سارعوا إلى تحصين أطفالكم في الحملة قبل فوات الأوان


فواجع كبيرة واسعة وأطفال بريئون لا حيلة لهم يروحون ضحايا مرض نعرفه ونحتاط له لكن البعض لا يحسن حماية أطفاله منه مع أن الوقاية عبر التحصين منه ممكنة بل ومؤكدة.
إنه داء الحصبة.. أحد الأمراض الفيروسية الشائعة المنتشرة وأكثر أمراض الطفولة القاتلة التي يتم التحصين ضدها إحداثاٍ للوفاة يسببه فيروس سريع العدوى يْحدث أعراضاٍ معروفة لكنها يمكن أن تسوء وتسوء فيدخل بذلك المريض في مرحلة مضاعفات شديدة تشكل خطراٍ على حياته.
ولما يتصف به فيروس الحصبة من خطورة مرضية وتسببه في الكثير من الوفيات بين الأطفال أعتبره بالأساس مرشحاٍ لاستهدافه بالاستئصال بعد شلل الأطفال فالقضاء على مرض الحصبة خطوة مرحلية متقدمة وأقر القضاء عليه هدفاٍ إقليمياٍ بحلول عام 2020م.
ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن الحصبة أشد ضراوة وعنفواناٍ وأكثر تسبباٍ للوفيات بين جميع أمراض الطفولة القاتلة التي يؤمن التحصين وقاية منها وفي معظمها تحدث للأطفال أقل من خمس سنوات أو البالغين إذ تكمن المشكلة الأساسية لنشوء مضاعفات هذا المرض في أن الإصابة الحادة وهي- بحد ذاتها- تضعف المناعة وخاصةٍ خلال الأشهر الثلاثة التالية للإصابة ولعل أبرز هذه المضاعفات- على سبيل المثال لا الحصر- تعتيم القرنية والإصابة بالعمى أو إصابة الجهاز السمعي الذي قد يؤدي إلى الصمم.
وأيضاٍ: الالتهاب الدماغي الشوكي (التهاب أنسجة الدماغ كالمخ وأنسجة الحبل الشوكي أو النخاعي) والتهاب عضلة القلب والتهاب الكبد.
بالإضافة إلى الالتهابات التنفسية الشديدة من جراء ضعف مناعة الجسم الذي تقود إليه حدة الإصابة بالحصبة والتي تشمل(الالتهاب الرئوي الحاد التهاب الأذن الوسطى الإسهال الحاد والجفاف الناجم عنه).
تجدر الإشارة إلى أن هناك مضاعفات يمكن أن تظهر بعد فترة من الإصابة بمرض الحصبة تصل أحياناٍ إلى (10سنوات) مثل التهاب الدماغ التصلبيُ الشامل تحت الحاد الذي يْعد انحلالياٍ يصيب الجهاز العصبي المركزي ويتميز بتغير السلوك والتخلف العقلي والصرع.
في حين ترتبط مضاعفات مرض الحصبة الألمانية بالجنين في بطن أمه ذلك لأن الفيروس المسبب لهذا المرض يمكنه الانتقال إلى الجنين من خلال الحبل السري لاسيما في الأشهر الثلاثة الأولى للحمل مما قد يؤدي إلى الإجهاض وموت الجنين أو أن الإصابة تقود بالطفل المولود لأمُ أصْيبت أثناء حمله إلى المعاناة من تشوهات خلقية مختلفة (متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية) ولعل أبرزها حدوث تشوهُ في القلب أو تشوهات تقود إلى إعاقة سمعية أو بصرية أو إلى الإصابة بمرض التوحد أو داء السكري أو اعتلالات الغدة الدرقية وما إلى ذلك من حالات الإعاقة الجسدية أو الذهنية أو العقلية التي تستمر- بطبيعة الحال- مدى الحياة.
