايين من البشر في غزة بالحصار والتجويع ثم يظهرون في وسائل إعلامهم يضحكون ويسخرون من صور الهياكل العظمية للأطفال المجوعين وأمهاتهم، ويزعمون أنهم ليسوا بشرا..
-أعادت قناة الجزيرة قبل يومين مقاطع من برامج سياسية أذاعتها قنوات عبرية بمشاركة سياسيين ومحللين وإعلاميين صهاينة وقد علق الكثير منهم في أحد هذه البرامج على صورة السيدة الفلسطينية التي تحتضن طفلتها وهي تصارع بين يديها نزعات الموت الأخيرة بسبب الجوع، أن هذه السيدة ليست أمّاً وإنما امرأه ابتلعت طعام طفلتها في كرشها البدين وعلق آخر أنها التهمت خروفا وتركت رضيعتها تموت جوعا قبل أن ينفجروا بقهقهتهم.
-كل مشاهد الموت والجوع والخبز الملطخ بالدم لم تحرك ضمائر الكثيرين حول العالم ولا حتى أحداً من إخوة الدين والنسب ولم يستطع أن يقول أحدهم كفى، حتى الأزهر الشريف – وهو أعلى هيئة دينية في العالم الإسلامي “السنّي” – استكثر على ثلاثة ملايين فلسطيني معرضون للموت جوعا، بياناً صحفياً لا يسمن ولا يغني من جوع أصدره يوم الثلاثاء الماضي وسارع إلى حذفه بعد دقائق فقط من نشره وقد أكد فيه ان ما يحدث في غزة جريمة إبادة جماعية وان الكيان يقتل الأبرياء بدم بارد وان من يسكت على هذه الجريمة هو شريك فيها، وإذا به أول من يسكت أو يُجبر على الصمت -لا فرق- قبل أن يستعيض عن بيانه “الراحل” وبعد أربعة أيام كاملة بتضامن غريب أعلن فيه إلغاء المؤتمر الصحفي المخصص لإعلان نتائج الثانوية الأزهرية هذا العام وتعليق المكالمات الهاتفية التي يجريها “الإمام الأكبر “الدكتور أحمد الطيب لتهنئة الأوائل تضامنا مع أهل غزة.
-علماء لامة قبل غيرهم سيلاقون مصيرا أليما جراء هذا الصمت والخذلان وسيطالهم الخزي في الحياة الدنيا وسيردون الى أشد العذاب، أما البقية الباقية ف”لكل أمرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم”.
-على المستوى الشخصي أسأل الله العلي العظيم أن يتقبل منا ما نكتب ونصيح به ونهتف ونناشد، فذلك أقصى ما نستطيع ولعله سبحانه وتعالى أن يعدّه عملا صالحا يحمينا ويقينا هول ذلك اليوم الذي “لا ينفع فيه مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم” .