كما أن الوضع الراهن الذي يمر بها اليمن في ظل انتشار فيروس شلل الأطفال في دول الجوار الأفريقي وبعض دول المنطقة عدا عن تفشي وبائي الحصبة والحصبة الألمانية قد تجلت معهما أخطاراٍ كبيرة شكلت مصدر تهديد لبلدنابينما الإمكانيات الفنية والمادية المطلوبة متاحةٍ حالياٍ بما يكفل المحافظة على أطفالنا من خلال وقايتهم بالتحصين.
وبالمناسبة يْستهدف مرضا الحصبة والحصبة الألمانية بلقاح ثنائي عضلي جديد ضد المرضين معاٍ وهذا اللقاح المدمج يعطى للأطفال والمراهقين من عمر(9 أشهر-15 سنة)بمعية اللقاح الفموي المضاد لفيروس الشلل لجميع الأطفال دون سن الخامسة وذلك خلال الحملة الوطنية للتحصين ضد أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال المستمر تنفيذها منذ يوم الأحد الماضي(9 نوفمبر) والتي من المقرر أن تختتم يوم الخميس القادم(20 نوفمبر الجاري).
ولا خطورة فيما يخلفه اللقاح من آثار جانبية كالحمى الخفيفة في الأيام الأولى بعد التطعيم والتي يمكن معالجتها بالكمادات الباردة .
وإذا ظهر طفح جلدي خفيف يشبه إلى حدُ ما طفح الحصبة فهو أمر طبيعي لا يستدعي القلق على الإطلاق.
وليكن بالمعلوم أن قطنة مبللة بالماء فقط توضع في مكان الحقن كذلك عند تبريد الموضع ذاته إذا ظهر فيه احمرار.
وليس ثمة أمر يوقف أو ما يمنع تطعيم الأطفال من سن (9 أشهر- 15 عاماٍ) في حملة التحصين ضد مرض الحصبة فجرعة اللقاح تْعطى للمستهدفين في هذه الحملة بغض النظر عما إذا كان أياٍ منهم قد ْطعم ضد هذا المرض مسبقاٍ باستثناء الحوامل ومن تقل أعمارهم عن تسعة أشهر.
كذلك لا موانع تغني عن تحصين جميع الأطفال دون سن الخامسة بلقاح شلل الأطفال.
وعلى كلُ فإن اللقاحين اللذين تقدمهما الحملة لا يْغنيان عن تلك اللقاحات التي يحصل عليها الطفل أثناء التحصين الروتيني وإنما تعتبر جرعة إضافية لتؤكد وتقوي مناعته ضد أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال.
قد يْبدي البعض خوفه على أولاده من اللقاح العضلي لاعتقادهم بأن الحقنة العضلية باباٍ من أبواب جلب المتاعب للأطفال وليس مبرراٍ بل تهويلاٍ غير مقبول فألم إبرة في العضل خير من كارثة يمكن أن تحل على الأم وجنينها بسبب مضاعفات مرض الحصبة الألمانية أو تحل على سائر الأطفال المعرضين للإصابة بالحصبة طالما أنهم لم يْحصنوا ضدها وكلا المرضين يِسفر عنه مضاعفات قد تجعل الأسرة والطفل في ألمُ وحسرةُ مستمرةُ مدى الحياة.
إلى ذلك فإن حملة التحصين الوطنية الحالية ضد أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال ليست من منزلُ إلى منزل وإنما تقتصر على فرق تطعيم ثابتة بالمرافق الصحية والمدارس وبعض المواقع المؤقتة كالمدارس وبعض منازل الوجهاء أو على مقربة منها إذ تساندها فرق متحركة تتخذ مواقع مؤقتة بهدف التسهيل على المواطنين ليصلوا بأولادهم المستهدفين بالتطعيم إلى المراكز والمواقع المختلفة القريبة بأقل قدرُ من العناء دون الاضطرار لقطع المسافات الطويلة.

* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان

قد يعجبك ايضا